صحافة دولية

إندبندنت: لماذا ارتفع عدد المسلمين في سجون بريطانيا؟

إندبندنت: زاد عدد المسلمين المسجونين بنسبة 63% على مدى الـ7 سنوات الماضية- جيتي

نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا للصحافي ويل كريسب، يقول فيه إن هناك ارتفاعا مقلقا لعدد المسلمين في سجون إنجلترا وويلز.

ويكشف التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن أن هؤلاء المسلمين يسجنون بسبب مخالفات متعلقة بالمخدرات، ما أثار اتهامات للحكومة بفشلها في التعامل مع مشكلة الفقر المتفاقمة في المجتمعات الإسلامية.

ويشير كريسب إلى أن عدد المسلمين في سجون إنجلترا وويلز بتهم المخدرات زاد بنسبة 63% على مدى السبع سنوات الماضية، حيث ارتفع الرقم من 2089 في 2010 إلى 3406 في 2017، بحسب الأرقام التي حصلت عليها "إندبندنت" مستخدمة قوانين حرية المعلومات، لافتا إلى أن عدد المسجونين بتهم المخدرات من غير المسلمين في الفترة ذاتها تراجع بنسبة تزيد على 10%.

وتذكر الصحيفة أن هناك حوالي الربع من المسلمين المسجونين حاليا هم مسجونون بتهم تتعلق بالمخدرات، مقارنة مع 13% من غير المسلمين بتهم مشابهة, مشيرة إلى أن الخبراء يرون بأن هذه الأرقام يجب أن تشكل تحذيرا للحكومة، بأنه يجب عمل المزيد لدمج الشباب المسلمين من المناطق المحرومة في المجتمع البريطاني.

 

وينقل التقرير عن الدكتور محمد قاسم، وهو أستاذ متخصص في علم الجريمة في جامعة ليدز بيكيت، الذي قضى أكثر من عقد يدرس الجريمة في المجتمعات المسلمة في بريطانيا، قوله: "هذا الازدياد في عدد المسلمين في السجون هو أحد أعراض نظام عدالة مصدع ومشكلة عصابات تتفاقم"، وأضاف: "إن المساجد والأجيال الأكبر في المجتمع المسلم لا تعلم كيف تمنع الشباب من التوجه نحو الاتجار بالمخدرات، أما على مستوى الحكومة فليس هناك فهم حقيقي للمشكلة". 

 

ويورد الكاتب نقلا عن المحاضرة في جامعة أكسفورد الدكتورة سندس علي، التي تدرس اندماج المسلمين في المملكة المتحدة، قولها بأن الديمغرافية عامل كبير، حيث الشباب في المجتمع المسلم يشكلون نسبة أكبر من الشباب في بقية المجتمع، وتعيش كثير من العائلات في مناطق فقيرة في البلد، مع وجود فرص ضئيلة للحصول على عمل.

وتلفت الصحيفة إلى أن الدكتورة علي نشرت في 2015 تحليلا لبيانات إحصاء السكان، حيث أظهرت أن 46% من المسلمين يعيشون في 10% من البلديات، التي هي من أكثر المناطق فقرا، وتقول: "فرضيتي هي أن الوضع إما أنه ساء أو بقي كما هو منذ إحصاء السكان الماضي.. واحتمال أن يتورط شخص في تجارة المخدرات يعتمد بشكل وثيق على البيئة التي نشأ فيها".

 

ويفيد التقرير بأنه تم الحصول على آخر الإحصائيات بعد عدة عمليات للشرطة، استهدفت عصابات مخدرات ذات خلفية مسلمة، ففي وقت سابق من هذا الشهر تم الحكم على 6 أعضاء من عصابة في مانشستر بالسجن، لما مجموعه 40 عاما، بعد أن قبض عليهم وفي حوزتهم مخدرات تبلغ قيمتها 500 ألف جنيه إسترليني، بالإضافة إلى أسلحة مختلفة.

 

ويقول كريسب إنه تم سجن 8 أعضاء من شبكة مخدرات في بيرمنغهام في تموز/ يوليو 2017، لمدة مجموعها 138 عاما، بعد محاولة تهريب كميات من الهيروين قيمتها 19 مليون جنيه إسترليني إلى المملكة المتحدة، بالإضافة إلى أنه تم سجن 35 مجرما العام الماضي مرتبطين بشبكة مخدرات، مقرها برادفورد، لمدة مجموعها 100 عام تقريبا، بعد ضبطهم يهربون الهيروين من باكستان إلى المملكة المتحدة في أغطية أقلام الحبر. 

