كتاب عربي 21

ترامب وبهائم الأنعام

1300x600
الأنثى امتحان الذكر، وأحياناً برهانه.

لم يحضر ترامب معه المارينز، أو الخيالة، أو الأساطيل البحرية.. جاء أعزل إلا من ابنته وزوجته!

جاء اليانكي لأول مرة إلى بلادنا المعطاء، ومعه قوة ناعمة وبيضاء، تمشي كما يمشي الوجي غير الوجل، فأعطته البلاد ممثلة بملكها ما أراد وهي راغبة، وبلغه ملك البلاد آية، بل آيتين: هما آية هزّ الفنجان، وآية العرضة، مبينتان، وبان لكل ذي عقل في قدمه، أو شعر في لسانه، أنّ لدينا ما يهزّ غير الخصر، وفي الآيتين هزّ غير قليل، مرةً لليد ومرةً للجذع، وثمة هزّ سنرى نجومه في عزّ الظهر.. 

أظن أن أحد أسباب قوة الغرب هي المرأة، التي نخسر معركتها، لقد فعل دونالد ترامب ما فعله محمد دحلان، عفواً، بكو عوان في ملحمة الحب الكردية، عندما جعل زين مقابل مم، فسُحر بجمالها وخسر المعركة في لعبة الشطرنج القاتلة، ففي الحرب، حتى تلعب جيداً يجب أن تكون النساء وراء الظهر، أو محجبةً، وتستقبل الرماح في لبان الأدهم، لقد خسرت عاصمة المسلمين في العالم، مركز الأرض، وتبيّن أن عاصفة الحزم هي في هزّ الفنجان.

كان ملك الشطرنج قد قتل كل خيوله وجنوده، ودمّر قلاعه مقابل ... صباع كفتة، أو هزّة فنجان.
 تحسّر ناشطون على سوء الحال، وقارنوا بين هيئة ايفانكا وأمها مكسوتين بغلالة الوقار المسيحية السوداء، في عاصمة المسيحية المقدسة، أمام البابا، وبين حالها في العاصمة الإسلامية المقدسة أمام خادم الحرمين الشريفين، قريباً من مهبط الوحي، على رمية حجر من أم القرى. 

وتبادل الناشطون صور الأمراء السعوديين، وحرس الشرف السعودي، وأعينهم تختلس النظر وتفيض إعجاباً “بالعجية" ايفانكا، وايفانكا تصحيف أعجمي للفظ اسم حواء، وتصغير سلافي له، والعجية في المصري “بت"، وقد بُتّ في أمر الأمة، التي تولول وتنادي واترامباه، وعادت بمائة مليون دولار، وشعبان أو ثلاثة من الشعوب الإسلامية في المخيمات، وأخرى جائعة في بيوتها. وغنم أبوها ثروة خرافية تستعصي على خيال أمة مكلومة ، صدقةً فطر عن شهر رمضان، على المذهب البروتستانتي، غنمها دونالد من غير ايجاف خيل ولا ركاب، أو لنتيه الطيبة في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وكانت باهظة نتائج ذلك المشهد الذي وصفه باسم يوسف وهو يشاهد زعماء القمة يضعون أيديهم على كرة أرضية مضيئة بقوله: بيحضروا أرواح؟ 

إنهم يحضرون أرواحنا..

وسربت الصحف العالمية أن الأسلحة التي ستردنا بهذه الأموال، هي إسرائيلية!

ايفانكا جميلة، والجميلات كثيرات، لكنها ملكة، أو على الوجه الصحيح ابنة ملك غربي، وهي المرة الأولى التي نعرف حسناء مثلها تدخل القصر الملكي السعودي، فالأخريات اللاتي دخلنه كبيرات في السن، وقواعد من النساء لا أرب فيهن، مثل أنجيلا ميركل. وكان غليوم إمبراطور ألمانيا قد زار دمشق - ودمشق أقلُّ هيبة وكرامة من الحرمين الشرفين-  وزوجته محجبة حجاباً لا يبدي حتى عينيها. يقول المؤرخون إن غليوم  كان قد تأسّى بالسلطان العثماني، فقد كانوا سادة الكوكب وقتها، والضعفاء يقلدون الأقوياء، وكان العرب أقوياء جداً يوماً، حتى أن قاموس أكسفورد اقتبس صفة المدنية من كلمة العرب: Urbanisation

وكانت حصائل القمة العربية الإسلامية الأمريكية أن ثنائي أضواء المسرح الكوني المصري والسعودي، من شدة غيرتهما على اغترار شباب الأمة بايفانكا والنساء وربات الحجال، بادرا إلى فرض الحجاب، ليس على زائرة الحرمين وأمها، وإنما على الصحف والمواقع الإلكترونية، ومنها الجزيرة! 

