ملفات وتقارير

هل ورطت قرارات ابن سلمان الأخيرة السعودية؟

اتخذت السعودية مؤخرا الكثير من القرارات المثيرة للجدل- أ ف ب

دخلت المملكة العربية السعودية، في الأشهر القليلة الماضية، في دوامة قرارات كبرى ومتسارعة، ارتبط جلها باسم ولي العهد محمد بن سلمان، فبعد حصار قطر، اعتقلت السعودية عشرات الدعاة، ثم بعد ذلك تم اعتقال عدد من الأمراء والأثرياء، وغيرها من القرارات، فكيف أثر ذلك على سمعة البلاد؟ وهل ورط الأمير الشاب المملكة في قرارات غير محسوبة؟

في الخامس من حزيران/ يونيو الماضي قررت السعودية والإمارات والبحرين ومصر قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وإغلاق المنافذ البحرية والجوية والبرية معها، وهو القرار الذي أثار الكثير من الجدل.

وبعد حصار قطر اتخذ ولي العهد سلسة قرارات، بدأت باعتقال عشرات الدعاة والمؤثرين، ثم اعتقال عدد من الأمراء والوزراء السابقين والحاليين ورجال الأعمال، ناهيك عن اتهام لبنان للمملكة باحتجاز رئيس وزرائها سعد الحريري.

"الجحيم"
في هذا السياق قال السياسي والحقوقي السعودي المعارض يحيى العسيري إن بن سلمان سيأخذ المنطقة إلى "أسفل سافلين" واصفا إياه بذراع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وكتب العسيري على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "ترامب -إن بقي- سيأخذ العالم إلى الجحيم.. بن سلمان -إن بقي- ذراع لترامب لأخذ منطقتنا إلى أسفل سافلين... إن بقيا، سيلعن التاريخ كل من مكن لهم".

وفي تصريحات لصحيفة "عربي21"، انتقد العسيري الكثير من القرارات التي أقدمت عليها المملكة العربية السعودية، ومنها حرب اليمن، معتبرا أن "الدخول في صراعات وحروب خارجية كان بالإمكان تجنبها بالتأكيد مضر جدا ويخلق عداوات تمتد طويلا  بلا مبرر، إضافة إلى الخسائر المادية والبشرية، والأهم من ذلك سقوط أبرياء في هذه الحروب والصراعات وتدمير بلدان".

وبخصوص الاعتقالات التي عرفتها السعودية مؤخرا بقيادة بن سلمان، قال العسيري، إن "توتير الوضع الداخلي والاستمرار في حملات الاعتقالات وزيادة القمع كل ذلك ينذر بخطر محدق بمستقبل البلاد، فبدل أن تعرف القيادة أخطاءها وتبدأ بالحد منها تقوم بزيادتها وتعرض مستقبل الوطن وأهله للخطر الشديد على المستوى الداخلي والخارجي".

 

"مضطرة"
من جانبه أكد أستاذ العلاقات الدولة بجماعة محمد الأول بمدينة وجدة (شرق المغرب)، خالد شيات، أن الكثير من القرارات التي اتخذتها السعودية مؤخرا أثرت على صورة المملكة.

واستدرك شيات قائلا، في تصريح لـ"عربي21": كل نظام يخلق بيئة ليعمل فيها.. السعودية مضطرة لتدخل تغييرات في سياستها الداخلية"، وتابع "السعودية منخرطة في الخطة الأمريكية لمحاربة الإرهاب، وتريد أن تستغل هذه المسألة لإعادة التوازن وربما للإدارة الأمريكية شروط".

وبخصوص اعتقال الدعاة قال: "تعتبر السلطات السعودية سكوت الكثير من الدعاة في بعض القضايا انحيازا وتشك في ولائهم لجهات خارجية، بالإضافة إلى خوفها من انتشار فكر الإخوان المسلمين"، مشيرا إلى أن ذلك يؤثر سلبا على صورة المملكة.

وفيما يتعلق بالآراء التي تقول إن بن سلمان يعمل على تجميع السلط في يده، قال "أتمنى أن يكون ذلك صحيحا لأن السعودية أنهكها تعدد مراكز القرار".

لكن يحيى العسيري انتقد ذلك قائلا، إن شخصا واحدا لا يمكنه مكافحة الفساد، وأضاف في تصريحات تلفزيونية "الفساد لا يكافح إلا عبر مؤسسات حقيقية وعبر قضاء مستقل ونزيه وأنظمة شفافة وتطبق على الجميع".

مغامرة
من جانبه أوضح الكاتب التونسي نور الدين العلوي أن، ما وصفها، بمغامرة التغيير السعودية، انعكست على الوضع الاقتصادي والاجتماعي على المملكة وعلى المنطقة أيضا.

وكتب في مقال له، "لا نرى مؤشرات معقولة على أن ولي العهد المغامر قد حسب حساب تردي سمعة بلده"، موضحا أن "سوقا متطلبة مثل السوق السعودية كانت دوما بؤرة جذب مغرية وعليها الآن أن تقدم ضمانات أكبر لجلب نفس السلع الاستهلاكية ولكل شيء ثمن.

وأكد الكاتب أن "بداية الانكماش الاقتصادي والسياسي للسعودية تحت حكم (الملك) محمد، سيزيدها تعقيدا عن تحقيق أي مكسب عسكري وسياسي في اليمن، والتذكير الصاروخي الذي وصل الرياض سيكون له دور المهماز الموقظ للتنطع خارج الحدود ولن يفلح الأمير/ الملك في استفزاز الوضع في لبنان".

وتابع "لأن عوامل كثيرة تتداخل في المنطقة ليس أقلها الوقوع تحت حماية السلام الروسي الذي كان الأمير يراوده منذ أيام بشراءات مجزية، هذا فضلا على أن تحريض "إسرائيل" على خوض حرب بالوكالة لم ينجح أبدا".