ملفات وتقارير

هل تتوقف تركيا عند عفرين بعد تسليم تل رفعت لنظام الأسد؟

رأى محلل سياسي تركي أن أنقرة معنية بشكل أساسي بإزالة الخطر الذي يهدد أمنها القومي- جيتي

تجدد الخطاب المرتفع بين أنقرة وموسكو خلال اليومين الماضيين، كونهما يمتلكان في الوقت الحالي وزن الثقل الحقيقي في الأزمة السورية، رغم التنسيق المتواصل والملحوظ بين البلدين في الآونة الأخيرة.


وفي هذا السياق، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الثلاثاء، ردا على تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: "هذا الموقف خاطئ جدا، ونحن نعلم جيدا لمن سنعيد عفرين"، لافتا إلى أنه "سنسلم عفرين إلى سكانها عندما يحين الأوان، ويجب الحديث أولا عن تسليم المناطق السورية الخاضعة لسيطرة الدول الأخرى إلى سوريا، وإن النظام هو الذي سلم تلك المناطق لذلك لن تطمئن تركيا".


وكان لافروف دعا الاثنين تركيا لتسليم منطقة عفرين للنظام السوري، وأشار إلى أن "السبيل الأسهل لتطبيع الوضع في عفرين هو إعادة المنطقة لسيطرة الحكومة السورية" وفق تعبيره.


وفي الشأن ذاته، كشف مصدر عسكري خاص لـ"عربي21" الثلاثاء، أن وحدات حماية الشعب الكردية انسحبت من مدينة تل رفعت في ريف حلب الشمالي باتجاه مدينة منبج، إثر محاولات تركيا والجيش الحر السيطرة على المدينة.

 

اقرأ أيضا: مصادر لـ"عربي21": الوحدات الكردية سلمت تل رفعت للنظام

 
وأكد المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن مؤسسات النظام السوري الخدمية عادت للعمل في مدينة تل رفعت، بموجب اتفاق بين النظام السوري والوحدات الكردية، التي تعد الجناح العسكري لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، المصنف تركيا وأوروبيا كمنظمة "إرهابية".


وتعليقا على ذلك، اعتبر الباحث السوري محمد حاج إبراهيم، أن "هذا التسليم هو شكلي"، معللا أن "الوحدات الكردية المسلحة هي صنيعة النظام"، مشددا في الوقت ذاته على أنه "لم يتغير شيء في الواقع لأن العصابات الإرهابية هي صنيعة نظام بشار الأسد"، بحسب تعبيره.


وأشار إبراهيم في حديث خاص لـ"عربي21" إلى أن "مؤسسات النظام السوري كانت عملت أيضا في عفرين قبل سيطرة الجيش التركي على المدينة"، مؤكدا أن "النظام يدعم الوحدات الانفصالية التركية منذ سنوات وقام بتدريبها وتسليحها للقيام بعمليات عسكرية لزعزعة حكم الأتراك في ذلك الحين".

 

وحول تأثير تسليم "تل رفعت" للنظام على مواصلة الجيش التركي لعملياته شمال سوريا، رأى إبراهيم أن "التصريحات التركية واضحة، من خلال العمل على تطهير كل المناطق المتواجد بها الوحدات الإرهابية".

 

إزالة الخطر


وأوضح الباحث السوري أن "ما يقارب 4 ملايين سوري يقيمون في تركيا، وهؤلاء السوريين أولويتهم العودة إلى بيوتهم التي هجروا منها بفعل العناصر الإرهابية"، لافتا إلى أن أهالي "تل رفعت" المهجرين بقوة السلاح ودعم النظام للوحدات الكردية المسلحة، هم غالبيتهم ضمن الجيش السوري الحر والذي يعمل جنبا إلى جنب مع تركيا "لتحرير تل رفعت والريف المحيط بها".


وأكد أنه "لا يمكن الرهان على الجانب الروسي بالنسبة للشعب السوري، لأن الغوطة شاهدة على ما فعله الروس وجميع الأراضي السورية، نتيجة قصف الشعب الأعزل بالطائرات وشتى أنواع الأسلحة بما فيها المحظورة دوليا".


في المقابل، رأى المحلل السياسي التركي أوكتاي يلماز أن أنقرة معنية بشكل أساسي بإزالة الخطر الذي يهدد أمنها القومي من جميع المناطق السورية الحدودية، مضيفا أن "إزالة الخطر سواء من خلال عملية عسكرية أو غيرها".

 

اقرأ أيضا: أردوغان يرد على لافروف: نحن من يحدد مصير عفرين وليس أنت


وتوقع يلماز في حديث خاص لـ"عربي21" أن تتوقع العملية العسكرية التركية عند عفرين، في حال حصلت على ضمانات حقيقية لإزالة خطر الجماعات الانفصالية في منطقة "تل رفعت"، مستدركا أن "تركيا لن تنسحب من عفرين إلا بعد تأمين الاستقرار في سوريا، وحينما تكون حكومة منتخبة من الشعب السوري".


وتعقيبا على قرار تسليم الوحدات الكردية لمنطقة "تل رفعت" للنظام السوري، قال يلماز إن "هناك علاقات وطيدة بين الجماعات الانفصالية والنظام السوري، والنظام ترك هذه المناطق لهذه الجماعات"، مشيرا إلى أنه "لا شك أن روسيا تحاول الوصول إلى مفاوضات مباشرة بين تركيا والنظام، لكن الاستراتيجية التركية ترفض الحوار مع نظام قتل شعبه والمدنيين العزل".


وكان رئيس مجلس السوريين الأحرار أسامة بشير قال لـ"عربي21"، إن "تسليم مدينة تل رفعت للنظام، يهدف إلى وضع تركيا في مواجهة نظام الأسد، وبالتالي فرض التفاوض السياسي بينهما"، منوها إلى أن "تل رفعت تعد العقدة الأساسية وليست عفرين، حيث أن روسيا وإيران لن تقبلا بالوجود التركي في سوريا، وبالتالي فإنهما تريدان تقاسم النفود دون تركيا".


وأكد بشير أن "كل ما تريده روسيا هو تقارب تركي مع النظام السوري، حيث إن تسليم تل رفعت للنظام سيخلق هذه الأجواء التفاوضية، التي ربما تجمع الأتراك والنظام على طاولة واحدة، تكون أولها تل رفعت ونهايتها عودة العلاقات أو تحسينها، على أقل تقدير، بينما وحدات الحماية ستدفع الثمن بهذه الحالة".