القدس

كيف يجمع كوشنر بين منح القدس لإسرائيل وتحقيق السلام؟

الصحيفة: يحظى كوشنير بدعم سري من أبرز "اللاعبين" في المنطقة

نشرت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية تقريرا حول دور صهر الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر، في اعتراف الولايات المتحدة بالقدس كعاصمة لإسرائيل، حيث مثلت هذه الخطوة مغامرة كبيرة من هذا الشاب، الذي دخل في رهان مستحيل يهدف لإرضاء الإسرائيليين وفي الوقت نفسه عقد اتفاق سلام مع العرب، لتجنب تراجع نفوذه في البيت الأبيض.


وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمه "عربي21"، إن جاريد كوشنر يراهن بكل ثقله على استراتيجية جديدة، يصفها خبراء شؤون الشرق الأوسط بأنها خطيرة، ويمكن أن تقضي على أي فرص لإقامة السلام بين فلسطين وإسرائيل، وتقضي أيضا على ما تبقى من نفوذ هذا الشاب في أروقة البيت الأبيض وصناعة القرار الأمريكي.

وأضافت الصحيفة أن جاريد كوشنر عمل في السر على تشجيع دونالد ترامب، على اتخاذ القرار الذي أعلنه يوم الأربعاء الماضي، بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، في خطوة اعتبرها المتابعون كافة لقضية الشرق الأوسط انتكاسة لعملية السلام، سببها كوشنر وفريق مقربيه داخل البيت الأبيض.


وذكرت الصحيفة أن الإدارة الأمريكية قبل هذه الخطوة، كانت قد قامت بعشرات الزيارات للشرق الأوسط، وقضت ساعات طويلة في الاستماع للأطراف كافة، في إطار سعيها لكسب ثقة الفلسطينيين والدول العربية بشكل عام.

 

ونقلت الصحيفة عن غيث العمري، الذي عمل كمستشار لفريق المفاوضين التابع للسلطة الفلسطينية بين 1999 و2002، قوله: "بعد هذا الإعلان، بات من الصعب جدا تخيل كيف ستتواصل جهود السلام، إذ أن كل الزعماء العرب الذين كانوا يبنون علاقات إيجابية مع إدارة ترامب، وجدوا أنفسهم الآن ملزمين على التنصل منها، والوقوف بقوة ضد هذا القرار".

 

وأشارت الصحيفة أنه وفقا لمصدر مقرب من جاريد كوشنر، "دفع هذا الشاب بالرئيس ترامب بقوة لاتخاذ هذا القرار، وأدى دورا لا يمكن وصفه بأنه مجرد تشجيع، إذ يمكن في الواقع اعتبار أن كوشنر هو من اتخذ القرار".

وأشارت الصحيفة إلى أن صهر الرئيس الأمريكي بات يعاني من تراجع نفوذه في واشنطن، منذ تعيين كبير موظفي البيت الأبيض جون كيلي، علاوة على تعرضه للمزيد من الضغوط من قبل المستشار الخاص روبرت مولر، الذي يحقق في اتهامات متعلقة بالتواصل مع السلطات الروسية.

 

واعتبرت الصحيفة أن كل هذه الظروف التي يتعرض لها كوشنر على الصعيد الداخلي، دفعته للتركيز على هدف واحد، وهو إثبات كفاءته السياسية، عبر التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط، بات كثيرون يستبعدونه بعد التطورات الأخيرة.

 

وأضافت الصحيفة أن مصادر مقربة من كوشنر، أكدت أنه يأمل أن تكون موجة ردود الفعل حول قرار ترامب مجرد مواقف مصطنعة، وأن حلفاءه العرب سينتظرون لفترة حتى تهدأ الأمور ثم يواصلون العمل معه، بهدف إبرام اتفاق سلام يعتزم إعلانه خلال الأشهر الأولى من سنة 2018.

 

ونقلت الصحيفة عن مسؤول رفيع المستوى في البيت الأبيض قوله: "على الرغم من ردود الأفعال المعلنة في العالم العربي، إلا أن الجميع على الأرجح لا يزالون واثقين من أنه لا يمكن إبرام اتفاق سلام من دون تدخل الولايات المتحدة".

وأشارت الصحيفة إلى أن قضية إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، وفرت لكوشنر فرصة لإثبات وجوده في البيت الأبيض، حيث إنه كان قد حرض الرئيس دونالد ترامب سرا على اتخاذ هذا القرار، على الرغم من معارضة وزير الخارجية ريكس تيلرسون، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، إلى جانب العديد من المسؤولين والمستشارين المشرفين على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.

 

وحذرت الصحيفة من أن موقف كوشنر الذي خالف آراء أغلب الوزراء والمستشارين في الحكومة، يضعه مرة أخرى في موقف محرج، باعتبار أنه قدم للرئيس نصيحة تنطوي على مجازفة كبيرة، بعد أن كان في شهر أيار/ مايو الماضي قد نصح الرئيس بالاستغناء عن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالية، جيمس كومي، وهو ما أدى لتعيين المستشار الخاص روبرت مولر، في خطوة اعتبرت بمنزلة خطأ كبير من ترامب في أثناء سنته الأولى في الحكم.

 

وأوضحت الصحيفة أن كوشنر لم يجد صعوبة كبيرة في إقناع الرئيس بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، باعتبار أن هذا الأمر يمثل بالأساس إحدى الوعود الانتخابية، التي قطعها ترامب للمتبرعين لحملته من اللوبي الصهيوني، على غرار الملياردير شلدون أديلسون.

 

وأشارت الصحيفة إلى أن طريقة تفكير جاريد كوشنر في هذه المسألة، تتمثل في أنه يتوقع أن يمثل إعلان القدس عاصمة لإسرائيل تحقيقا لوعد انتخابي، دون أن يضر ذلك بالعلاقات التي أقامها مع بعض الشخصيات في الشرق الأوسط، على غرار ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.

 

ونقلت الصحيفة عن مصدر مقرب من كوشنر قوله إن "صهر الرئيس الأمريكي يشعر بأنه يحظى بدعم سري من أبرز "اللاعبين" في المنطقة، حيث إنه تصرف بجرأة كبيرة نظرا لأنه اتفق على ما يبدو مع محمد بن سلمان، على تغيير أسلوب التعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".