ملفات وتقارير

هل دخلت العلاقات السودانية المصرية منطقة الخطر؟

وسائل إعلام مصرية هاجمت البشير رغم أنه كان من أول من اعترف بالانقلاب العسكري- جيتي (أرشيفية)

فيما يمثل تصعيدا غير متوقع غادر السفير السوداني لدى مصر عبد المحمود عبد الحليم القاهرة بعد استدعائه من أجل التشاور طبقا لبيان الخارجية السودانية الخميس، وهو الإجراء اعتبره مراقبون مصريون ردا سودانيا على سلسة مواقف من القاهرة.


وفي حين يرى محللون أن الموقف السوداني جاء ردا على طلب القاهرة استبعاد السودان من اللجنة الثلاثية المعنية بسد النهضة، يرى متخصصون مصريون بالشأن السوداني أن قرار استدعاء السفير يأتي ردا على تحركات عسكرية على الحدود الشرقية للسودان.

ويشير الخبير بمركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية والسياسية هاني رسلان إلى أن السودان "رصد بالفعل آليات عسكرية مصرية على حدوده مع إريتريا، بعد اجتماع ضم عسكريين من مصر وإرتيريا والإمارات في أسمرا ثم انضم إليهم مندوب عن الجبهة الشعبية لتحرير السودان المعارضة للحكومة والناشطة عسكريا في منطقة النيل الأزرق على الحدود مع إريتريا".

 

تعزيزات عسكرية


ويوضح الخبير المصري في صفحته على فيسبوك أن أهالي مدينة كسلا السودانية الحدودية مع أرتيريا أكدوا وصول قوات عسكرية سودانية ضخمة للمدينة تولت إدارة الحدود ومراقبتها بدلا من حرس الحدود والشرطة كما تم إعلان حالة الطوارئ في المدينة، دون أن يستبعد أن يتورط الرئيس الأريتري اسياسي أفورقي في هذه الحركة التي تدعمها الإمارات والقاهرة.

ويأتي ما أشار إليه رسلان بعد التطورات التي شهدتها العلاقات التركية السودانية، تحديدا خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى الخرطوم والاتفاقيات التي وقعت بين الطرفينن، وتزامنت مع اجتماع لرؤساء أركان حرب جيوش تركيا وقطر والسودان.

وتأتي هذه التحركات المتسارعة مع زيادة التلاسن الإعلامي المصري ضد السودان ورئيسه، ما دفع بالسفير السوداني في القاهرة إلى وصف الإعلام المصري بالغوغائي والأحمق والفوضوي، وأنه يريد إشعال الحرب بين البلدين مؤكدا في تصريحات لصحفية اليوم التالي السودانية أن بلاده ليست بحاجة لمن يحدد لها مصالحها وعلاقاتها الخارجية.

تراجع القاهرة


هذا التوتر الحاد في العلاقات بين القاهرة والخرطوم والذي يقترب الآن من منطقة العداء المباشر، فتح مجالا للتساؤل عن أسباب هذا التوتر، خاصة وأن الرئيس السوداني عمر حسن البشير تعامل مع أحداث السنوات الأخيرة في مصر بحذر شديد حيث كان من أوائل المعترفين بالانقلاب الذي جرى ضد الرئيس محمد مرسي في يوليو/تموز 2013.

متابعون لتطورات العلاقة بين البلدين يرون أن السودان "أصبح أكثر جرأة ضد جارته ويتملك هامش مناورة أكبر، فضلا عن تمتعه بوضع جيوسياسي جعله أكثر تمردا على ثوابت العلاقة بين البلدين"، بحسب ما قال عبد الله الأشعل مساعد وزير الخارجية المصري السابق.

ويذهب الأشعل في حديثه لـ"عربي21" أن العلاقات بين البلدين "ذاهبة إلى مزيد من التأزم، خاصة بعد شعور الخرطوم أن القاهرة تلاعبها من أسفل الطاولة، فضلا عن الحملات الإعلامية المصرية التي وصفها بغير المسؤولة والتي تدفع إلى سخونة الأحداث".

ولا يستبعد الأشعل "أن تتورط مصر في عملية عسكرية بشكل غير مباشر ضد السودان، من خلال دعمها لإرتريا، التي تعتبرها القاهرة حاليا فرصتها للتنغيص على كل من إثيوبيا والسودان بعد مواقفهما المتوافقة في سد النهضة".

"مصر غير مهتمة"


وأضاف الأشعل أن مصر حاليا "غير مهتمة سوى بعلاقاتها دول الجوار المهمة، فهناك علاقات متوترة مع ليبيا وعلاقات متقلبة مع حماس في غزة، وعلاقات باردة مع الخرطوم، بينما العلاقات القوية هي فقط مع إسرائيل، فضلا عن التناغم غير المقبول مع الإمارات التي أصبحت هي المحرك الفاعل لسياسة مصر الخارجية".

وعن التحركات الموجودة على الحدود السودانية مع إرترييا، يرى الدبلوماسي المصري الأسبق أن مصر "ترى في كل تحالف يضم قطر وتركيا تهديدا لتحالف القاهرة وأبو ظبي والرياض، وهو ما يجب التصدي له من وجهة نظرهم".

أما لماذا السودان، فيجيب الأشعل بالقول: "لأنها تمثل أزمة للنظام المصري بعد مساندة الخرطوم لمشروع سد النهضة، ودعوتها للتحكيم في مثلث حلايب وشلاتين، واستيعابها لكثير من المعارضين لنظام السيسي، وأخيرا تحالفها السياسي والاقتصادي والعسكري مع أنقرة والدوحة".