نشر موقع "technology.org" تقريرا حول طريقة جديدة طورها الباحثون في جامعة ماستشوستس لقياس الدوبامين في الدماغ، بطريقة أدق بكثير مما كان ممكنا، ما سيسهل على
العلماء التعرف بشكل أفضل على دور هذه المادة في عملية التعلم والذاكرة والانفعالات.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن مادة الدوبامين هي واحدة من العديد مما يسمى بالنواقل العصبية، "أي أنها تقوم بنقل الإشارة من خلية عصبية إلى أخرى".
ويلفت الموقع إلى أن أنظمة القياس السابقة كانت محدودة الإمكانيات، من حيث مدة توفير قراءات دقيقة، ومن ناحية المساحة الدماغية التي يمكن تغطيتها، مستدركا بأن الجهاز الجديد المؤلف من مصفوفة من الإلكترودات، "الأقطاب الكهربائية" الكربونية، يتجاوز هاتين العقبتين.
وينقل التقرير عن بروفيسور الهندسة في قسم علم المادة والهندسة وعضو معهد "كوتش" لأبحاث السرطان التكاملية مايكل سيما، قوله: "لم يقم أحد فعلا بقياس تصرفات الناقل العصبي على هذا النطاق من ناحية المساحة والوقت، ووجود مثل هذه الأداة يساعد الباحثين في دراسة أي
أمراض تتعلق بالناقل العصبي".
ويقول الموقع إنه كون المصفوفة صغيرة جدا فإن لديها القابلية لتطويرها لتستخدم على البشر في المحصلة؛ لمراقبة ما إذا كان العلاج المستخدم لتعزيز مستويات الدوبامين ينجح في ذلك، وكثير من الاضطرابات في الدماغ البشري، وبالذات مرض باركنسون، ترتبط بتحول في الدوبامين.
ويورد التقرير نقلا عن هيلين شويردت، من معهد "كوتش"، وهي مشاركة رئيسة في كتابة التقرير الذي نشر في مجلة "لاب أون أ تششيب"، قولها: "ما يتم الآن من تنشيط لدماغ مرضى باركنسون نفترض أنه يقوم بشكل أو بآخر بإمداد الدماغ بالدوبامين، لكن لم يقم أحد بقياس ذلك".
وينوه الموقع إلى أن الأساتذة مايكل سيما وروبرت لانغر وآن غرايبيل اشتركوا في هذا البحث، وركزوا على منطقة في الدماغ تسمى الجسم المخطط "ستريتام"، فالدوبامين المنتج في هذه المنطقة من الدماغ ضروري لتشكل العادات لدى الإنسان وللتعلم المرتبط بالمكافأة.
ويفيد التقرير بأن علماء الأعصاب استخدموا الآن إلكترودات كربونية، قطرها حوالي 100 مايكرون؛ لقياس الدوبامين في الدماغ، مستدركا بأن هذه الطريقة يمكن استخدامها بشكل يعتمد عليه لمدة يوم تقريبا؛ لأنها تنتج ندبا يعيق تفاعل الإلكترودات مع الدوبامين، كما يمكن لطبقات أخرى أن تترسب على سطح الإلكترودات مع الوقت معيقة القراءة، وبالإضافة إلى ذلك، فإن احتمال أن يصل أحد هذه الإلكترودات إلى نقطة فيها دوبامين قابل للقياس هي 50%.
وبحسب الموقع، فإن فريق جامعة مساتشوستس صمم إلكترودات بقطر 10 مايكرون، وجمعها في مصفوفات، كل منها مكونة من 8 إلكترودات، ولفت ببوليمر صلب يسمى "بي إي جي"، يحمي الإلكترودات ويمنعها من الارتداد عند إدخالها إلى الدماغ، بالإضافة إلى أنه يذوب خلال عملية ادخال الإلكترودات، فلا يدخل إلى الدماغ.
ويكشف التقرير عن أن هذه الإلكترودات الصغيرة تقيس الدوبامين بالطريقة ذاتها التي كانت تعمل من خلالها الإلكترودات الكبيرة، حيث يقوم الباحث بتمرير تيار متردد خلال الإلكترودات، وعندما يصل الجهد الكهربائي إلى نقطة معينة يمر أي دوبامين موجود في منطقة الإلكترود بتفاعل كهروكيماوي ينتج تيارا قابلا للقياس، مشيرا إلى أنه باستخدام هذا الأسلوب يمكن مراقبة وجود الدوبامين كل ميلي ثانية.
ويذكر الموقع أن الباحثين أثبتوا أنهم باستخدام هذه المصفوفات من الإلكترودات فإنه بإمكانهم مراقبة مستويات الدوبامين في أكثر من مكان في الجسم المخطط في آن واحد، لافتا إلى أن الباحثين يجرون الآن تجارب ليروا كم من الوقت يمكن لهذه الإلكترودات أن تستمر في إعطاء إشارة يمكن قراءتها، حيث نجح الجهاز الآن في العمل لشهرين، وبهذه الإمكانيات أصبح بإمكان العلماء رصد تغيرات الدوبامين على مدى فترات طويلة من الوقت، مع تطور العادات وتعلم المهارات الجديدة.
ويختم الموقع تقريره بالإشارة إلى أن العلماء يأملون بأن يكتشفوا الدور الذي تؤديه مادة
الدومابين في التعلم من خلال التجارب التي يجرونها على الفئران، بالإضافة إلى أنهم يأملون بأن يتوصلوا إلى طريقة يخاطبون فيها الدماغ، من خلال المواد الكيماوية، وفي المحصلة تطوير حقن دماغية لعلاج الاضطرابات الدماغية.