سياسة دولية

لندن.. باحثون وأكاديمون يناقشون وعد بلفور في ذكراه المئوية

احتشدت قاعة المؤتمر في مركز المعرفة في المكتبة البريطانية بالحضور- (ميمو)
عقد مركز مراقبة الشرق الأوسط "ميمو" مؤتمرا في العاصمة البريطانية لندن بمناسبة مرور مئة عام على صدور وعد بلفور الذي قاد لتشريد الشعب الفلسطيني وإنشاء دولة إسرائيل، بمشاركة باحثين من مختلف دول العالم.

وتحت عنوان "وعد بلفور 100 سنة"، احتشد الباحثون في قاعة المؤتمر الذي حضرته "عربي21"، وذلك في مركز المعرفة بالمكتبة البريطانية، ناقشوا ظروف نشأة إسرائيل وطرحوا رواية مضادة لتلك التي ستطرحها الحكومة البريطانية في ذات المناسبة الشهر المقبل.

  

بدوره، قال أستاذ العلاقات الدولية في جامعة أوكسفورد البرفسور أفي شليم، في الكلمة التي ألقاها إن "وعد بلفور لم تتجاوز كلماته الـ 67 كلمة، إلا أنه ترك أثاره العميقة والمتواصلة على المنطقة بشكل عام".

ثلاثة وعود

ووصف البروفيسور شليم الحركة الصهيونية بأنها "حركة عنصرية استيطانية، إسرائيل هي حفيدة لهذه الحركة وبالتالي فهي دولة استيطانية عنصرية"، طارحا ما سماها "رؤية واسعة حول السياسة الخارجية البريطانية وقت صدور الوعد".



    

وأشار إلى ثلاثة وعود قدمتها بريطانيا أثناء الحرب العالمية الأول، " الأول كان للشريف حسين، شريف مكة والذي وعد بمملكة عربية حيث أنكرت بريطانيا أنها أعطته وعدا، والثاني الثاني كان اتفاقية سايكس- بيكو الذي قسم إرث الدولة العثمانية بين الدول الغربية، والثالث وعد بلفور، الذي لم يكن له أرضية قانونية ولا يعطي بريطانيا الحق بتنفيذه لأن فكرة الوطن القومي ليست موجودة في القانون الدولي".

ويرى شليم أن "هناك فكرة معادية للسامية وراء الوعد، فإنشاء وطن قومي لليهود يعني أنهم لن يتمتعوا بحقوقهم الكاملة في الدول التي يعيشون فيها"، لافتا إلى أن "المشروع الصهيوني كان عبارة عن احتلال استعماري استفاد من المصالح البريطانية الإمبريالية في ذلك الوقت".

ما قبل الوعد

كما ألقى المؤرخ الفلسطيني بشير نافع كلمة في المؤتمر، ناقش فيها الأحداث التي سبقت صدور الوعد والرسائل التي تبادلها وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور مع حاييم وايزمان، أحد قادة الحركة الصهيونية في بريطانيا والذي أصبح لاحقا أول رئيس لإسرائيل. 

من جهته تطرق البرفسور جوناثان شنير من معهد جورجيا للتكنولوجيا لأوضاع اليهود في أوروبا، مشيرا إلى أنهم "لم يكونوا متحدين قبل الوعد (..) فاليهود في المناطق التي عاشوا فيها مثل بريطانيا نظروا لأنفسهم كبريطانيين أولا  ويهودا ثانيا، إلا أن الحركة الصهيونية وقادتها كانوا يرون العكس ودعوا اليهود للهجرة إلى أرض أجدادهم"، ويضيف أن اتفاقية سايكس-بيكو التي قسم أراضي الإمبراطورية العثمانية بين بريطانيا وفرنسا والوصاية الدولية خانت العرب واليهود معا".

وفي هذا السياق حاول حاول الباحث بيتر شامبروك، تحليل الأسباب التي قادت إلى وعد بلفور، حيث يرى أنها نبعت من أهداف الحرب العالمية حينها، "معاداة السامية وتأثير الدعاة المنافحين عن الصهيونية".

ويؤكد الباحث شامبروك أن "ازدواجية الخطاب البريطاني أدت إلى منع تنفيذ الديمقراطية في فلسطين نظرا لأن غالبية سكانها هم من العرب".


    
    

بلفور والقانون الدولي

في الجلسة الثانية للمؤتمر، والتي حملت عنوان "فلسطين والقانون الدولي من بلفور للمستوطنات" طرح مختصون وباحثون قضية الصراع  العربي – الإسرائيلي  في ضوء القانون الدولي. 

وقدم الباحث في معهد الشرق الأوسط في الجامعة الوطنية بسنغافورة، فيكتور قطان، حيث رأى أن بريطانيا في نهاية الثلاثينات من القرن الماضي "حاولت الدفع بانتداب يرعي مصالح الفلسطينيين".

والسبب -كما يقول قطان- "هو خوف بريطانيا من دعوى تقدم بها محمد علي جناح من الرابطة الإسلامية في الهند أمام عصبة الأمم احتج فيها على الوضع الدولي للشعب الفلسطيني".

من جهته هاجم القاضي في محكمة العدل الدولية البرفسور جون دوغارد، تصرفات إسرائيل التي يراها "محمية من الدولة الغربية والمحكمة الجنائية الدولية"، ويشير إلى أن "نظام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا يظل أفضل مقارنة مع ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة".

أما المستشارة القانونية في مجال حقوق الإنسان سلمى كرمي- أيوب فتشير في كلمتها بهذا المجال إلى أن "انتهاكات إسرائيل متعددة من التطهير العرقي إلى مصادرة الأراضي وتدمير البيوت الفلسطينية"، وتلفت إلى أن "إنشاء إسرائيل كدولة يهودية من الأساس يعتبر خرقا للقانون الدولي لأنها تميز اليهود وتمارس نظاما يطبق على غير اليهود".