سياسة عربية

تشكيك في توجيه الغرب ضربة عسكرية ضد الأسد.. ما الأسباب؟

مسعف في دوما يحمل جثة طفل قتل بالسلاح الكيماوي- شبكة شام

تباينت آراء محللين سوريين بشأن تنفيذ الدول الغربية التهديدات التي أطلقتها ضد رئيس النظام السوري بشار الأسد في حال "تجاوز الخطوط الحمراء" واستخدم السلاح الكيماوي بعد قصفه بالغازات السامة بلدة دوما بالغوطة الشرقية ما أدى إلى مقتل أكثر من 150 مدنيا.

وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب توعد النظام السوري عقب الضربة الصاروخية التي شنتها الولايات المتحدة على مطار الشعيرات في حمص العام الماضي بإعادة الكرة في حال استخدم الأسلحة الكيماوية.

لكن ترامب حتى الآن اكتفى بإطلاق تغريدات تهاجم الأسد وتصفه بـ"الحيوان" بعد ارتكاب المجزرة في تصريحات قال مراقبون إنها مؤشر على مستوى الرد المرتقب والذي لن يخرج عن التصريحات الإعلامية المنددة.

كما هددت فرنسا على لسان رئيسها إيمانويل ماكرون بتوجيه ضربة ضد أي موقع في سوريا في حال شن الأسد هجمات كيماوية ضد المدنيين.

 

ضربة مستبعدة

استاذ الفلسفة السياسية في جامعة باريس رامي الخليفة العلي قال إنه المؤشرات الظاهرة حتى الآن تقول إنه لن تكون هناك ضربة عسكرية للنظام السوري.

وقال العلي لـ"عربي21" في حال توجيه ضربة للنظام فإنها لن تكون مؤثرة لأن الإرادة الحقيقية للوقوف بوجه الأسد غير موجود نظرا تبعا للسياسة الغربية الملاحظة خلال الفترة الماضية ولتحالفه مع الروس وما تمثله موسكو من ثقل دولي في الملف السوري.

واستبعد استهداف قطاعات هامة في النظام بضربة عسكرية وشدد على أن أي عمل ستكون نتائجه "بسيطة ولغايات الاستعراض الإعلامي ليس أكثر".

وأوضح العلي أن استبعاد توجيه ضربة عسكرية للنظام السوري يعود لمعطيين الأول: "التحالف مع الروس رغم علاقات الأخيرة المتوترة مع الغرب إلا أن الجميع لا يرغب بالصدام مع موسكو لأن الكلفة ستكون العالية".

وأضاف: "أما المعطى الثاني فهو عدم وجود رغبة بالمضي في عمل عسكري سواء من قبل ترامب أو الغرب وفرنسا على وجه الخصوص بسبب توجه الجميع لتقاسم النفوذ على الساحة السورية فالولايات المتحدة تسيطرة على منطقة الجزيرة وتدعم الفصائل الكردية ولا أحد يرغب بتغيير موازين القوى التي ترسخت على الأرض".

وبشان ارتفاع فاتورة المجازر التي نفذها النظام بحق المدنيين بواسطة الكيماوي وإمكانية تحرك الغرب بناء على ذلك قال العلي: "بالأساس لم تكن هناك ملفات مفتوحة ضد النظام وارتكب سابقا مجازر في الحولة وحمص الغوطة وغيرها من المناطق وليس هناك جديد يدفع الغرب لمزيد من الإجراءات ضد النظام".

 

عرقلة روسية


من جانبه قال الخبير العسكري العميد أحمد الرحال إن المؤشرات على الأرض تقول إنه العمل العسكري مستبعد من قبل الغرب ضد النظام السوري.

وقال الرحال لـ"عربي21" إن الولايات المتحدة لم تقدم منذ مدة على خطوات إيجابية على الساحة السورية بل قامت بإيقاف الدعم عن فصائل المعارضة ووقف متفرجة أمام هجوم النظام والروس على آخر المناطق المتبقية بيدها .

وأشار إلى أن وضع الروس الآن ليس كالسابق في سوريا وقاموا بنشر منظومات صواريخ دفاع جوي S400 وغيرها من المنظومات للدفاع عن النظام وعرقلة أي ضربة فضلا عن التعطيل الدبلوماسي لأي إدانة للنظام في مجلس الأمن الدولي.

وشدد الرحال على أن المطلوب اليوم عمل عسكري "يعيد الأمل للشعب السوري المنكوب لا أن تكون عملية عقابية كما حصل في مطار الشعيرات العسكري العام الماضي".

وأوضح أن الغرب لديه من القدرات والإمكانيات ما يساعده على معرفة مواقع الأسلحة الكيماوية والمطارات التي انطلقت منها الحوامات التي قصفت دوما وغيرها وتابع "لو كانوا جادين بتنفيذ ضربة لقاموا بتشكيل تحالف خارج مجلس الأمن للتحرك الفعال".

 

ضربة تشجيعية


بدوره رجح المحلل السياسي أحمد كامل أن ينفذ الغرب ضربة عسكرية ضد النظام السوري لكنه أبدى شكوكا حول حجمها.

وقال كامل لـ"عربي21" إن "السؤال الهام هو ما حجم الضربة التي تلزم لمنع النظام من تكرار القصف بالسلاح الكيماوي؟".

وأوضح أن الضربة الرادعة هي التي يمكن أن "تقضي على مطارات النظام وقواه العسكرية أركانه وربما حتى رأس النظام للتخلص منه إذا كان الغرب جدا في ردعه عن تكرار الفعلة".

ولفت كامل إلى أن الضربة التي نفذها ترامب العام الماضي لم تكن رادعة بل كانت "تشجيعية ومفيدة للنظام والدليل قيامه بتكرار الفعلة عدة مرات آخرها الليلة الماضية في دوما".

وشدد على أن التغاضي الدولي عن هذه المجزرة يعني "منح الضوء الأخضر للنظام لإعادتها في القلمون وإدلب ودرعا وحي مناطق أكثر صعوبة عليه عسكريا من دوما التي انتهى ملفها".