صحافة دولية

فورين بوليسي: هذا سيناريو حرب مباشرة بين طهران والرياض

فورين بوليسي: أول حرب سعودية إيرانية سوف تكون معركة عادلة- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للأستاذ المساعد في كلية الدراسات العليا البحرية الأمريكية الأكاديمي أفشون أستوفار، يقول فيه إن سيناريو الحرب السعودية الإيرانية سينتج عنه تعادل بين الطرفين، مشيرا إلى أن كليهما تملكان خبرة مختلفة في العمليات القتالية، سواء في الحرب العراقية الإيرانية، أو الحملة السعودية ضد الحوثيين في اليمن.

ويتحدث الكاتب في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، عن اختيار البلدين، ومنذ عام 2011، أسلوب الحرب من خلال الجماعات الوكيلة في سوريا واليمن، مشيرا إلى أن ذلك يعني أنهما فهما خطورة المواجهة المباشرة بينهما.

ويستدرك أستوفار بأن هذا لا ينفي وجود تصعيد يؤدي إلى إشعال حرب مباشرة، مؤكدا أن مخاطر المواجهة ستزيد مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الخروج من الاتفاقية النووية، حيث "من الصعب التكهن بنتيجة الحرب والفائز، لكن شكلها مرهون بتجربة كل منهما وقدراتهما العسكرية".

ويشير الكاتب إلى أن إيران تملك قوتين عسكريتين؛ الحرس الثوري الإسلامي والقوات النظامية (أرتيش)، المكونة من قوات جوية وبحرية وفروع للقوات البرية، لافتا إلى أن عدد القوات النظامية يقدر بحوالي 350 ألف جندي، وتسيطر هذه القوات على القدرات التقليدية العسكرية الإيرانية، الجوية والبحرية بشكل خاص، أما قوات الحرس الثوري فيصل تعداد عناصرها إلى 125 ألف مقاتل، وتسيطر على الحروب المنسقة، وكذلك برامج الدرون والصواريخ الباليستية في الخارج، ويشرف "فيلق القدس" على العمليات الخارجية والعلاقات مع وكلاء إيران في سوريا والعراق. 

ويلفت أستوفاز إلى أنه فيما يتعلق بالقدرات العسكرية، فإن الترسانة العسكرية الإيرانية تأثرت منذ ثمانينيات القرن الماضي بالعقوبات الأمريكية التي منعتها من شراء التكنولوجيا المتقدمة وتحديث صناعتها، بشكل ترك ترسانتها قديمة وضعيفة، مشيرا إلى أن ميزانية الدفاع الإيرانية لا تزال صغيرة مقارنة بالسعودية، ولم تتجاوز الـ 12.3 مليار دولار عام 2016، وهي جزء صغير من النفقات الدفاعية العسكرية السعودية، حيث تعد الرياض من كبار مستوردي السلاح في العالم، وأنفقت 63.7 مليار دولار عام 2016، و69.4 مليار دولار عام 2017. 

ويقول الكاتب إنه "لهذا يتسم المستوى التكنولوجي الإيراني الدفاعي بكفاءة أقل من التكنولوجيا التي تملكها دول الجوار، فطائراتها قديمة، ومعظهما موروثة من عهد الشاه، مثل مقاتلات (أف-5) و(أف-14 تومكات)، أما القوى المدرعة فهي مزيج غريب من الدبابات الأمريكية الصنع وتلك التي تعود إلى الحقبة السوفييتية، واشترتها طهران من روسيا في التسعينيات من القرن الماضي".

ويبين أستوفاز أنه بسبب عدم قدرة إيران على تحديث قدراتها العسكرية، فإنها استثمرت في أسلحة الردع والصواريخ الباليستية؛ حتى تحتفظ بالتفوق على جيرانها، مشيرا إلى أنها تملك صواريخ أرض- أرض من مختلف الأنواع، مثل ذو الفقار بمدى 435 ميلا، وشهاب- 3 بمدى 994 ميلا، وتستطيع استهداف التجمعات السكانية والمنشآت الحيوية في السعودية.

وينوه الكاتب إلى أن الحرس الثوري استثمر في تطوير أسلحة أقل كلفة، يمكن من خلالها مواجهة الأعداء عبر الحروب المنسقة، وأهمها الأسطول البحري الكبير للحرس المكون من زوارق سريعة متعددة الأحجام، ويمكن تحميلها بمقذوفات صاروخية بحجم 107 ميلمترات، ومدافع ثقيلة، وصواريخ مضادة للسفن، أو يمكن تحميلها بالمتفجرات وتفجيرها على طريقة الكاميكاز ضد الأعداء.

