سياسة عربية

السبسي يدعو للمساواة في الميراث.. والأزهر يحذر

السبسي شدد على ضمان تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل في تحمل جميع المسؤوليات - ا ف ب
انضم الأزهر الشريف إلى موجة الجدل التي أثارها الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي بعد دعوته إلى المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث والسماح للتونسيات بالزواج من أجانب غير مسلمين.

وكان قايد السبسي طالب، بمناسبة احتفال تونس الأحد بعيد المرأة، بـ"تعديل قانون الأحوال الشخصية المتعلق بالإرث بصورة مرحلية متدرجة حتى بلوغ هدف المساواة التامة بين الرجل والمرأة"، معلنا إحداث لجنة للغرض.

وردّ الأزهر الشريف، الثلاثاء، على بيان ديوان الإفتاء التونسي، الذي ساند بلا تحفظ مقترحات قايد السبسي، بالتحذير من دعوات التسوية بين الرجل والمرأة في الميراث.

                   


واعتبر وكيل الأزهر في مصر عباس شومان في تصريحات صحفية، أن "المساواة" تظلم المرأة ولا تنصفها، وتتصادم مع أحكام شريعة الإسلام، لأن المرأة ليست كما يظن كثير من الناس أنها أقل من الرجال في جميع الأحوال، فقد تزيد المرأة على نصيب رجال يشاركونها نفس التركة في بعض الأحوال.

وشدد على أن "المواريث مقسمة بآيات قطعية الدلالة لا تحتمل الاجتهاد ولا تتغير بتغيير الأحوال والزمان والمكان، وهي من الموضوعات القليلة التي وردت في كتاب الله مفصلة لا مجملة، وكلها في سورة النساء، وهذا مما أجمع عليه فقهاء الإسلام قديما وحديثا".

 عين الظلم للمرأة

وقالت الصفحة الرسمية لمكتب وكيل الأزهر في فيسبوك، إنّ "المواريث مُقسمة بآيات قطعية الدلالة لا تحتمل الاجتهاد ولا تتغير بتغيير الأحوال والزمان والمكان وهي من الموضوعات القليلة التي وردت في كتاب الله مفصلة لا مجملة وكلها في سورة النساء وهذا مما أجمع عليه فقهاء الإسلام قديمًا وحديثا".

وتابعت الصفحة "دعوات التسوية بين النساء والرجال في الميراث بدعوى إنصاف المرأة هي عين الظلم لها لأن المرأة ليست كما يظن كثير من الناس أنها أقل من الرجال في جميع الأحوال فقد تزيد المرأة على نصيب رجال يشاركونها نفس التركة في بعض الأحوال".

جهل وتطاول

واعتبر الباحث في العلوم الدينية أحمد الغريبي أنّ مقترح المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى دلالة على عدم فهم للنص الديني في مسألة المواريث "لأن هناك امتياز للمرأة على الرجل في الميراث في مواضع كثيرة"، وفق تعبيره.

وتابع في تصريح لـ"عربي21" بأنّ الزعم بأنّ الاسلام ظلم المرأة "هو جهل وتطاول على النص القرآني والمولى عز وجلّ وهو تعدّ على الشريعة الإسلامية ونوع من الاستفزاز سواء عن قصد أو غير قصد، فالآيات المتشابهات هي التي تقبل التأويل لكن الآيات المحكمات غير قابلة للاجتهاد أصلا.. فليس من حقنا التأويل فيها أو الغاؤها".

واستشهد بقول المولى عز وجلّ "تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ. وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِينٌ (النساء 13 – 14).

وتطرّق الغريبي إلى الآية الكريمة التي حرّمت زواج المسلمة من غير المسلم في قوله تعالى "وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى? يُؤْمِنُوا..."، لافتا إلى أنّها من الآيات المحكمات التي لا يجوز الاجتهاد فيها او تأويلها.

وأثارت دعوة قايد السبسي عاصفة من الجدل في تونس، حيث ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات المنتقدة أوالمساندة لمقترح المساواة في الميراث والسماح للتونسية بالزواج من غير المسلم.



حملة انتخابية "سابقة"

وردا على دعوة السيسي، قالت عربية صالح فاعلة سياسية بحزب البديل التونسي وباحثة دكتوراه قانون: إن "الرئيس التونسي استغل مناسبة عيد المرأة طمعا في مشاركة المرأة في الانتخابات القادمة والتصويت له بنسبة كبيرة".

