سياسة عربية

هل تشعل "الكركرات" فتيل الحرب بين المغرب والبوليساريو؟

يعتبر مراقبون أن البلاغ يعد أقوى وأوضح تصريح رسمي مغربي على التطورات العسكرية الجارية في منطقة (الكركرات)- أرشيفية
يعتبر مراقبون أن البلاغ يعد أقوى وأوضح تصريح رسمي مغربي على التطورات العسكرية الجارية في منطقة (الكركرات)- أرشيفية
بلغت الأوضاع في منطقة "الكركرات" (على الحدود المغربية الموريتانية) درجة عالية في التوتر، عكستها تصريحات المسؤولين السياسيين لكل من المغرب وموريتانيا وجبهة البوليساريو الانفصالية (تدعو لانفصال الصحراء عن المغرب).

فبعد إعلان وزير دفاع ما يسمى بـ"الجمهورية العربية الصحراوية" (معلنة من جانب واحد) استعداد قواته للحرب، وحديث الرئيس الموريتاني عن خطورة الأوضاع في منطقة "الكركرات"، جاء الدور على العاهل المغربي الذي حذر الأمم المتحدة من "انهيار" وقف إطلاق النار الصامد منذ1989 و"تهديد استقرار الإقليم".

تحذير المغرب  

حذر العاهل المغربي الملك محمد السادس في اتصال هاتفي مع الأمين العام الجديد لمنظمة الأمم المتحدة، مما وصفها بـ"الاستفزازات" التي تقوم بها البوليساريو (تدعو لفصل الأقاليم الجنوبية عن المغرب) قد تؤدي إلى نسف وقف إطلاق النار.

وقال العاهل المغربي إن الوضع الحالي "يهدد بشكل جدي وقف إطلاق النار ويعرض الاستقرار الإقليمي للخطر".

وأوضح بلاغ للديوان الملكي، أن العاهل المغربي "طلب من الأمين العام للأمم المتحدة اتخاذ الإجراءات العاجلة واللازمة لوضع حد لهذا الوضع غير المقبول، الذي يهدد بشكل جدي وقف إطلاق النار ويعرض الاستقرار الإقليمي للخطر".

وأضاف بلاغ للديوان الملكي، الذي تتوفر "عربي21" على نسخة منه، أن "الملك محمد السادس، أجرى اتصالا هاتفيا، الجمعة، مع أنطونيو غوتريس، الأمين العام لمنظمة الأمم المتحدة".

وزاد البلاغ أن "الملك أثار خلال هذا الاتصال انتباه السيد غوتريس إلى الوضعية الخطيرة التي تسود منطقة (الكركرات) بالصحراء المغربية، بسبب التوغلات المتكررة للعناصر المسلحة لـ"البوليساريو" وأعمالهم الاستفزازية".

وأكد البلاغ أن "هذه الأعمال اقترفت بشكل مقصود قبل شهر من عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي بهدف خلق البلبلة، وفي محاولة يائسة لنسف هذا المسلسل".

وشدد بلاغ الديوان الملكي، على أنه و"تنفيذا للتعليمات الملكية السامية، كانت وزارتا الشؤون الخارجية والتعاون والداخلية والمفتشية العامة للقوات المسلحة الملكية قد أشعرت، في مناسبات عدة، المينورسو والأمم المتحدة بهذه الأعمال".

موريتانيا: الوضع خطير

وصف الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، الوضع في "الكركرات" بـ"الخطير"، لتواجد صحراويين مسلحين وقوات مسلحة، وذلك في إشارة إلى ميلشيات جبهة البوليساريو.

وقال الرئيس الموريتاني في حوار مع قناة "فرانس24"، أذيع الجمعة، ساعات قبل نشر اتصال ملك المغرب بأمين عام الأمم المتحدة، إن الأمر في الكركرات ماض في التصعيد، ما يجعل المنطقة في خطر.

وأوضح الرئيس الموريتاني، أن "الوضع في الكركرات تماما كما تنقله وسائل الإعلام، فهناك مسلحون من جبهة البوليساريو، وهناك القوات المغربية في الجهة المقابلة، والأمر خطير وقد يتطور".

