ملفات وتقارير

ماذا وراء قرار ترامب وقف برنامج دعم المعارضة السورية وتأثيره؟

المؤشرات تقول بأن المعارضة السورية لن تتأثر كثيرا بقرار واشنطن- جيتي
أثار قرار إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الخميس، بوقف برنامج سري لوكالة المخابرات المركزية لتسليح وتدريب جماعات معارضة معينة تقاتل النظام السوري، تساؤلات عدة حول أسبابه وتداعياته الحقيقية، ومدى تأثيره على المعارضة السورية على أرض الواقع. 

ورغم أن برنامج المخابرات المركزية الأمريكية بدأ منذ 2013، في إطار جهود إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، في ذلك الحين للإطاحة بنظام الأسد، إلا أن ترامب قرر وقفه، لا سيما بعد تصريحات من مسؤولين أمريكيين مؤخرا، تفيد بأن البرنامج لم يحقق نجاحا يذكر. 

وترصد "عربي21"، في هذا التقرير، التأثير المتوقع لقرار وقف الدعم على الساحة السورية سياسيا وعسكريا، وأسباب هذا القرار، وتأثيره على المعارضة السورية.

الدعم الأمريكي 

يجد المتتبع لطبيعة الدعم الأمريكي في سوريا خلال الفترة الأخيرة، أن واشنطن مهتمة بدعم الجبهات ضد "تنظيم الدولة" في سوريا، وليس دعمها لفصائل المعارضة، إذ أشار عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة، ياسر النجار، في حديثه لـ"عربي21" إلى أن "أمريكا لم تقدم أي دعم مالي أو عتاد للمعارضة السورية على أرض الواقع منذ ستة أشهر".

وأفاد بأنها كانت مهتمة خلال الفترة الأخيرة بدعم قوات سوريا الديمقراطية لمقاتلة "تنظيم الدولة" ومنع تقدمه. 

اقرأ أيضا: ترامب يوقف برنامجا للمخابرات لتسليح معارضين سوريين

ووافقه في ذلك العقيد والخبير العسكري السوري، أديب عليوي، الذي صرح لـ"عربي21" بأن الدعم الأمريكي لفصائل المعارضة "في حالة تجميد منذ ستة أشهر"، موضحا أن الدعم الأمريكي للفصائل كان يتمثل في جانبين، الأول: برنامج "سي آي ايه"، مهتم بدعم الفصائل المعتدلة التي تقاتل النظام السوري، بأموال سعودية وإماراتية لكن بإشراف وقرار أمريكي"، وفق قوله. 

أما الثاني، بحسب عليوي، فهو "برنامج وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، ويهدف لدعم الأكراد وبعض الفصائل المعارضة ضد تنظيم الدولة، لمنع تقدمه واستعادة المناطق التي يستولي عليها". 

تأثير القرار على المعارضة 

واتفقت وجهات النظر حول التأثير الحقيقي للقرار الأمريكي على فصائل المعارضة، إذ ذهب عليوي إلى أنه "لا يوجد أثر له على الفصائل السورية المعارضة، لأن جبهة الجنوب هي الساخنة حاليا، وباقي الجبهات هادئة، ولا تحتاج لدعم". 

وأضاف أن "الأمور تتجه نحو الهدوء ومخازن الأسلحة لدى الفصائل مليئة بنسبة 50 في المئة تقريبا، ويكفيها أن تقاتل فيه لأشهر إن تجددت المعارك"، وفق قوله.
 
وأوضح أن الحل الأمثل للفصائل لتزويد الجبهات الساخنة بالسلاح يكون عن طريق "مقاتلة النظام، واقتحام مواقعه ومخازن الأسلحة لديه، والسيطرة عليها كغنائم من النظام نفسه، وليس من أحد آخر". 

أما النجار، فقال إن القرار يترتب عليه "مسؤولية أخرى على الدول العربية والأوروبية التي تدعم المعارضة السورية، بأن تفشل المشروع الإيراني في سوريا، الذي يزرع له قواعد في سوريا للانطلاق إلى مناطق جديدة"، مضيفا بأنه "لا توجد مصداقية لدى روسيا لأي مفاوضات وحل سياسي في سوريا".

وعلى المستوى الميداني، أكد النجار أن القرار "لا يوجد له أثر على المستوى الميداني ولا يحدث فرقا"، مبينا أن الفصائل ستبقى تعتمد على "فساد النظام"، وشراء الأسلحة من بعض المسؤولين عن مستودعات أسلحة النظام في الأماكن غير المحاصرة من النظام السوري. 

أسباب القرار الأمريكي 

وتسعى الإدارة الأمريكية إلى فرض سياسات جديدة في سوريا، في ظل تخوفاتها من تصدر الفصائل الإسلامية للمشهد السوري، وفرض سيطرتها على بعض المناطق عند تنفيذ خطة تقسيم سوريا مستقبلا، وفق ما أفاد به ناشطون. 

وأرجع المتخصص في العلاقات الدولية، أحمد أبو علي، أسباب القرار الأمريكي إلى أن "الثورة السورية في مرحلة التصفية، وتحاول أمريكا إقصاء الفصائل الإسلامية المسلحة في سوريا، عن طريق دعمها لفصائل تصفها بالمعتدلة، لتكون هي من تمسك بزمام الأمور في مناطق التواجد العربي السُني الجديدة، وعدم سيطرة فصائل متشددة عليها"، وفق تعبيره.
  
 وأضاف أبو علي في حديثه لـ"عربي21"، أن هذه الفصائل "ستكون مشروعا مستقبليا لمسألة التقسيم بعد طرد تنظيم الدولة من الرقة ودير الزور، وإجبار الجميع على التقسيم وإقصاء أي فصائل إسلامية أخرى عن المشهد السوري".
 
واعتبر  أن سبب القرار جاء "لإضعاف الثورة السورية، وإنهاك الفصائل المعارضة"، ونوعا من الإحباط والاستسلام للأمر الواقع، والرضوخ للقرارات التي تقرها أمريكا وروسيا في المنطقة، مضيفا أن القرار جاء أيضا "تنفيذا لرغبة روسيا بإيقاف الدعم الأمريكي للفصائل السورية".  

في حين، اعتبر عضو المجلس الأعلى لقيادة الثورة، ياسر النجار، أن القرار كان رسالة لبوتين، بأن "هنالك تقاربا بين الإدارة الأمريكية وموسكو بشأن قضية استبعاد بشار الأسد عن السلطة، وأن الجبهات لا تعني أمريكا، خصوصا بعد فتح معركة مع تنظيم الدولة".  

وأشار إلى أن الموقف الأمريكي وسيناريو الحل السياسي له ضعيف، مقارنة مع الموقف الروسي وسيناريوهاته العسكرية والسياسية ودعمه المستمر للنظام السوري.