ويفيد أستوفاز بأنه "مقارنة مع القوة الإيرانية، فإن القوة السعودية تتسم بصغر الحجم، لكنها ذات جاهزية عالية، حيث تتبع قواتها البرية والجوية والبحرية وزارة الدفاع، بالإضافة إلى القوات المساعدة: الحرس الوطني، والحرس الملكي، وقوات الحدود التابعة لوزارة الداخلية، بحيث يصل تعداد القوات السعودية إلى 250 ألف جندي تقريبا".

 

ويرى الكاتب أن "قوة السعودية نابعة من سلاح الجو والدفاعات الجوية، وتملك القوات الجوية عددا من مقاتلات (أف-15 سي/ د إيغل) و(أف 15 سترايك إيغل)، ومقاتلات (تورنيدو) المتعددة المهام، و(72 يوروفايتر تايفون)، ولدى سلاح الجو السعودي قدرات مهمة تعتمد على بطاريات باتريوت الأمريكية المتمركزة في المنشآت الحيوية والقواعد العسكرية والتجمعات السكانية، ولديها قدرات صغيرة لكنها نامية من الصواريخ الباليستية، وتملك قوة الصواريخ الاستراتيجية عشرات من الصواريخ الصينية المتوسطة المدى (دي أف-3)، ويصل مداها إلى ما بين (2485 – 3100 ميل)، إلا أن الترسانة العسكرية شيء والكفاءة الميدانية أمر آخر".

ويشير أستوفاز إلى تجارب البلدين في الحروب، حيث "خاضت إيران حرب الثماني سنوات 1980 – 1988، وضد جيش أكثر جاهزية وقوة دعما دوليا، وتعلمت إيران من الحرب هذه النجاة لكنها بعد عام 2011، وعبر حروبها المنسقة التي خاضتها الجماعات الوكيلة في العراق وسوريا، تعلمت التأثير وتطوير قدرات التحكم والقيادة والعمليات المندمجة والقوات البرية، لكن هذه الإنجازات لم تكن لتحدث لولا الدعم الجوي الأمريكي في العراق والروسي في سوريا".

ويقول الكاتب: "تظل تجربة السعودية متواضعة، ولم تكن للجيش خبرة في عام 1991، عندما دعمته أمريكا للسيطرة على رتل من الدبابات العراقية كان متجها نحو الخفجي، وفي عام 2009 تدخلت القوات السعودية ضد الحوثيين في اليمن، وشملت الحملة على قوات أردنية، وربما مغربية، واستمرت عدة أشهر، من قصف مواقع الحوثيين ضد الحدود، ورغم تحقيق الحملة إنجازات قليلة، من مثل استعادة بعض المناطق الحدودية، إلا أن القصف الجوي لم يترك إلا آثارا محدودة على الحملة البرية بشكل عام". 

ويجد أستوفاز أن "هذه الحملة لم تحضر القوات السعودية للعملية الحالية التي تخوضها في اليمن، وكلما طال أمدها نال السعوديون الخبرة، ودون تجاهل مظاهر القلق الأمنية السعودية، أو التقليل من المعاناة الكبيرة التي سببتها الحملة الحالية لليمنيين، فإن الحرب ضد الحوثيين منحت فرصة للطيارين السعوديين لتجربة قدراتهم الجوية والبرية في عمليات قتالية مشتركة، ومع ذلك فإن نجاحات الحملة السعودية لا تزال محدودة، ولم تستطع التقدم في الشمال، وهذا واضح في محاولات السيطرة على العاصمة صنعاء، التي لا تزال في يد الحوثيين، وهناك شكوك حول قدرة السعودية ضرب الأهداف وقدراتها الاستخباراتية والرقابة وعمليات الاستطلاع، خاصة في ظل الحصيلة الكبرى من القتلى المدنيين".

ويقول الكاتب إنه "في المحصلة فكل دولة لديها مكامن قوة وضعف، ففي الوقت الذي تستطيع فيه السعودية السيطرة على الأجواء، فإنه يمكن لإيران التفوق في الحرب البحرية، حيث تملك الغواصات وقوارب زرع الألغام لضرب السفن والزوارق الحربية السعودية، واستهداف العمق السعودي بالصواريخ الباليستية، مع أن نظام صواريخ باتريوت سيقلل من أثر هذه الغارات، لكنه لن يمنع من سقوط صواريخ إيرانية، إن تم إطلاقها بغزارة". 

ويختم أستوفاز مقاله بالقول إن "الحرب السعودية الإيرانية القادمة ستركز على الإضرار بالطرف الآخر وتدفيعه الثمن الباهظ، ورغم تعادل الطرفين، إلا أن أمريكا لن تقف مكتوفة اليدين، وستحاول تعديل الكفة لصالح السعوديين".