سياسة عربية

الجزائر تلاحق 226 شخصا مع تنظيمات مسلحة.. مامصير العائدين؟

بظل مخاوف الجزائر من خطر عودة مواطنيها المنتمين لـ"داعش" قائما - أرشيفية

كشف وزير العدل حافظ الأختام الجزائري الطيب لوح، الإثنين، أن جهاز القضاء وضع على لائحته 226 شخصا يشتبه انتماءهم لتنظيمات متشددة تنشط خارج البلاد، أهمها تنظيم الدولة بسوريا والعراق وليبيا.

وذكر وزير العدل الجزائري، على هامش المصادقة على قانون تنظيم قطاع السجون بالبرلمان، الإثنين، "صدّر 226 أمرا دوليا بالقبض عن 226 شخصا منهم 21 أجنبيا، بناء على قرائن تفيد بوجودهم في مناطق النزاع و يكونون قد التحقوا بتنظيمات إرهابية أهمها تنظيم داعش".


وأضاف لوح قائلا: إن" هؤلاء الأشخاص تم تحديد هويتهم"، بما يوحي باحتمال تواجد جزائريين آخرين خارج هذه القائمة.


وهذه المرة الأولى التي تعلن فيها السلطات بالجزائر، عن عدد الأشخاص المتشبه في التحاقهم بمناطق القتال في العالم، وهي أفعال يجرم عليها التشريع الجزائري بعد التعديلات التي أدخلت على قانون العقوبات العام الماضي.


ويجرم قانون العقوبات الجزائري "فعل تنقل الجزائريين أو الأجانب المقيمين بالجزائر بصفة شرعية أو غير شرعية إلى دولة أخرى، لارتكاب أفعال إرهابية أو التحريض عليها أو التدريب عليها"، و كذا "تجريم أفعال تمويل وتنظيم عمليات السفر إلى دولة أخرى لارتكاب أفعال إرهابية أو التحريض عليها أو التدريب عليها باستعمال تكنولوجيا الإعلام والاتصال أو أي وسيلة أخرى".


ويعتبر الرقم المتعلق بالجزائريين المنخرطين في تنظيمات متشددة خارج الحدود والذي قدره وزير العدل الجزائري ب226 عنصرا، أكثر من الرقم الذي أعلن عنه تقرير "فورن بوليسي" الأمريكي، شهر شباط/ فبراير الماضي، والذي أشار إلى نشاط 150 جزائريا بتنظيم "داعش" بسوريا والعراق وليبيا.


العدد الحقيقي أكبر بكثير


لكن الخبير الأمني ساعد معالو، يعتبر أن الرقمين المذكورين، لا يعكسان حقيقة الوضع، قائلا في تصريح لـ"عربي21"، أن "العدد الحقيقي للجزائريين الناشطين بتنظيمات متشددة خارج البلاد أكبر مما ذكر".


وأوضح معالو "تلك الأرقام تتعلق فقط بهؤلاء الذين تأكدت بشأنهم الأجهزة الأمنية الجزائرية أنهم يوجدون فعلا بساحات القتال أو بؤر التوتر، إذ يوجد العديد من الجزائريين ضمن هذه المناطق، لكن الأجهزة الجزائرية لم تصل إلى تحديدهم بدقة".


ويعتقد نفس الخبير أن عددا قليلا  من الجزائريين ينتمون إلى القاعدة كمركز ثان بعد "داعش"، وعدد محدود جدا ينتمون لجبهة النصرة في سوريا. 


وأفاد وزير العدل الجزائري، محذرا من خطر العائدين من ساحات القتال إلى بلدانهم، أن" السلطات الجزائرية مدركة  بأن التوجه لإنهاء النزاع في سوريا سيؤدي إلى عودة إرهابيين إلى بلدانهم أو التوجه إلى مناطق  نزاع أخرى، ما يقتضي اتخاذ كل الإجراءات الأمنية والقضائية والسياسية".


وإلى وقت قريب، كانت مخاوف الجزائر مقتصرة فقط على العائدين من المعتقل الأمريكي، غوانتنامو، حيث استقبلت الجزائر 17 شخصا من رعاياها بين عام 2009 و2015، كانوا معتقلين في غوانتانامو، وحصل أغلب المرحلين من المعتقل الأمريكي على أحكام بالبراءة.


لكن الأمر يختلف بالنسبة للمتشددين العائدين من سوريا والعراق وليبيا، "بعد التأكد من انخراطهم فعليا في القتال، وإكتسابهم قدرات عالية في التدريب والقتال"، مثلما أكد وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل خلال مؤتمر جهوي للأمن في الساحل الأفريقي وغرب إفريقيا أنتظم يوم 2 كانون الأول/ ديسمبر الجاري بعاصمة مالي، باماكو.