وأوضحت عربية صالح في تصريح خاص لـ"عربي21" أن "المرأة التونسية اليوم تعاني الفقر والجوع والخصاصة والتهميش خاصة في المناطق الداخلية، إذ المرأة في الوقت الراهن المرأة بحاجة لأولوية وأساسيات العيش الكريم".

وأكدت أنه كان من الأجدر للباجي قايد السبسي أن"يسعى لتحقيق أولوية المساواة في التنمية و العيش الكريم للمرأة والشعب التونسي".

واستدركت عربية صالح بالتوضيح على أن موقفها شخصي بالرغم من أن الحزب الذي تنتمي إليه، أعلن ناطقه الرسمي محمد علي التومي، الثلاثاء، أنه مع المساواة بين الرجل والمرأة وبدون تمييز.

وشددت الفاعلة السياسية بحزب البديل التونسي في ختام تصريحها لـ"عربي21" بالقول إنها "ليست ضد أي مكسب يضاف لمكاسب المرأة التونسية، لكن لا مساواة في قضية باطنها مناشدة لحملة انتخابات سابقة لأوانها".

المساواة في النفقة

وبينما اعتبرت النائبة عن حركة النهضة منية ابراهيم في تصريح لقناة "فرانس24" أنّ الاجتهاد ليس مسموحا به في الثوابت، في إشارة إلى مقترح قايد السبسي للمساواة في الرجل والمرأة في الميراث وزواج المسلمة بغير المسلم، قال رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة نور الدين العرباوي أنّ "موضوع الإرث يهم التونسيين ويجب أن يطرح للحوار".

وأشار العرباوي في تصريح لإذاعة "الديوان اف ام" إلى أن "اللجنة التي تم تعيينها في موضوع الحقوق الفردية بما في ذلك المساواة في الارث لها مجال واسع للبحث والحوار والاتصال بكل المعنيين".

وطالب الباحث والناشط السياسي سامي براهم بالمساواة التامة بين الرجل والمرأة، متسائلا بمنشور في فيسبوك "لماذا لم تكن لدى رئيس الدولة الشّجاعة الكافية للدعوة إلى تقنين المساواة في النفقة بين الرجال والنساء على غرار دعوته إلى تقنين المساواة في الإرث؟".

القرآن "ليس للتشريع"

من جانبه نشر شيخ جامع الزيتونة حسين العبيدي رسما بيانيا لعلم المواريث، مؤكّدا في فيسبوك مخالفة دعوة الرئيس التونسي لمبادئ الشريعة الاسلامية.

واعتبر مفتي الجمهورية السابق حمدة سعيد، في تصريح لصحيفة "الصباح نيوز"  أنّ مقترح قايد السبسي مخالف للشرع وحكم الله عز وجل وأن النص القرآني واضح على حد قوله.

وساندت مديرة المكتبة الوطنية الأكاديمية رجاء بن سلامة مقترح المساواة في الميراث والزواج بغير المسلم، معتبرة بمنشور في فيسبوك أنّ "القرآن للعبادة وللتّأمّل الرّوحانيّ وللصّلاة لا للتّشريع ولتنظيم العلاقات بين النّاس".

وتابعت "لا تأويل ولا اجتهاد بل تطبيق لمبدأ المساواة.. لا نحتاج إلى أيّ تأويل للنّصوص الدّينيّة. يكفي قرنان من الدّوران في حلقة مفرغة".

ووصف نور الدين بن تيشة، المستشار الإعلامي للسبسي في تصريح إذاعي، المنشور الصادر عن وزارة العدل سنة 1973، الذي يمنع زواج المرأة التونسية بأجنبي غير مسلم بـ "منشور العار".

يذكر أنّ مفتي تونس الحالي عثمان بطيخ اعتبر في تصريح خلال شهر حزيران/ يونيو 2016  أنّ المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى لا تجوز شرعا، موصيا في مداخلتين له بالبرلمان "بعدم الخوض في هذا الموضوع لأنه سيفتح المجال للمتطرفين لاستغلاله ضد تونس بدعوى أنها خارجة عن شرع الله والبلاد في حاجة إلى التهدئة" وفق تعبيره.