سياسة دولية

صحيفة: لماذا مررت إسرائيل قانونا يمنع تقسيم القدس؟

الاحتلال الإسرائيلي يسعى لفرض سيادته على القدس بأي ثمن- أرشيفية

نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا، تحدثت فيه عن قانون مررته إسرائيل لمنع تقسيم القدس، الذي سيحول دون منح السلطة الفلسطينية السيادة على أراضيها، في حال تم التوصل إلى اتفاق سلام مستقبلي.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21 "، إن إسرائيل تسعى لفرض سيادتها على القدس بأي ثمن. وبعد مرور أقل من شهر على اعتراف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بالقدس عاصمة للدولة العبرية، أصبحت الحكومة الإسرائيلية تعمل على جعل تقسيم المدينة المقدسة أمرا صعب المنال.
 
وأوردت الصحيفة أن مشروع القانون، الذي أقره الكنيست الإسرائيلي، يوم الأربعاء الموافق للثاني من كانون الثاني/ يناير، أفضى إلى زيادة موافقة الغالبية المطلوبة في الكنيست عند التنازل عن أجزاء من القدس إلى أي "كيان أجنبي". في هذه الحالة، ستحتاج السلطة الفلسطينية إلى موافقة 80 عضوا من الكنيست الإسرائيلي، عوضا عن 61 (من أصل 120 نائبا) للموافقة على نقل سيادة هذه الأجزاء إليها، كجزء من أي اتفاق سلام مستقبلي.

وأفادت الصحفية بأن هذا التشريع، الذي صوت لصالحه 64 نائبا، واعترض عليه 51، فيما امتنع عن التصويت عضو كنيست واحد، ينص على تعديل القانون الأساسي للقدس. في الحقيقة، يدعو هذا القانون، الذي تم التصويت عليه سنة 1980، إلى جعل المدينة المقدسة "كاملة وموحدة" عاصمة لإسرائيل. ولم يسبق للمجتمع الدولي أن اعترف بالقدس بهذه الطريقة، ولا حتى عند ضم الجزء الشرقي منها إلى الأراضي المحتلة في شهر حزيران/ يونيو من سنة 1967.

وأشارت الصحيفة إلى أن الائتلاف اليميني الحالي في الحكومة، المؤيد لمشروع القانون، يبذل كل ما في وسعه لجعل توحيد 1967 لا رجعة فيه، وضمان سيادة إسرائيل وحدها على القدس. كما أشاد نفتالي بنت، وزير التربية والتعليم الإسرائيلي ورئيس حزب البيت اليهودي، وهو حزب صهيوني ديني، عقب المصادقة على هذا القانون، بإنقاذهم "لوحدة القدس". وأضاف نفتالي بنت "أن جبل الزيتون والبلدة القديمة ومدينة داود ستبقى لنا إلى الأبد"، مشيرا إلى مواقع في الجانب الفلسطيني من القدس.

وأضافت الصحيفة أن النائبة شولي معلم رفائيلي (من حزب البيت اليهودي)، التي تكفلت بتقديم مشروع القانون إلى الكنيست، بينت أن النص الذي تم التصويت عليه في القراءة الأولى، في أواخر شهر تموز/ يوليو، سيعمل على "منع التنازلات في الاتفاقات الدبلوماسية المقبلة". كما أكدت النائبة الإسرائيلية أن "القدس لن تكون أبدا على طاولة المفاوضات".

وأوردت الصحيفة أن زعيم "إر أميم"، أفيف تاتارسكي، وهي منظمة غير حكومية إسرائيلية، قد أوضح أنه في حالة استئناف عملية السلام، المتوقفة منذ سنة 2014، من المرجح أن يعقد هذا التعديل المحادثات من أجل التوصل إلى اتفاق بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني. كما أكد المحلل الإسرائيلي في مجموعة الأزمات الدولية، عوفر زالزبرغ، أنه إذا أضاف قانون القدس "عقبات قانونية" إلى عملية تقسيمها، فإنه من الممكن أيضا "تسهيل ذلك، عن طريق تدنيس الحدود البلدية الحالية للقدس".

وأوضحت الصحيفة أنه خلال شهر تموز/ يوليو، قام نفتالي بنت وزئيف إلكين، وزير القدس (النائب عن حزب الليكود)، بتقديم تعديل قانون القدس كوسيلة لإعادة رسم حدود المدينة المقدسة؛ لتأمين أغلبية ديمغرافية يهودية داخل الحدود البلدية، التي تم إعادة تعريفها بهذه الطريقة. ويكمن الهدف في النهاية في طرد الأحياء العربية من القدس خارج الجدار العازل، مثل مخيم شعفاط للاجئين والأحياء المجاورة لكفر عقب والولجة، حيث يعيش بين 120 ألفا و300 ألف فلسطيني في القدس الشرقية.

وبينت الصحيفة أن نص القانون الصادر في الثاني من كانون الثاني/ يناير، ينص على أن الفقرة الخامسة من قانون القدس، التي تذكر بأن حدود المدينة هي تلك المحددة في شهر حزيران/ يونيو من سنة 1967، يجوز تعديلها بأغلبية بسيطة (من بين النواب الحاضرين أثناء التصويت ) بدلا من موافقة 61 نائبا. لذلك، يمكن لزئيف إلكين أن يقترح بسهولة خريطة جديدة للقدس.

ونقلت الصحيفة وجهة نظر عوفر زالزبرغ، الذي أفاد بأن تعديل قانون القدس، الذي رفضته المعارضة والقادة الفلسطينيون، يشكل "تهديدا" و"فرصة" في الوقت ذاته، مشيرا إلى أن "ذلك يتوقف على من يتواجد في الحكومة". وفي حال قرر زئيف إلكين تغيير حدود القدس، فسيحرم الفلسطينيون المعنيون من وضع إقامتهم في القدس، ولن يتمكنوا بعد ذلك من الاستفادة من الخدمات التي تقدمها البلدية. لذلك من المتوقع أن تتدهور الحالة الإنسانية في الأحياء المستبعدة بسرعة كبيرة.

وفي الختام، أكد المحلل الإسرائيلي، عوفر زالزبرغ، أنه "إذا عادت المعارضة يوما ما إلى السلطة"، فيمكن أن تستخدم هذا العنصر من التعديل في إطار مفاوضات السلام؛ "لتحديد معالم عاصمة دولة فلسطينية مستقبلية".