مقالات مختارة

رئاسة اليونسكو..هل من رشيد؟

1300x600
تعتبر منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" من أرقى منظمات الهيئة الأممية فكرا وأخلاقا سياسية، من حيث عنايتها بالإرث العالمي التاريخي والثقافي والمحفز التعليمي، ومن يتصدى للعمل فيها يجب أن يحوز على شروط اللياقة واللباقة والموضوعية والعدالة في التعاطي مع القضايا التاريخية والثقافية لدول العالم وشعوبها، ولذلك قلما تجد في لجانها أو رئاستها أشخاصا تطاردهم أشباح الضلال أو العنصرية، أو تتملكهم الضغائن والأحقاد، ولذلك نجد أن إسرائيل تناصب المنظمة العداء بسبب مواقفها المنصفة من القضايا الثقافية والتاريخية الفلسطينية، خصوصا وضع مدينة القدس التي أنصفتها اليونسكو باعتبارها إرثا إسلاميا وعربيا، ولكن للأسف نرى كيف يسيء العرب لأنفسهم.

جرى التصويت على منصب مدير عام منظمة اليونسكو وكان يفترض أن يكون الأفضل والأكثر حظا هو الدبلوماسي المخضرم الدكتور حمد الكواري، الذي عاش ردحا من الزمن سفيرا ومندوبا لدولة قطر في عدة دول ومندوبا لدى الأمم المتحدة، ولكن كالعادة تجد الدبلوماسية والشخصية العربية الدعم من غالبية دول العالم، ثم نجد دول الأشقاء العرب هي التي تعرقل أو تحاول عرقلة وصول الشخصيات العربية إلى المناصب الدولية البارزة، وهذه المبارزة عبرت عن ذلك، ففي الوقت الذي ترشح عن كل قارة تقريبا شخص واحد من دول مختلفة، تهافت العرب على منافسة مرشح قطر الحائز على أعلى الأصوات.

هنا يجب التفكير جديا في الفصل ما بين القضايا الثقافية والتاريخية عن السياق السياسي وألاعيبه، فالمرشحة الفرنسية التي فازت "أودري أزولاي" من أصل عربي لأسرة مغربية يهودية ومستشارة سابقة للرئاسة الفرنسية، كان ترتيبها في المركز الثاني بعد د. الكواري، بينما المرشحة المصرية مشيرة خطاب ولا تكاد تذكر، ولو جمع العرب شملهم ودعموا مرشحا واحدا لفاز العرب لأول مرة برئاسة هذه المنظمة العالمية.

العرب خرج من بينهم شخصيات قادت منظمات أممية، ولعل أشهرهم الوزير المصري السابق بطرس غالي، الذي شهدت فترة توليه منصب الأمين العام للأمم المتحدة أسوأ مرحلة استعداء ضد القضايا العربية، وهو جاء من خلفية ارتباطية بناء على الدور الذي أداه لخدمة القضايا الغربية في صراعها مع العالم العربي والإسلامي، وفي المقابل لا نزال، كصحفيين وسياسيين على الأقل، الأمين العام للأمم المتحدة الشهير "كورت فالدهايم" النمساوي، الذي قادت الصهيونية العالمية حربا شعواء ضده بسبب مواقفه من القضايا العربية والصراع الإسرائيلي، وهذا ما يجرح الفؤاد عندما ترى دولا وزعامات وشخصيات عالمية تتعاطف وتدعم الشخصية العربية وقضايانا، فيما نحن نحارب بعضنا في كل منتدى وموقف وقضية.

لقد رأينا قبل أشهر قليلة، كيف كان موقف الدكتورة ريما خلف عندما أعلنت استقالتها من الإسكوا، وكان قرارا وإن كان متأخرا ولكنه أخذ صدى واسعا في أوساط الرأي العام العالمي والسياسي، وهذه الفرصة كان يجب ألا تضيع علينا لأننا نكره أو نغار أو نعاني من مرض سياسي ما تجاه بعضنا البعض، بل كانت فرصة حقيقية لنثبت للعالم تفوقنا على أنفسنا بانتخاب الدكتور الكواري صاحب الشخصية المعروفة في الأوساط الثقافية والدبلوماسية وهو صاحب الخبرة الطويلة، ولقد اجتمع الجميع لانتخاب المرشحة الفرنسية، وعدنا لنقول إننا فشلنا في الحصول على قمة هرم المنظمة الثقافية بسبب عجزنا، والحقيقة أننا نملك القدرة ولكن لا نملك الإرادة للانتصار على شياطيننا، ولهذا سنبقى متخلفين.

الشرق القطرية