يقول ممدوح حمزة متنبئاً بهذا الحجاب السعيد؛ إنه تمهيد لتسليم تيران وصنافير، والأمر أبعد من ذلك. العرب يحبون تقديم الجزر مقبلات: والجزيرة التي رعت بعينها الربيع العربي هي أحد أهم الأهداف.

وتمنيت من إحدى الصحف العربية، تحرير التصحيح الذي صححه الملك السعودي للملك الأردني عندما صلى (والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي العربي الهاشمي الأمين)، متفاخراً بنسبه، ولا أنساب عند الله سوى نسب التقوى، فالصلاة على النبي في سياق الحديث لا تكون بالصلوات الإبراهيمية التي اجتهد الملك السعودي في لفظها، لكنه لم يوف الكلمات المقدسة حقها.

قبل الزيارة بشهر، أحببت أن أصف ترامب في مفكرتي، وقد نوى الزيارة إلى السعودية بالحاج ترامب. قدّسَ الحاج ترامب زياراته للحرمين الشرفين بزيارة القدس الشريف، وشكر الله على ما رزقه من بهيمة الأنعام، فجمع ما لم يستطع المسلم عمله بجمعه حجة أولى القبلتين إلى ثالث الحرمين الشريفين، وهي عبارة كان ياسر عرفات يهواها، ثم وجدت فيديو" ميكس" شائعاً عن ترامب وهو يستقبل في السعودية مع نشيد الهجرة النبوية إلى المدينة: طلع البدر علينا من ثنيات الوداع!

ثم وجدت صالح المغامسي على التلفزيون يهرب من إبداء رأيه بالزيارة، أو يشترك في محاربة الإرهاب، فما ترك قوم الجهاد إلا ذلُّوا. والغرب لم يكفّ يوماً عن الجهاد استجابة لمنطق الحديث الشريف، فهو قاعدة وسنّة بشرية.

وقرأت تغريدة العريفي يدعو بالخير لهذه القمة. وسمعت بسعودي يسمي مسجداً باسم ايفانكا حتى يشفع لها بالجنة.  وآخر يسمي ابنته على اسمها!

الإعلام له سحر كما كان لحبال فرعون، لكن الأغرب أن يتذكر بيان آل الشيخ بعد خمس سنوات من بناء مسجد محمد عبد الوهاب اسمه، ويغار عليه تلك الغيرة المتأخرة، ويخرج آل ثاني من بركة النسب الوهابي، وقد دمرت ثلاثة أرباع مساجد سورية، والمسجد الأقصى على شفا حفرة من الاحتلال الكامل، فالضيف الكبير "كوفيف" يريد نقل القدس إلى الوصاية الإسرائيلية، فما هكذا تورد الذئاب !  ثم هجم باسم يوسف على ابن القيم وابن تيمية، ولاحقاً بالقائد الثقافي الحائز على البوكر، السيد يوسف زيدان في الهجوم على صلاح الدين سعياً وراء رضى "عبد الفتاح قلب الثعلب".

وكان الصحافي وائل قنديل قد قال ساخراً في صفحته: ما رأيك بإدراج الكنافة والقطائف في الكيانات الإرهابية؟!

كانت الحواجز تكشف كل البطيخ وعلب السمنة في الثمانيات في سورية، إذلالاً للمواطن وإرهابا له، وقبل ثلاث سنوات كشفت قيادات القوات المسلحة المصرية، خير أجناد الأرض على العذرية باعتبارها من الكيانات الإرهابية، من غير "شوية مسافة" تلك التي ينادي بها صحافي لبناني غيور على حرية الرأي، وعلى عزازيل. ثم رأينا حسين الجسمي مطرب الحرب على الإرهاب، وبشرة خيرة يشارك في أغنية زين بعد تزويرها.

العرب لا يجيدون التحليل السياسي، وكان قد تنبؤوا أن ملك السعودية سيغضب من السيسي غضباً كبيراً، ويقطع عنه مدد الرز، بسبب تطاول أبواقه الإعلاميين على السعودية، ثم وجدنا محمد بن سلمان يتودد مصر الانقلاب، ويتهم الإخوان بتعكير الأجواء! والتنبؤ الثاني كان بهجوم العرب على إيران بعد زيارة ترامب الميمونة، فإذا بهم يتآمرون على شقيقتهم قطر!

قال الصائم وهو يأكل لحم الضأن: يجب أن نحمد الله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام.

وكان يقصد بهيمة الأنعام التي تؤكل، وليس بهائم  الأنعام التي تحكم في كثير من الأوطان.