اقتصاد عربي

تصاعد الاحتجاجات على رفع الضرائب في لبنان

تصاعدت الدعوات الاحتجاجية على الزيادات الضريبية التي تبنتها الحكومة برئاسة سعد الحريري- عربي21
تصاعدت الدعوات الاحتجاجية على الزيادات الضريبية التي تبنتها الحكومة برئاسة سعد الحريري- عربي21
حذر خبراء اقتصاديون في تصريحات لـ"عربي21" من خطورة رفع الرسوم الضريبية التي تنوي الحكومة اللبنانية فرضها على العديد من القطاعات في لبنان، وتطال مختلف الفئات الاجتماعية.

وتصاعدت الدعوات الاحتجاجية على الزيادات الضريبية التي تبنتها الحكومة برئاسة سعد الحريري، لحساب تأمين سلسلة الرتب والرواتب لموظفي القطاع العام، وهي ما يقصد بها رفع رواتبهم ومخصصاتهم.

وتطال الزيادة الضريبية مختلف القطاعات، وتشمل زيادات على المحروقات ورسوم المعاملات الرسمية، والعديد من البنود الأخرى، ما دفع نقابات وهيئات اقتصادية وتجمعات شبابية إلى الدعوة لحراكات في الشارع، احتجاجا على ما يصفونه بقرارات جائرة بحق المواطنين اللبنانيين.

وبينما أكد الحريري أن "الضرائب أو الرسوم المفروضة على السلسلة معروفة من العام 2014"؛ عزف الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله على نغمة أخرى، حيث إنه طالب برفع "الضرائب على الأغنياء، وليس الفقراء".

وزارات تفتقد العصرنة

من جهته؛ أكد الخبير الاقتصادي إيلي يشوعي على "أهمية القيام بإجراءات إصلاحية قبل الشروع بأي زيادات ضريبية في لبنان".

وأضاف لـ"عربي21": "كان حريا تطوير الإدارات والوزارات المتآكلة التي تحتاج إلى عصرنة، فهناك وظائف كثيرة تخطاها الزمن ولم تعد ضرورية، فضلا عن ضرورة تفعيل أجهزة الرقابة في لبنان، كمجلس الخدمة المدنية، وديوان المحاسبة، وغيرهما".

وطالب يشوعي بـ"العصرنة والتفعيل كخيار أول للتطوير الاقتصادي"، داعيا في الوقت ذاته إلى "معالجة ارتفاع نسبة الفوائد في لبنان، قياسا بالاقتصاديات في العالم، فسياسة تثبيت النقد التي ينتهجها البنك المركزي اللبناني قديمة، ولم تعد مستخدمة في معظم دول العالم".

وانتقد يشوعي ارتفاع "نسبة خدمة الدين في لبنان إلى نحو خمسة مليارات دولار"، لافتا إلى "وجود ثغرات تشوب شفافية تلزيم مناقصات المشاريع الكبرى وميزانياتها".

ورأى يشوعي أن لبنان يحتاج إلى "إصلاح النظام الضريبي، ومكافحة التهرب من الحقوق المالية المختلفة للدولة"، معتبرا أن الحكومة "فشلت في أول تحد لها على الصعيد الاقتصادي، وهناك عدم رضا شعبي عن خياراتها وأدائها". 

التوقيت الخاطئ

من جانبه؛ قال الخبير الاقتصادي غازي وزنة، إن ما تم إصداره من قرارات بخصوص رفع نسب ضرائب معينة "هو إجراء طبيعي، لكن توقيته خاطئ، فالوضع الاقتصادي صعب ودقيق".

وأضاف لـ"عربي21" أن "النمو الاقتصادي لا يتجاوز واحدا بالمئة، عدا عن تراجع الأحوال الاجتماعية بشكل عام في لبنان، لتأتي هذه الزيادات وتثقل كاهل اللبنانيين".

وأوضح وزنة أن الضرائب التي رفعت نسبتها الحكومة "بلغت 27 بندا ضريبيا، وإن كانت الزيادة خفيفة، لكن انعكاسها الإجمالي جسيم، حيث يطال الفئات الاجتماعية كافة، وخصوصا لجهة الزيادة على القيمة المضافة"، مشيرا إلى "أن ما يفاقم الأزمة هو ضعف الرقابة على النظام الاقتصادي، وهشاشة دور الرقابة، وعدم تحديد هامش للربحية".

ولفت إلى أن الزيادات تطال قطاعات حساسة، "فهناك زيادات على المازوت بنسبة أربعة بالمئة، وعلى الرسوم الجمركية، وهذه إجراءات تطال كل الفئات الاجتماعية الميسورة والمتوسطة والفقيرة، كما أن هناك رفعا لنسب الضرائب على القطاعات الاقتصادية الكبرى، مثل أرباح الشركات من 15 إلى 17 بالمئة، فضلا عن ضرائب مخصصة، كرفع نسبة الضريبة في المصارف على الودائع من خمسة إلى سبعة بالمئة، وتبرز أيضا الضريبة على القطاع العقاري لجهة الربح، وهي لم تكن موجودة سابقا، وتبلغ نسبتها حاليا 15 بالمئة، إضافة إلى رفع نسبة الضريبة على مساحة البناء".

وتحدث وزنة عن قرارات ضريبية لافتة تطال قطاع السياحة، وقال إن "هناك تعديلا تصاعديا لضرائب هذا القطاع، تشمل المشروبات الروحية، ورسوم الدخول والخروج من وإلى لبنان".

حرج الحكومة

ورأى وزنة أن "الحكومة اللبنانية محرجة تجاه الرأي العام، فهي بين نارين؛ الأولى إعطاء الحقوق لقرابة 250 ألف موظف من القطاع العام الذين ينتظرون حقوقهم منذ عام 1992، والثانية الفئات الاجتماعية والمؤسسات الاقتصادية، التي ليس بمقدورها تحمل أعباء ضرائبية إضافية".

وحول وجود خيارات أخرى متاحة للحكومة؛ أوضح وزنة أن "المصارف حققت أرباحا في العام المنصرم بلغت خمسة مليارات دولار، أي ما يفوق الضعف من أرباحها في العام الذي سبقه، ولذلك كان تخصيص ضريبة على أرباح المصارف بنسبة معينة خيارا متوفرا بإمكانه، لو تم تبنيه، أن يكون مخرجا لحرج وأزمة الحكومة".

ولفت إلى أن التدابير التي أصدرتها الحكومة "موضوعة منذ عام 2011، حيث كان الوضع الاقتصادي في لبنان أفضل بكثير مما هو عليه اليوم، ولو صدرت حينها لكانت الأمور قابلة للسير بها دون اعتراضات تذكر، أما في الوضع الحالي فالأوضاع الاقتصادية رديئة للغاية، حيث تراجعت جميع المؤشرات الاقتصادية في لبنان".

واستبعد وزنة أن تكون هذه القرارات نابعة من غايات سياسية، لكون ما يطالب فيه موظفو القطاع العام يعد عاملا ضاغطا على العهد الجديد؛ لإنصافهم في مطالبهم القديمة التي طالبوا بها منذ سنوات.
التعليقات (0)