سياسة عربية

منظومة السيسي للطرق تغرق في "شبر ميه".. ما الأسباب؟‎

خبراء: منظومة الطرق لم تراع المواصفات الفنية في التصميم أو الإنشاء- تويتر

فشلت البنية التحتية في مصر في احتواء يومين مطر فقط، تساقطت خلالها الأمطار لسويعات قليلة على العاصمة القاهرة وبعض المحافظات الأخرى، وغمرت المياه الشوارع والمنازل، وحاصرت السكان خاصة في بعض أحياء المدن الجديدة، والطرق السريعة.


وكان زعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي وعد في بداية فترة رئاسته الأولى في 2014 بإنشاء ما يسمى بشبكة الطرق القومية، بتكلفة مائة مليار جنيه، وتعهد في 2016 بتحسين شبكة الطرق خلال عام واحد من خلال تخصيص مليارات الجنيهات.


وفي كانون الأول/ ديسمبر 2017، قال السيسي إنه تم إنجاز الكثير على مستوى البنية التحتية في إطار خطة شاملة لتحسين شبكة الطرق، موجها حديثه للمواطن المصري: "أنا بقول لك هعملك شبكة طرق في خلال سنة، تمسك مصر كده، آه أنا بقول".


وفي شباط/ فبراير أعلن وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة، أن موازنة الهيئة خلال العام المالي 2015-2016 ستكون الأكبر في تاريخها، حيث تم رفعها بمقدار 14 مليار جنيه، لتصبح 28 مليار جنيه.


وفي نيسان/ أبريل الجاري أعلن عن رصد أعلى ميزانية في تاريخ هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، بقيمة 85 مليار جنيه مصري.


 وحصد مقطع فيديو تداوله نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من مليون مشاهدة، يظهر امرأة علقت مع أمها وبنتها حتى صباح اليوم التالي على الطريق الدائري بالقاهرة بسبب الأمطار وسوء الأحوال الجوية.

 

 

مشروعات محدودة الأثر


وأرجع أستاذ ورئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية العلاقات الدولية، أحمد ذكرالله، فشل البنية التحتية إلى أن "نظام السيسي كان يبحث عن مجموعة من المشروعات قصيرة الأجل وتنفيذها على عجل باعتبارها إنجازات، وتساعده على إحداث نوع من الرواج والانتعاش الاقتصادي حتى لو كان محدود الأثر، وكلف الدولة الكثير من الديون".


وأصاف في تصريحات لـ"عربي21": "عند مراجعة المشروعات التي تمت طوال الأربع سنوات الماضية نجدها تفتقر للتسكين داخل الخطة الاقتصادية والاجتماعية؛ فبعضها عديم الجدوى الاقتصادية في المرحلة الحالية، وكان يمكن تأجيله لسنوات قادمة، والبعض الآخر كان يمكن الاكتفاء بمرحلة واحدة منه أو الاستغناء عنه كلية خاصة في ظل أزمة عجز الموازنة، وتراكم خدمة الدين التي تبتلع ثلث نفقات الدولة".


ودلل على افتقار مشروعات البنية التحتية للتخطيط بالقول: "إن الكباري الكثيرة التي أقيمت في الفترة الماضية هي الشاهد على هذا السفه في الإنفاق والتخطيط؛ فالكثير منها لم تكن الدولة بحاجة ملحة لها، وكان يمكن استبدالها بمشروعات أكثر احتياجا، خاصة أنها تكلفت مليارات الجنيهات بالاقتراض".

 

 

مسؤولية الجيش 


وحمًل أستاذ التخطيط الاستراتيجي والخبير الدولي، صفي الدين حامد، القوات المسلحة المسؤولية في استمرار فشل منظومة البنية التحتية، قائلا: "مثل هذه الأعمال الإنشائية لا يمكن أن تكون تحت رحمة ما أسميها (شركة القوات المسلحة)، فمن غير المعقول أن تناط كل المشاريع في مجالات الإنشاء والتعمير والمقاولات للهيئة الهندسية للقوات المسلحة"، متوقعا أن "يفشلوا مرة ثانية وثالثة ليس فقط في الطرق إنما في كل المشروعات التي يتصدوا لها".


وأوضح خلال حديثه لـ"عربي21" أن "دخول الجيش على خط المقاولات العامة، وإحلال نفسه محل شركات كبرى ساهمت في بناء مصر والدول العربية من الخليج للمحيط، من خلال إرساء المشروعات بالأمر المباشر ينذر بوقوع كوارث جديدة، وما حدث يُضعف مصر اقتصاديا دون جدال؛ لأن تهميش تلك الشركات سيقزم تواجدها، ويقلص قوتها، ويُضعف خبراتها، ويمحو تاريخها".

وقال إن أحد أهم الأسباب في تكرار الفشل، هو عدم وجود رقابة على الجيش، سواء كان يخسر حربا أو يفشل في مشروع؛ بسبب القوانين المعيبة التي لا تسمح بمساءلة هؤلاء أو محاسبتهم، أو توجيه اللوم لهم، أو معاقبة المقصر منهم.

 

وتوقع أستاذ التخطيط الدولي، أن تمر المشكلة مرور الكرام، مضيفا: "لدينا برلمان مزيف، قد ترى منه مسرحية هزلية عن المطالبة بمحاسبة المقصرين، وينتهي الأمر بتقرير بائس وتعيس، وربما تحميل المسؤولية لبعض الموظفين الصغار، والمقاولين من الباطن".

 

 

 

— Novy? (@Novytique) 24 April 2018

 

 

 

 

فساد المنظومة

 

وقال الخبير الاقتصادي، محمد رزق، لـ"عربي21": "لن نقول عليها بنية تحتية لأنها مجرد طرق تم إنشاؤها في عجالة شديدة؛ لتحقيق عدة أهداف، أولها ترسيخ وجود السيسي في سدة الحكم كقائد، وثانيهما وأهمهما السبوبة (تحقيق مكسب سريع) التي دخلت إلى بُطُون جنرالات العسكر، وذلك بإسناد المناقصات لمقاولين من القطاع الخاص من الباطن وجني الأرباح لحسابهم الشخصي".


وأضاف: "وأخيراً لطمس معالم مِنَح الخليج السخية بدفنها في مشروعات يتصورها البعض أنها مشروعات ذات قيمة مضافة للاقتصاد المصري ولكنها في حقيقة الأمر ليس لها أي مردود يذكر بخلاف جني الجيش لرسوم مرور "كارتة" يومياً ما يسمح للجيش بالتواجد على الطرق لمراقبة حركة النقل والتصدي بسرعة لأي فعل قد يناهض النظام الحاكم في الحال".


وتابع: "لذا فتلك الطرق لم تراع المواصفات الفنية في التصميم أو الإنشاء أو قل تم التغاضي عنها لسبب أو لآخر فكانت الكارثة التي شاهدناها بأعيننا".