اقتصاد دولي

صندوق النقد يعتمد إجراءات جديدة لمواجهة الفساد عالميا

كان الصندوق أورد في تقرير نُشر قبل عامين أن الفساد يستنفد كل عام 2 بالمئة من الثروة العالمية- جيتي

قرر صندوق النقد الدولي تعزيز مكافحة الفساد من خلال إجراء تقييم أكثر منهجية لهذه الظاهرة في الدول الأعضاء، عبر تشجيعها على التصدي للفساد أيضا في القطاع الخاص.


وقالت اللجنة الاستشارية لصندوق النقد، خلال اجتماع الربيع للصندوق في واشنطن، إن المخاطر طويلة الأجل على الاقتصاد العالمي تميل إلى الجانب السلبي، وكان الصندوق قد توقع نموا عالميا بمعدل سنوي 3.9 بالمئة حتى 2019، لكنه حذر من تهديدات طويلة الأجل، بما في ذلك الإجراءات الحمائية والديون المتزايدة.


وأوضحت أن ارتفاع نقاط الضعف المالية وزيادة التوترات التجارية والجيوسياسية والدين العالمي المرتفع تاريخيا تهدد آفاق النمو العالمي.


وأكدت مديرة الصندوق كريستين لاغارد أن "هناك زخما واضحا تجاه الحوار حول قضايا التجارة أثناء اجتماع الربيع"، مضيفة أنه "بينما لا يعد صندوق النقد مكانا تجاريا، فإنه سيواصل تقديم عمل تحليلي لتفسير الدور الذي تلعبه التجارة حاليا في دعم النمو".


وعلى صعيد موازٍ فإن الصندوق، الذي أقر بأنه كان يفتقر إلى الوضوح حول المسألة في الماضي، تبنى إطارا تنظيميا جديدا قبل أيام ليتيح للمهمات السنوية لفرقه على الأرض أن تجري تقييما منتظما حول طبيعة وخطورة الفساد، وذلك اعتبارا من الأول من تموز/ يوليو المقبل.

 

اقرأ أيضا: مساهمو البنك الدولي يقرون زيادة رأس المال 13 مليار دولار


ويشمل الفساد كل دول العالم، من القطاع العام إلى القطاع الخاص، وفي كل مستويات المجتمع، كما يدل على ذلك الإدانة مؤخرا للرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا بالسجن 12 عاما بتهمة الفساد وتبييض الأموال.


وعلقت لاغارد قائلة: "نعلم أن الفساد يضر بالفقراء(..) ويقوض الثقة في المؤسسات".


وكان الصندوق أورد في تقرير نُشر قبل عامين أن الفساد يستنفد كل عام 2 بالمئة من الثروة العالمية، ويسيء إلى التقاسم العادل للنمو الاقتصادي، وتبلغ قيمة الرشى التي يتم دفعها في العالم وحدها ما بين 1.5 و2 مليار دولار، أي ما يقارب إجمالي الناتج الداخلي الفرنسي.


ومع أن الدول الثرية معنية بالظاهرة على غرار تلك النامية، فإن الشعوب الأكثر فقرا تعتبر الضحية الأولى لأنها تعتمد بشكل أكبر على خدمات عامة تصبح أكثر كلفة بسبب الفساد.


وشددت وزيرة مالية باراغواي ليا خيمينيس على أن الفساد مشكلة يتورط فيها عدة عناصر وهي متعددة المستويات، ورغم محاولة باراغواي التصدي للفساد فإنها لا تزال مصنفة في المرتبة 135 من أصل 180 بلدا، بحسب تقرير منظمة الشفافية الدولية في 2017، وأكدت خيمينيس: "علينا أن نلتزم الشفافية إزاء الفساد البارع في التخفي".


أما لاغارد فقالت: "ليس من المفترض أن نتدخل في سياسات الدول، لكن عندما يتعلق الأمر بإشكاليات الاقتصاد الكلي (..) أو عندما نتفاوض حول إطلاق برنامج مساعدات مالية، فنحن نتمتع بالشرعية التامة من أجل التدخل".

 

اقرأ أيضا: ماذا اقترح صندوق النقد لتجاوز الحرب الأمريكية الصينية؟


وشددت على ضرورة إعداد برنامج مساعدات يمكن أن يؤدي إلى "ممارسة ضغوط قصوى" من أجل المطالبة بالحصول على معلومات كاملة.


ولا يتمتع صندوق النقد بصلاحيات ضبط فيما يتعلق بالفساد، إلا أن بإمكانه ممارسة نوع من الضغوط عبر برامجه المالية، فقد فرض شروطا لقاء دفع أموال إضافية إلى أوكرانيا، من بينها تطبيق إصلاحات وأيضا تحقيق تقدم فعلي في تصديها للفساد المستشري في البلاد.


وأضافت لاغارد أن الفساد يزدهر في الظلام، مشيرة إلى أن فرق الصندوق حصلت على ضوء أخضر من لجنة الإدارة لتلعب دورا أكثر تدخلا، موضحة أن "الجديد في الأمر هو أن الصندوق سيتصدى للقطاعات الخاصة، والتي من بينها الشركات المتعددة الجنسيات المتورطة بالفساد، أو التي تساهم في تبييض الأموال".


وتابعت: "لتحقيق ذلك، يشجع الصندوق الدول الأعضاء على القبول طوعا بتقييم لهيئاتها القضائية والمؤسساتية في إطار مهمات المراقبة السنوية للصندوق".


وسينظر الصندوق خصوصا ما إذا كانت هذه الدول تجرّم وتحاكم دفع رشى إلى موظفين أجانب، أو إذا كان لديها آليات مواتية من أجل القضاء على تبييض الأموال وإخفاء الأموال القذرة.


وحول هذه النقطة، شددت لاغارد على أن الصندوق بإمكانه أن يطالب بدرس مفصل لعقود الشركات، مشيرة إلى أن قطاعات المناجم والإعمار والاتصالات هي الأكثر تضررا بالفساد.