حقوق وحريات

منظمات مصرية: الإعدامات لن تقود إلّا لمزيد من العنف

تتسم المحاكمات العسكرية في مصر بالسرعة الفائقة التي قد تؤثر بشكل جدي في استيضاح الحقائق والتيقن منها

أدانت 11 منظمة حقوقية "قيام الحكومة المصرية، الثلاثاء، بتنفيذ حكم الإعدام على أربعة أشخاص في القضية رقم 22 لسنة 2015 جنايات عسكرية طنطا، المعروفة إعلاميّا بقضية "استاد كفر الشيخ"، لافتين إلى أنه بتنفيذ هذا الحكم تكون الحكومة قد أعدمت 19 شخصا على الأقل في خلال أسبوع واحد فقط، وهو الأمر الذي اعتبروه "سابقة لم تشهدها مصر في تاريخها الحديث".


وأكدوا -في بيان مشترك لهم الثلاثاء، وصل "عربي21" نسخة منه- أن "استمرار الحكومة المصرية في الاستخدام السياسي لعقوبة الإعدام بشكل غير مسبوق لن يقود إلا إلى المزيد من العنف"، مشيرين إلى "إعدام 19 مدنيا على الأقل في خلال أسبوع، استنادا إلى أحكام صادرة عن القضاء العسكري، تفتقر إلى الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة، تزامنا مع تزايد الاستهداف المسلح للمدنيين والعسكريين".

وقالت المجموعات الحقوقية: "يخشى الموقعون أن يكون تنفيذ تلك الأحكام جاء كرد فعل، وذلك بعد عدة أيام من وقائع استهداف مسلحين لمدنيين وعسكريين في يومي 28 و29 كانون الأول/ ديسمبر الماضي".

وأشاروا إلى أنه "في يوم 28 كانون الأول/ ديسمبر لقي الحاكم العسكري لمنطقة بئر العبد ورمانة المقدم أحمد الكفراوي مصرعه، وذلك عقب استهداف مسلحين سيارة همر بعبوة ناسفة، في منطقة السبيكة غرب العريش في محافظة شمال سيناء، بينما قُتل مجند بالقوات المسلحة، وأُصيب اثنان، في هجوم استهدف مقر الكتيبة 103 وسط سيناء في اليوم ذاته. وفي 29 كانون الأول/ ديسمبر، وقع هجوم على كنيسة مارمينا في حلوان، أسفر عن مقتل ثمانية مواطنين مسيحيين وأحد أفراد الشرطة".

وأوضحت المجموعات الحقوقية الموقعة أنها ناشدت الحكومة المصرية أكثر من مرة بتعليق العمل بعقوبة الإعدام، ووقف التنفيذ على المتهمين الصادر ضدهم أحكام نهائية بالإعدام، مؤكدين على أهمية ما قاله بن إمرسون، المقرر الخاص للأمم المتحدة لشؤون حماية حقوق الإنسان أثناء مكافحة الإرهاب، حيث أكد أن اللجوء إلى هذا النوع من العقاب لكبح الإرهاب يعدّ أمرا غير قانوني بقدر ما هو غير مجد".

وذكروا أن "بن إمرسون" قال إن "هناك نقص في الأدلة المقنعة على أن عقوبة الإعدام يمكن أن تسهم أكثر من أيّ عقوبة أخرى في مكافحة الإرهاب. كما أن عقوبة الإعدام تمثِّل رادعا غير فعّال؛ لأن الإرهابيين ممن تنفذ فيهم عقوبة الإعدام قد يكتسبون مكانة متميزة هم وقضيتهم".

وأكدوا أن "محاكمة الأشخاص الأربعة الذين تم إعدامهم شابتها عديد من الانتهاكات، بالإضافة إلى أن المحاكمة أمام محكمة عسكرية. وتتسم المحاكمات العسكرية في مصر بالسرعة الفائقة، التي قد تؤثر بشكل جدي في استيضاح الحقائق والتيقن منها، وتحرم المتهم من حقه في الوقت الكافي لتحضير دفاعه وعرضه، وكلها أمور قد تشكل تأثيرا سلبيّا في النتيجة النهائية للمحاكمة. بعد صدور الحكم يعرض على وزير الدفاع للتصديق عليه، وفي أحكام الإعدام يلزم أن يتم عرض ملف القضية على المحكمة العليا للطعون العسكرية".

وأضافوا أنه "في أيلول/ سبتمبر الماضي، قامت الحكومة المصرية بقبول تعليق عقوبة الإعدام من حيث المبدأ، مع ربط هذه الخطوة بفتح حوار مجتمعي حول العقوبة، وما تقوم به الحكومة الآن من تنفيذ لأحكام إعدامات يتناقض مع مقترحاتها لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة أثناء دورته السادسة والثلاثين".

ولفتوا إلى أن إعدامات الثلاثاء "ليست الواقعة الأولى التي تستخدم فيها الحكومة المصرية عقوبة الإعدام بشكل سياسي، فقد تم تنفيذ حكم الإعدام في يوم 17 أيار/ مايو 2015 على ستة أشخاص في القضية رقم 43 لسنة 2014 جنايات عسكرية شمال القاهرة، المعروفة إعلاميّا باسم قضية (خلية عرب شركس) في اليوم التالي على جريمة اغتيال ثلاثة قضاة في العريش. وتم تنفيذ الإعدام في يوم 26 كانون الأول/ ديسمبر 2017 على خمسة عشر متهما في قضية رقم 411 جنايات كلي الإسماعيلية لسنة 2013، المعروفة إعلاميّا بـ(خلية رصد الضباط)، بعد استهداف وزير الدفاع ووزير الداخلية في يوم 19 كانون الأول/ ديسمبر 2017".

وشدّدت المجموعات الحقوقية الموقعة على أن "المجتمع لا يحتاج إلى الثأر بقدر ما يحتاج إلى معرفة حقيقة ما يحدث من عمليات عنف وهجوم مسلح، وتحديد المسؤولية في الفشل للتصدي لها، وتفعيل إجراءات المساءلة؛ لضمان عدم تكرار هذه العمليات في المستقبل، وكذلك الاطمئنان إلى سير إجراءات العدالة أمام القضاء الطبيعي".

ووقع على البيان كل من؛ الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، والمفوضية المصرية للحقوق والحريات، ومجموعة ضد الإعدام، ومركز عدالة للحقوق والحريات، ومركز النديم لمناهضة العنف والتعذيب، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ومركز هشام مبارك للقانون، ومؤسسة حرية الفكر والتعبير، ومؤسسة قضايا المرأة المصرية، ولا للمحاكمات العسكرية للمدنيين.