سياسة عربية

ما أهمية العلاقات الدبلوماسية لإسرائيل أمام عمليات الاغتيال؟

صحيفة ماليزية تتحدث عن وقوف الموساد وراء اغتيال العالم البطش- جيتي

أثارت عملية اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش في ماليزيا السبت الماضي وما رافقها من اتهامات لجهاز الموساد الإسرائيلي بالوقوف وراءها تساؤلات حول إسقاط إسرائيل العلاقات الدبلوماسية من حساباتها لصالح التخلص من الأهداف التي تراها تهديدا لها.

وعلى الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين إسرائيل وماليزيا في حادثة اغتيال الشهيد البطش إلا أن تل أبيب سبق أن تجرأت وفضلت تنفيذ مخطط اغتيال بغض النظر عن أهمية العلاقة الدبلوماسية التي كانت تربطها بالأردن حين حاولت اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس عام 1997 خالد مشعل.

ويرى مراقبون أن إسرائيل تسقط العلاقات الدبلوماسية وتمضي بعيدا في حال أرادت التخلص من شخصية ما ترى أنها تشكل "خطرا على أمنها".

التضحية بالعلاقات

المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر قال إن إسرائيل تضع نقطتين هامتين في اعتبارها قبل تنفيذ عمليات الاغتيال وهما العلاقة مع الدولة التي سيجري على ساحتها الاغتيال والأمر الاخر أهمية الشخصية المستهدفة.

وأوضح أبو عامر لـ"عربي21" أن مدى أهمية الشخصية المستهدفة يحدد إلى أي مدى يمكن أن تذهب إسرائيل بعلاقتها مع الدولة التي يتواجد فيها.

ولفت إلى أنه في حال كان الهدف يمثل "خطورة كبيرة على الأمن الإسرائيلي فإن تل أبيب يمكن أن تضحي بتلك العلاقة مقابل التخلص منه".

وشدد على أن الحسابات تتخذ للخروج بأقل الأضرار وتفضل إسرائيل عادة تنفيذ عمليات اغتيال في دول لا ترتبط بعلاقات معها مثلما حصل في عملية اغتيال الشهيد محمود المبحوح في دبي والشهيد فادي البطش بماليزيا.

ورأى أن محاولة اغتيال مشعل في عمان كانت مثالا على مخاطرة إسرائيل في العلاقات الدبلوماسية مقابل التخلص من الشخصية المستهدفة لكن أبو عامر في المقابل قال إن العملية كانت ستجري وفق المخطط له بدون كلفة لولا انكشاف الفاعلين واعترافهم رسميا.

وأضاف: "حينها اضطرت تل أبيب لدفع ثمن باهظ لم يكن بحسبانها للحفاظ على اتفاقية السلام مع الأردن" لكنه شدد على أن كفة الهدف دائما ترجح لدى الإسرائيليين.

وفي الوقت ذاته أشار أبو عامر إلى أن بعض الدول "تتواطأوا" مع إسرائيل في تنفيذ العمليات مثلما حصل مع الأسير ضرار أبو سيسي والذي اختطف من أوكرانيا بعلم السلطات وظهر بشكل مفاجئ في أحد سجون الاحتلال.


القوة تفرض نفسها

بدوره اعتبر الخبير في الشأن الإسرائيلي محمد مصلح أن إسرائيل تهتم بالدرجة الأولى من أجل حماية مستقبلها بعنصرين هما الذكاء والتطور التقني والعنصر الآخر استهداف الأخطار المتحركة القريبة والبعيدة والتعامل معها حسب درجة الخطورة.

وقال مصلح لـ"عربي21" إن الاغتيالات معركة قديمة تخوضها إسرائيل ضد كل العناصر المتفوقة وترى انها تشكل خطرا كبيرا عليها سواء داخل كيانها أو خارجه وتأتي الحسابات الدبلوماسية بعد ذلك.

وأضاف: "القومي يفرض طبيعة العلاقات مع الآخرين وإسرائيل اعتادت إسقاط الحسابات السياسية وانتهاك سيادة الدول لتتفيذ اغتيالاتها وهي تتكىء على الحليف الأمريكي لإجبار الآخرين على الصمت في حال فعلت ذلك".

لكن مصلح أشار إلى أن بعض الدول ولارتفاع مستوى الحساسية لديها من تنفيذ عملية على أراضيها مثل تركيا فإنها ربما تلجأ للاستعانة بطرف ثان لتنفيذ خططها تجنبها لوقوعها في حرج.

وتابع: "لو كانت أهمية الهدف كبيرة وساحة الاغتيال منطقة سياسية تتداخل فيها المصالح وبها تعقيدات إقليمية كبيرة فإن إسرائيل ربما تتعاون مع طرف داخلي أو عصابات مافيا لضمان التخلص من الهدف وفي الوقت ذاته استيعاب الحاجة الأمنية للمنطقة وموازنة المصالح".

وعلى صعيد الأهداف رأى مصلح أن إسرائيل تصب تركيزها في هذه المرحلة على أمرين يخصان مقاومة الشعب الفلسطيني الأول كل ما يتعلق بالأنشطة تحت الأرض من أنفاق واستعدادات لأي معركة بعيدا عن نظرها والأمر الثاني تطور سلاح الطائرات بدون طيار.

وأشار إلى أن إسرائيل تسعى الآن لاستهداف كل من هذين المسارين لعرقلة المقاومة عن تطويرهما إلى حد تصبح عاجزة عن مواجهتهما.