ملفات وتقارير

لماذا يتمسك السيسي بوزير داخليته رغم "فشله"؟

مراقبون: فشل عبدالغفار بشكل واضح في منع "العمليات الإرهابية" المتكررة منذ توليه المسؤولية- تويتر
مراقبون: فشل عبدالغفار بشكل واضح في منع "العمليات الإرهابية" المتكررة منذ توليه المسؤولية- تويتر
يتساءل مراقبون عن سر تمسك قائد الانقلاب في مصر عبدالفتاح السيسي، بوزير داخليته مجدي عبدالغفار، على الرغم من "فشله الواضح" في منع "العمليات الإرهابية" المتكررة منذ توليه المسؤولية، وكثرة الانتقادات الموجهة إليه.

وتعالت الأصوات المطالبة بإقالة عبدالغفار بعد تفجيري الإسكندرية وطنطا الأخيرين، اللذين وقعا الأحد الماضي، وأسقطا نحو 45 قتيلا وأكثر من 125 مصابا، وأعلن تنظيم الدولة مسؤوليته عنهما.

وكشفت ملابسات التفجيرين الأخيرين تقصيرا أمنيا واضحا، بحسب مختصين بالشؤون الأمنية، حيث وقعا رغم إعلان داخلية الانقلاب حالة الاستنفار لتأمين الكنائس في أعياد الأقباط، فضلا عن إبطال مفعول قنبلة في كنيسة طنطا قبل أيام من إعادة استهدافها.

وأظهرت تسجيلات كاميرات المراقبة عدم قيام الشرطة بمسؤوليتها في تأمين كنيسة الإسكندرية التي تواجد بها البابا تواضروس، تاركة مهمة فحص الزوار لأحد عمال النظافة بالكنيسة، الذي منع بدوره الانتحاري من الدخول دون المرور ببوابة كشف المعادن، بينما جلس رجال الشرطة يتسامرون بالقرب من البوابة.

متى يقال عبدالغفار؟

وتساءل مراقبون عن موعد إقالة الوزير عبدالغفار، الذي حدثت في عهده الممتد لنحو 25 شهرا، 21 عملية "إرهابية"، أبرزها: اغتيال النائب العام السابق هشام بركات، وتفجير الطائرة الروسية فوق سيناء، وتفجير الكنيسة البطرسية بالعباسية، وتفجير مبنى الأمن الوطني في محافظة القليوبية، وتفجير القنصلية الإيطالية بالقاهرة، واغتيال قائد فرقة المدرعات عادل رجائي.

وعقب تفجيري الأحد الماضي؛ أعلن السيسي حالة الطوارئ في البلاد، وأمر بنشر القوات المسلحة في الشوارع لمساعدة الداخلية في تأمين المنشآت الحيوية، وهو ما فسره مراقبون بأنه إقرار منه بضعف داخلية الانقلاب في مواجهة التحديات الأمنية.

ويقول مراقبون إن السيسي يخشى إقالة عبدالغفار في أعقاب التفجيرات الأخيرة، خوفا من إحداث شرخ في العلاقة بينه وبين الأجهزة الأمنية، التي ما زالت تدعمه وتقف وراءه بقوة في مواجهة الغضب الشعبي، والتناقص الحاد في شعبيته.

الوزير القوي

وتعامل وزير داخلية الانقلاب مع الانتقادات العنيفة التي وجهت له في الأيام الثلاثة الماضية، بثقة وصلت إلى حد الغرور، حتى إنه تجاهل استدعاء البرلمان له في اليوم التالي لتفجيري طنطا والإسكندرية، ورفض التحدث للنواب وتوضيح الوضع الراهن لهم.

وانتقد عدد من النواب تجاهل الوزير للبرلمان، حيث قال عضو لجنة حقوق الإنسان في برلمان الانقلاب، النائب مجدي سيف، في كلمة له باللجنة الاثنين الماضي، إن الوزير يستخف بالبرلمان. وأكد النائب أحمد شعيب أن وزير الداخلية "يعيش في برج عاجي".

وقامت السلطات ليومين متتاليين بمصادرة صحيفة "البوابة" التي يرأس تحريرها الصحفي والنائب البرلماني عبدالرحيم علي، بعد أن وجهت نقدا للوزير وحملته مسؤولية التفجيرات الأخيرة، ولم يتمكن علي، رغم قربه الشديد من دوائر السلطة، من حماية صحيفته من المصادرة.

الحل ليس في إقالة الوزير

من جهته؛ قال أستاذ العلوم السياسية مصطفى علوي، إن "البلاد تشهد تقصيرا أمنيا شديدا لا ينكره أحد".

وأكد علوي في تصريحات لـ"عربي21" أن تأمين الكنائس يشهد تقصيرا واضحا من جانب الداخلية، مضيفا أنه "يجب أن يتم تشكيل لجنة تضم الشرطة وممثلين عن الأقباط تتولى تأمين الكنائس؛ لأن الشرطة حتى الآن لا تؤمن الكنائس من الداخل، وتكتفي فقط بتأمين محيطها".

وأشار إلى أن "الحل ليس في إقالة وزير الداخلية؛ لأن منظومة التأمين نفسها ستظل فاشلة ولن تتغير بإقالة وزير والإتيان بغيره"، مضيفا أنه "لو تمت إقالته في هذه الظروف؛ فإن هذا سيعطي انطباعا سلبيا لدى المواطنين في مصر، وكذلك لدى الدول الغربية".

وشدد علوي على أن "الحل هو في اتخاذ إجراءات ردع شديدة تمنع حدوث عمليات إرهابية مجددا"، مشيرا إلى أن "السيسي يتفهم هذا جيدا، ويعمل الآن على تطوير المنظومة الأمنية من خلال الإعلان عن تأسيس مجلس مكافحة الاٍرهاب، الذي تم تشكيله بعد العمليات الأخيرة".

الوزير أقوى من السيسي

من جانبه؛ رأى الباحث السياسي محمد السعيد، أن "المطالبات الكثيرة مؤخرا بإقالة وزير الداخلية؛ تعد أقل رد على التفجيرات المتعددة التي تشهدها البلاد"، مشيرا إلى أن "صراع الأجنحة داخل مؤسسات الدولة أصبح أقوى من أي قرار سياسي لمعالجة المنظومة الأمنية الفاشلة".

وأوضح السعيد لـ"عربي21" أن "هناك حرب أجنحة تحديدا داخل المنظومة الأمنية، حيث أصبح هناك خلاف واضح بين كيانين كبيرين؛ أحدهما جهاز أمن الدولة، وهناك مصالح أمنية تدعم وجود الوزير مجدي عبدالغفار في منصبه، الذي يبدو أنه أصبح أقوى من السيسي نفسه" على حد قوله.

وأضاف أن "ما حدث في الإسكندرية وطنطا كان تقصيرا أمنيا واضحا لكل المراقبين"، مشيرا إلى أن "كنيسة طنطا على سبيل المثال، التي وقع فيها الانفجار، تم إبطال مفعول قنبلة أمامها منذ أسبوع، وكان هذا كفيلا بأن يكثف الأمن من تواجده هناك، وتقوم الداخلية بدورها، لكن هذا لم يحدث، بل على العكس تعرضت لتفجير جديد".
التعليقات (0)