وأضاف ولد عبد العزيز الذي كان يتحدث عن مجموعة من القضايا، في معرض جوابه عن سؤال حول موقف بلده من الصراع الحاصل بين المغرب والجزائر، -قال- إن بلاده لا تقف مع المغرب ضد الجزائر ولا مع الجزائر ضد المغرب، موضحا أن لموريتانيا موقفا حيادي من المشاكل التي يمكن أن تكون بين البلدين.

وأكد الرئيس الموريتاني أن دولته مستقلة ولا يحق للجزائر أن تتدخل في علاقته بالمغرب، ونفس الشيء لا يحق للمغرب التدخل في علاقته مع الجزائر.

تهديدات البوليساريو

أعلن وزير الدفاع الوطني، في الجمهورية العربية لصحراوية، (معلنة من جانب واحد)، وعضو الأمانة الوطنية بجبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب المعروفة اختصارا "البوليساريو"، عبد الله لحبيب البلال، أن "الجيش الصحراوي كله في حالة استعداد واستنفار من المحبس إلى الكركرات على طول الحزام الحدودي".

وأضاف عبد الله لحبيب البلال، في تصريحات صحافية، أن "سنة 2017 ستكون سنة حاسمة على طريق بناء القوة العسكرية حتى تكون في أتم وأعلى درجات الاستعداد للرد على الاستفزازات المغربية".

وأوضح أن "الوضع في الكركرات لازال كما هو والمسافة الفاصلة بين جيشنا وجيش العدو الغازي (المغرب)  أقل من 120 مترا، وهذا الوضع قابل للانفجار في أي لحظة لأن العدو المغربي لم يرجع بعد إلى جادة الصواب وعليه أن يرجع إلى الوضع قبل أغسطس".

ومضى يقول، "يوما بعد يوم يزداد تعنتا وغطرسة وتطاولا على المجتمع الدولي ولم ينصع إلى الشرعية الدولية في رجوعه إلى الوضع قبل أغسطس والبحث الجاد عن حل مشكلة تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية".

وسجل أن "جيش التحرير الشعبي منذ خرق العدو لوقف إطلاق النار حيث أوقف تقدمه ومنعه من استكمال تعبيد الطريق في اتجاه الشقيقة موريتانيا، والذي نؤكده أن جيشنا كله في حالة استعداد واستنفار من المحبس إلى الكركرات على طول حزام الذل والعار".

في ظل هذه الأجواء قام رئيس جمهورية البوليساريو بجولة ميدانية إلى كافة وحدات جيش التحرير الشعبي الصحراوي المرابطة على طول الحزام من المحبس إلى الكركرات.

وكان المغرب قد أطلق حملة أمنية على تجارة التهريب في المنطقة، بداية آب/ أغسطس 2016، وحاول إنشاء طريق بري يمر عبرها ويصل إلى موريتانيا، قبل أن يقوم مسلحو البوليساريو بقطع الطريق ومنع التجار المغاربة من الوصول إلى موريتانيا.  

العمل المغربي في "الكركرات" رأت فيه جبهة "البوليساريو الانفصالية" التي تعتبر أن المنطقة متنازع عليها، عملا تصعيديا من قبل الرباط، فشرعت في حشد مقاتليها في المنطقة، تلويحا باستعدادها للمواجهة.

ويعتبر مراقبون أن هذا البلاغ يعد أقوى وأوضح تصريح رسمي مغربي على التطورات العسكرية الجارية في منطقة (الكركرات) القريبة من الحدود المغربية الموريتانية، التي عرفت في الفترة الأخيرة تصعيدا كبيرا بين الجانبين.

وتعد الكركرات منطقة جغرافية صغيرة في منطقة الصحراء المغربية المتنازع عليها، تقع على بعد 11 كم من الحدود مع موريتانيا وعلى بعد 5 كم من المحيط الأطلسي، وتقع القرية تحت سيطرة المغرب. لا يتعدى طولها 3.7 كيلومترا حددتها الأمم المتحدة بناء على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين طرفي النزاع المملكة المغربية وجبهة البوليساريو في 6 أيلول/ سبتمبر 1991، كمنطقة عازلة فاصلة بين ميليشيات البوليساريو الانفصالية والقوات الملكية المغربية المتمركزة خلف جدار الرملي. وتعرف المنطقة الحدودية العازلة يطلق عليها "قندهار".
التعليقات (0)