 

وتنوه الصحيفة إلى أن زيادة عدد المسلمين الذين يسجنون بسبب مخالفات تتعلق بالمخدرات تسببت بزيادة عدد المسلمين في السجون بنسبة 24% على مدة السبع سنوات الماضية، مشيرة إلى أنه في الفترة ذاتها تناقص عدد السجناء من غير المسلمين في إنجلترا وويلز.

 

وبحسب التقرير، فإن نسبة المسلمين في السجون البريطانية كانت منذ أيلول/ سبتمبر 2017، 15.4%، في الوقت الذي يشكل فيه المسلمون 5% من عدد السكان، لافتا إلى أنه بالإضافة إلى العوامل الاقتصادية والاجتماعية، فإنه يخشى من أن التحيز الممنهج ضد المسلمين يؤدي دورا عندما تصل الأمور إلى الشرطة والمحاكم.

 

ويورد الكاتب أنه في شهر أيلول/ سبتمبر العام الماضي، وكجزء من التقرير بشأن التفاوت العنصري في النظام القضائي الجنائي، دعا عضو البرلمان ديفيد لامي للمزيد من الشفافية، وقال إن أعداد المسلمين المتزايدة في السجون هي "أمر مقلق"، ويشكل "خطرا بأن يكون مصدر انقسام اجتماعي".

 

ويقول لامي، تعليقا على ما توصلت إليه "إندبندنت": "توصلت مراجعتي إلى وجود عدم تناسب من ناحية تعامل نظامنا القضائي مع الأشخاص من الخلفيات الاثنية المختلفة، وهذه الأرقام هي مصدر إضافي للقلق.. عدم التناسب يبدأ بعملية الوقف والتفتيش، حيث تظهر البيانات الجديدة أن الشخص الآسيوي معرض للتوقيف والتفتيش أكثر بمرتين من الشخص الأبيض".

ويضيف لامي للصحيفة: "ستقوم الشرطة الليلة بتوقيف مسلمين شباب في برادفورد أو تاور هامليتس، في الوقت الذي سيكون فيه نظراؤهم من الطبقة الوسطى البيضاء يدخنون الحشيش في جامعاتهم دون خوف من العقوبة".

 

وتشير الصحيفة إلى أن عبدالله عشقاني (اسم مستعار) بدأ بيع الهيروين، حيث كان جزءا من عصابة باكستانية في برادفورد، عندما كان عمره 15 عاما، وتم إلقاء القبض عليه، وحكم عليه بالسجن 6 سنوات، ويقول إنه من الصعب على الشاب المسلم الحصول على عمل، وبأن المسلمين معرضون لعقوبات أشد عندما يرتكبون جريمة.

 

وينقل التقرير عن عشقاني، قوله: "هناك الكثير من المسلمين الذين يحكم عليهم بالسجن لفترات طويلة في المحاكم، في الوقت الذي يحكم فيه على الآخرين أحكاما مخففة.. ما عليك إلا أن تنظر إلى السجناء في السجن -مليء بالمسلمين المحكومين بأحكام طويلة- لا يمكنك أن تصدق كم هو عدد المسلمين هنا.. ينظر إلى المسلمين على أنهم العدو ويستهدفهم الجميع، الشرطة والمحاكم والمجموعات العنصرية".

 

ويضيف عشقاني أن على المجتمع والحكومة تسهيل الحصول على عمل للشباب، ويقول: "يجب مساعدة الفقراء، بغض النظر عن دينهم، ليجدوا طريقا للخروج من حالة الفقر".

 

ويلفت كريسب إلى أن متحدثا باسم وزارة الداخلية أصر على أن الاستراتيجية المتبعة بخصوص المخدرات، التي أطلقتها الوزارة في تموز/ يوليو العام الماضي، مناسبة للهدف منها، وتستند إلى سياسة متوازنة لتجارة المخدرات غير المشروعة. 

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول المتحدث إن الشرطة سيتعاملون بما هو مناسب مع المجموعات المستهدفة، بما في ذلك العائلات والمستخدمون والعاطلون عن العمل، الذين هم خارج نظام التعليم.