كتاب عربي 21

سيناريوهات التحالف بين الأحزاب التركية

1300x600
دفع النظام الرئاسي الذي وافق عليه الأتراك في الاستفتاء الشعبي؛ الأحزاب السياسية التركية إلى البحث عن سبل التحالف في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، نظرا لحاجة أي مرشح لرئاسة الجمهورية إلى الحصول على أكثر من 50 في المئة من أصوات الناخبين للفوز في الانتخابات الرئاسية، كما أن هناك أحزابا لا تصل شعبيتها الحاجز الانتخابي.

الأحزاب الكبيرة تبحث عن تحالفات تعزز فرص مرشحيها في الفوز، فيما تسعى الأحزاب الصغيرة إلى إقامة تحالفات تمكنها من تجاوز حاجز 10 في المئة، والحصول على عدد من مقاعد البرلمان. وكانت الساحة السياسية التركية قد شهدت أمثلة هذه التحالفات في الانتخابات السابقة.

الحزب الشعبي الديمقراطي الاجتماعي، برئاسة أردال إينونو، تحالف في الانتخابات البرلمانية المبكرة التي أجريت 20 تشرين الأول/ أكتوبر 1991، مع حزب العمل الشعبي الذي أسَّسه سياسيون أكراد موالون لحزب العمال الكردستاني. وحصل هذا التحالف على 88 مقعدا في البرلمان التركي. وقيل آنذاك إن الحزب الشعبي الديمقراطي الاجتماعي حمل الانفصاليين إلى البرلمان، وأهداهم 22 مقعدا. وكان ذاك التحالف قد تم بانضمام مرشحي حزب العمل الشعبي إلى الحزب الشعبي الديمقراطي الاجتماعي قبيل الانتخابات.

حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان وحزب الحركة القومية برئاسة دولت بهتشلي؛ أعلنا أنهما سيخوضان الانتخابات المقبلة ضمن تحالف يضم الحزبين على الأقل. وقد ينضم إليهما حزب الاتحاد الكبير برئاسة مصطفى دستيجي. وقدَّم الحزبان إلى البرلمان، الأسبوع الماضي، مشروع قانون مشترك يتضمن تعديلا جديدا يسمح بعقد تحالفات انتخابية بين الأحزاب السياسية، ويلغي حظر دعم الأحزاب السياسية حزبا سياسيا آخر خلال الانتخابات. ومع هذا التغيير، لن يضطر مرشحو أي حزب للاستقالة من حزبهم والانضمام إلى حزب آخر ليخوضوا الانتخابات ضمن قوائمه.

هناك تقارب بين حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القوميةح منذ إعطاء بهتشلي الضوء الأخضر للتعديل الدستوري للانتقال من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، كما أن حزب الحركة القومية يدعم سياسة الحكومة في مكافحة الإرهاب، والتدخل العسكري في سوريا للقضاء على خطر حزب العمال الكردستاني. وهذا التقارب بين الحزبين سهَّل توصلهما إلى اتفاق بشأن إقامة تحالف انتخابي.

حزب العدالة والتنمية لا يحتاج إلى تحالف مع أي حزب لتجاوز الحاجز الانتخابي، والفوز في الانتخابات البرلمانية، إلا أن تحالفه مع حزب الحركة القومية الذي أعلن أنه لن يسمي مرشحا للانتخابات الرئاسية، من شأنه أن يسهل له حسم المعركة في الانتخابات الرئاسية في الجولة الأولى. وأما حزب الحركة القومية فنسبة شعبيته تدور حول 10 في المئة، وفقا لاستطلاعات الرأي، الأمر الذي يعني أنه قد لا يتمكن من تجاوز الحاجز الانتخابي في حال خاض الانتخابات منفردا. وبعبارة أخرى، أنه سيضمن دخول البرلمان من خلال تحالفه مع حزب العدالة والتنمية؛ لأن جميع الأحزاب المنضوية في التحالف ستعتبر أنها قد تجاوزت الحاجز الانتخابي إن حصل التحالف على أكثر من 10 في المئة. وهذا ما يفتح الباب لتمثيل الأحزاب الصغيرة في البرلمان، ولو بمقعد أو مقعدين حسب الأصوات التي تحصل عليها، علما أن الناخبين سيصوتون في الانتخابات البرلمانية المقبلة للأحزاب التي يؤيدونها، لتحسب تلك الأصوات في توزيع المقاعد التي يحصل عليها التحالف بين الأحزاب المنضوية فيه.

هل سيتحالف حزب الشعب الجمهوري مع حزب الشعوب الديمقراطي والحزب الجيد وحزب السعادة، في مقابل "تحالف الجمهور" الذي أقامه حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية؟ تبحث الأوساط السياسية والإعلامية التركية هذه الأيام عن جواب هذا السؤال. وهناك مباحثات تجري بين قادة هذه الأحزاب، إلا أن تحالفا بينها قد لا يكون لصالح بعضها، في ظل التباعد بين الخطوط السياسية التي تتبناها هذه الأحزاب، كما أن الشارع التركي يعتبر حزب الشعوب الديمقراطي أنه ذراع سياسي لحزب العمال الكردستاني. 

الناطق باسم حزب الشعب الجمهوري، بولنت تزجان، ذكر أن حزبهم منفتح على التحالف مع الأحزاب الأخرى، كما أن رئيس حزب السعادة، تمل كارا موللا أوغلو، أشار إلى أن الرسائل التي يبعثها حزب الشعب الجمهوري بشأن التحالف الانتخابي إيجابية. وهذا يعني أن الأيام القادمة قد تشهد ولادة تحالف سياسي جديد، باسم "تحالف المبادئ"، كما سماه رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو، في مقابل تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية.