صحافة دولية

لوفيغارو: تونس تقف بمنتصف الطريق بعد 6 سنوات من الثورة

راشد الغنوشي - الباجي قايد السبسي - تونس
راشد الغنوشي - الباجي قايد السبسي - تونس
نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن الذكرى السادسة لاندلاع الثورة التونسية، التي تواجه تراجعا في الزخم الثوري، ونوعا من البرود في بلد أنهكته الأزمة الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنّ ذكرى سقوط نظام الديكتاتور، زين العابدين بن علي، أثارت سلسلة من الانتقادات والتنديدات والإنذارات، لكن مع قليل من الحماس الذي ميّز روح الشرارة الأولى للربيع العربي.

وأوردت الصحيفة أنّ رئيس الجمهورية في تونس، الباجي قائد السبسي، ورئيس حكومته، يوسف الشاهد، دافعا عن المكاسب الديمقراطية التي تحققت بعد الثورة التونسية، بشكل مقتضب وغير مباشر. وهي الحال نفسها بالنسبة لباقي الأحزاب الحاكمة؛ التي التزمت السريّة والتكتّم، كما لو أنها تتجنب إثارة جدل حول خيبة الأمل التي تخيم على الشعب التونسيّ الذي أنهكته الأزمة الاقتصادية.

وأوضحت الصحيفة أنّ الروح الثوريّة لم تتلاش تماما بين صفوف الشعب التونسيّ، وقدمت الناشطة في حقوق الإنسان، لينا بن مهني كمثال على ذلك. وعموما، تعتبر بن مهني واحدة من المدونين القلائل الذين شجعوا على اندلاع الانتفاضة الشعبية في سنة 2011، ودعموها. وفي الوقت الراهن، لا زالت بن مهني، التي تعترضها الكثير من المشاكل من أجل الحصول على فرصة عمل، تدعم روح المقاومة في تونس، على عكس باقي المدونين الذين اعتزلوا الكتابة.

ونقلت الصحيفة عن الشابة الملتزمة بالدفاع عن العديد من مطالب الشباب التونسي العالقة بين يدي الإرادة السياسية؛ أنها لا زالت تؤمن بهذه الثورة. وأضافت بن مهني أنه "حتى الآن، لم يضف أي إنجاز يذكر لتاريخ الثورة؛ لأنه ليس من السهل تعلم الديمقراطية، ولا زال العديد يناضل من أجل إرساء أسس تونس الحديثة".

ونقلت الصحيفة شهادة أخرى لمدون سابق التي جاء فيها: "في بداية الأمر قالوا لنا: شكرا شباب تونس على إنجاح الثورة التونسية، لكن في نهاية الأمر، قالوا لنا: وداعا أيها الشباب الثائر".

وأضاف المدون الشاب: "لقد قاد الشباب الثورة، إلا أنهم باتوا في النهاية آخر هموم ومشاغل الطبقة السياسية. ويمكن الإقرار بأن تونس لا زالت بعيدة كل البعد عن تطلعات شبابها".

ويرى المفكر التونسيّ، يوسف الصديق، أنه "إذا قارنا تونس بفرنسا، خلال فترة ما بعد ثورة سنة 1789، إلى وقت إرساء الجمهورية، فسنعتبر أن تونس الآن لم تتجاوز بعد مرحلة الصيرورة الثورية. وعموما، فإنّ جميع مكاسب الثورة لم تتجاوز أسفل الهرم".

ولم يخفِ الصديق مخاوفه حول ما يخبئه المستقبل، وإمكانية حدوث كارثة تعيد الشعب التونسي إلى نقطة الصفر، لكنه أكد أنه ما زال متفائلا حول مستقبل تونس.

وبيّنت الصحيفة أنّ تغيّب النهضة عن التحركات الأولى للثورة، وعدم مواكبة حركة نداء تونس (تأسست في سنة 2012) لها، من بين الأمور التي لم تسمح بالاحتفال بالذكرى السنوية السادسة للثورة كما يجب. وعلى الرغم من إدراج هذا اليوم ضمن قائمة الأعياد الوطنية، إلا أنّ هذين الحزبين اللذين يمسكان بزمام السلطة أبديا اهتماما متواضعا، يوم السبت الماضي، في تقدير هذا اليوم الذي غيّر تاريخ تونس.

وأشارت الصحيفة إلى أنّ الهدف الأساسي للحكومة التونسية، في ذلك اليوم تمثَّل في تهدئة الاضطرابات الاجتماعية، الموجودة في العديد من المناطق. وفي إطار هذه الخطة، قام الرئيس التونسي بزيارة إلى ولاية قفصة، موطن مناجم الفوسفات، التي شهدت قمعا دمويا خلال "ثورة الحوض المنجمي" في سنة 2008.

وأوضحت الصحيفة أنّ السبسي قد تحدث، خلال هذه الزيارة، عن إنتاج الفوسفات الذي سيعود بالنفع على كامل المنطقة.

والجدير بالذكر أن إنتاج الفوسفات قد توقف العديد من المرات في قفصة؛ بسبب الاحتجاجات والمطالب الاجتماعيّة في هذه المنطقة المهمشة.

ولفتت الصحيفة إلى أنّ الفترة الأخيرة شهدت تزايدا في المظاهرات والاعتصامات والاضطرابات في الشارع التونسي، التي تحولت إلى سلاح في يد الشعب لجذب انتباه السلطة، كما يمكن اعتبار هذه الوسيلة من المكاسب "الثورية" التي ظفر بها الشعب التونسيَ.
التعليقات (0)