التجربة الجزائرية 


وقال مساهل خلال المؤتمر، إن بلاده اقترحت وثيقة على الاتحاد الأفريقي، تتعلق بإستراتيجية التكفل بالجهاديين العائدين إلى بلدانهم من ساحات القتال في سوريا والعراق.وتابع " لقد أبلغت نظرائي الأفارقة كيف واجهنا قوافل المقاتلين الأجانب والعائدين من أفغانستان والبوسنة والشيشان، ودور المساجد والإعلام في محاربة التطرف العنيف والراديكالية".

ولم تعلن الأجهزة الأمنية الجزائرية، لحد الآن عن عودة أي من عناصر جزائرية من ساحات القتال بسوريا والعراق، لكن محاكم جزائرية، سلطت خلال الشهور الأخيرة أحكاما ثقيلة بالسجن بحق أشخاص بتهمة الإنتماء لتنظيمات إرهابية خارج الحدود.


وأصدرت محكمة جزائرية بمحافظة بومرداس ، شرق العاصمة، منتصف شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، أحكاما بالسجن بين ثلاث وست سنوات في حق 15 موقوفا، أظهرت التحقيقات الأمنية صلاتهم بمسلحين ضمن تنظيم "داعش" بسوريا، بينهم ستة نساء.


وبينت التحقيقات الأمنية و القضائية أن عددا من هؤلاء أوقفوا على الحدود مع تونس، عند عودتهم إلى الجزائر، بينما شددت الجزائر من إجراءاتها الأمنية على الحدود مع تونس، خصيصا لمحاصرة العائدين من ساحات القتال بسوريا والعراق باعتبار أن التونسيين هم الأكثر عددا من حيث الإنتماء لداعش بسوريا والعراق.


التكفل بالعائدين بعد المحاكمات 


وأنشأت الحكومة الجزائرية، شهر أيلول/ سبتمبر الماضي، لجنة مختلطة تتكون من ممثلين عن وزارة الدفاع الوطني ووزارة الداخلية ووزارة التضامن الوطني، بغرض التكفل بالعائدين من ساحات القتال، بعد محاكمتهم قصد تسهيل إعادة إدماجهم في المجتمع، كما فعلت بالنسبة للمسلحين في الداخل الذين تخلوا عن السلاح بموجب ميثاق السلم و المصالحة الوطنية الذي أقره الرئيس بوتفليقة العام 2006. 


وبداية من العام 2013، إلتحق العشرات من الجزائريين بتنظيم "داعش" في سوريا والعراق، من خلال شبكات تجنيد سفرتهم عبر تونس إلى تركيا.


وبشأن تمكن هؤلاء من عبور شرطة الحدود إلى تونس وعدم توقيفهم، قال الخبيرالأمني المختص بالتنظيمات المتشددة الدكتور أكرم ضيف في تصريح لـ"عربي21" الإثنين "عادة ما يسافر هؤلاء الشبان عن طريق تأشيرات سياحية إلى تركيا، حيث لا يمكن للشرطة توقيفهم، كما أنه عادة ما يتم تسفير هؤلاء إلى تركيا ومن ثمة إلى سوريا والعراق خلال موسم الصيف حيث عادة ما يقضي الجزائريون إجازاتهم بتركيا".


وتابع أكرم ضيف" علاوة عن ذلك، فإن أغلب الذين جندوا في سوريا والعراق لم يكونوا ضمن المبحوث عنهم لدى أجهزة الأمن الجزائرية، لذلك لا يمكن القول أن الأمن الجزائري لم يقم بدوره ".


وبرر أكرم ضيف، مخاوف الحكومة الجزائرية من عودة المقاتلين إلى وطنهم بكون هؤلاء " صاروا يكتسبون مستوى عال من القتال و التدريب والتخطيط لذلك فإن خطرهم على الأمن و النظام العام يظل قائما ما لم تتم معالجة المشكلة من كل جوانبها".


يذكر أن وزراء خارجية كل من مصر والجزائر وتونس اتفقوا، الإثنين، بتونس، على تعزيز تبادل المعلومات ورصد أية محاولة لانتقال  الإرهابيين إلى المنطقة من بؤر الصراعات، والتمسك بالحل السياسي في ليبيا ورفض أي تدخل أجنبي أو تصعيد داخلي يستهدف تعطيل العملية السياسية لحل الأزمة في ليبيا.


وتتخوف الدول الثلاث، من احتمال أن يشكل عودة  مقاتلين من تنظيم "داعش" بعد هزيمته في سوريا والعراق إلى ليبيا أو منطقة الساحل، والأربعاء الماضي حذر مفوض السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي الجزائري إسماعيل شرقي من أن ستة  آلاف مقاتل ، يمكن أن يعودوا إلى منطقة الساحل.