ملفات وتقارير

هل تنجح خطط السيسي في تقزيم عدد سكان مصر

تهدف حكومة السيسي إلى خفض معدل الإنجاب الكلي من 4 إلى 2.4 في عام 2030
شكك مراقبون وخبراء في قدرة الحكومة المصرية على مواجهة الانفجار السكاني؛ نتيجة غياب آليات العمل، وعدم توفير الإمكانيات المالية والمادية، وقلة برامج الوعي المقنعة، كما فندوا مزاعم الدولة بتحميل الزيادة السكانية مسؤولية البطالة والأمية والفقر وتراجع النمو، واتهموها بعجزها عن استثمار تلك الطاقات البشرية، بل وإهدارها.
 
وأعلنت مصر في 31 تموز/ يوليو الماضي، إطلاق استراتيجية جديدة لمواجهة النمو السكاني المطرد، وقامت بتسخير جميع مؤسسات الدولة بما فيها الأزهر، والإفتاء، والمجالس القومية للتحذير من مخاطر استمرار الزيادة السكانية.
 
خفض عدد السكان 16 مليونا
 
وتهدف حكومة السيسي إلى خفض معدل الإنجاب الكلي من 4 إلى 2.4 في عام 2030 للوصول بعدد السكان إلى 112 مليون نسمة بدلا من 128 مليونا، وذلك لتوفير ما بين 150 و 200 مليار جنيه، وخفض الطلب على العمل إلى 1.5 مليون بدلا من 2.5 مليون، وخفض معدلات زيادة الكهرباء، والمياه بين 22% و 37% على التوالي.
 
ودعا السيسي المصريين في أكثر من مناسبة إلى عدم إنجاب أكثر من 3 مواليد، وعقاب غير الملتزمين قائلا، إن "من ينجب 4 أولاد سيحاسب أمام الله"، واعتبر أن الزيادة السكانية تمثل تحديا لا يقل خطورة عن تحدي مواجهة الإرهاب، وحملها مسؤولية الفقر والجهل وتراجع معدلات النمو.
 
خطط الحكومة للأزمة
 
وحذرت عضو لجنة الصحة بالبرلمان المصري، شيرين فراج من مخاطر  استمرار أزمة زيادة السكان، وقالت لـ"عربي21": "ترك معدلات النمو السكاني دون تدخل سيؤدي إلى نضوب موارد الدولة"، مضيفة أنه "لا بد من توفير الاحتياجات الأساسية لـ120 مليون مواطن خلال السنوات المقبلة، ما يعني خلق مشاكل على جميع الأصعدة، فلا بد من توفير التعليم والصحة والسكن والبنى التحتية".
 
ولكنها حملت الحكومة مسؤولية الزيادة السكانية لعدم "وجود آليات لتنفيذ خطط الحكومة لتقليل عدد السكان من خلال تنظيم الأسرة، ونشر التوعية"، مشيرة إلى "وجود مشكلة في ميزانية وزارة الصحة، وأنه لا يوجد حسن استغلال للموازنة وتوجيهها الاتجاه الصحيح".
 
وفيما يتعلق بسن تشريع لمعاقبة المواطنين على المولود الثالث أو الرابع، أكدت أنه "تم عقد عدة جلسات في البرلمان لمناقشة هذا الأمر، وهناك قانون يدرس لتحديد الدعم لمن لا يلتزم بعدد معين من المواليد، ولكن ما يهمني هو نشر التوعية قبل اللجوء إلى الوسائل العقابية".

الأزمة في الحاكم وليس المحكوم
 
من جهته؛ فند النائب السابق، عبدالموجود الدريري، تعاطي حكومة السيسي مع قضية الزيادة السكانية، وقال لـ"عربي21": إن "السيسي يحرث في الصحراء بمثل هذه المشاريع السلبية على مستقبل مصر"، مضيفا أن "مصر تحتاج إلى الحرية لوقف الفساد، وتنمية الموارد، والنهوض بالمجتمع، لكنه يعلق فشله على من لم يولدوا بعد ومن هم في المهد".
 
ورأى أن أزمة مصر "تكمن في النخب العسكرية المتسلطة، وليست فيمن لم يولدوا بعد، وفي عهدهم فشلت البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وأمست من أسوأ الدول في الحريات والحقوق، وبات الشعب المصري من أكثر الشعوب تعاسة في العالم".
.
وضرب مثلا بتركيا قائلا: "تركيا تقدم مزيدا من المساعدات للابن الثالث والرابع؛ لأنها تتمتع بالحرية والعدل أساس أي تنمية مستدامة"، متوقعا ألا "ينجح نظام الانقلاب سياسيا طالما أنه جعل من مصر سجنا كبيرا، وسيفشل اقتصاديا؛ لأنه كبل قدرات الشباب المصري الواعد".
 
أين تكمن الأزمة؟
 
أما أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية، جامعة حلوان، رشاد عبداللطيف فأكد أن "المشكلة في مصر ليست في الزيادة السكانية، إنما هي مشكلة توزيع السكان، فالمصريون يعيشون على مساحة 8% فقط من مساحة الأرض البالغة مليون كيلو متر مربع، والمطلوب إعادة توزيعهم بشكل متوزان، وليس مواجهة زيادة عدد السكان.
 
وأضاف أن "الحكومة غير قادرة على الاستفادة من شبابها ورجالاتها وخبراتها، وبالتالي نحن بحاجة إلى برامج للتنمية للاستفادة من الطاقات المهدرة في البلد"، مشيرا إلى أن "كل ما يصدر من إجراءات عقابية للحد من الزيادة السكانية هي إجراءات ليست بالجديدة، وكلها إجراءات وقائية لحماية المجتمع من الزيادة السكانية".
 
ولكنه حذر من تمدد السكان دون توسع، قائلا: "تكمن الخطورة في تمدد السكان في المناطق نفسها دون توسع لما تشكله من خطورة اجتماعية، ولكن لو تم توزيعهم بشكل جيد فيمكن الاستفادة منهم، واستثمار طاقاتهم البشرية بما يجلب النفع، ولكن ما أراه هو استمرار الخطأ في عدم إعادة توزيعهم".