قضايا وآراء

السعودية والسيسي.. الطلاق الحتمي

محمود علوش
1300x600
1300x600
في ليلة الثالث من تموز/ يوليو عام 2013، أرسل العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز؛ برقية دعم إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بعد ساعات من إعلانه الإطاحة بسلفه محمد مرسي، وكانت بمثابة أول رسالة دعم من زعيم دولة عربية وخارجية إلى السيسي، وما حملته في طيّاتها من دعم غير محدود له، تطوّر فيما بعد إلى تقديم مليارات الدولارات من الرياض وعواصم خليجية أخرى، بينها أبو ظبي والكويت، إلى القاهرة، لتثبيت دعم النظام الجديد سياسيا واقتصاديا.

ونبع هذا الدعم حينها من رغبة أغلب الدول الخليجية، باستثناء قطر ربما، في إبعاد جماعة الإخوان المسلمين كليا من المشهد السياسي المصري، كون الجماعة في هذا البلد تشكل ثقلا سياسيا واقتصاديا؛ وداعما في الوقت نفسه لفروعها في باقي الدول العربية، وتوجيه ضربة قاصمة لها سيشكل انتكاسة مستقبلة للإخوان في البلدان العربية.

ولم تكن الخصومة السعودية للإخوان الدافع الوحيد لتقوية دعائم النظام المصري، إذ إن الرياض كانت تهدف إلى ضمان وجود القاهرة وما تمثّله من ثقل عربي لا يستهان به ضمن محورها في مواجهة المحور الآخر الذي تتزعّمه إيران.

ومع رحيل الملك عبد الله ومجيء الملك سلمان إلى السلطة، شكّلت حرب اليمن والحملة التي أطلقتها الرياض ضد المتمردين الحوثيين في اليمن؛ أول محطّة لاختبار مدى فعالية التحالف مع مصر. وعلى الرغم من أن السيسي أبدى في البداية دعما مطلقا للتحالف العربي، إلا أن هذا الدعم لم يرتق إلى المستوى الذي رغب به السعوديون، وهو تقديم المساعدة العسكرية على غرار باقي الدول الخليجية. ويُرجّح أن ذلك أثار استياء ضمنيا في عواصم الخليج؛ لأنّه كان مناقضا لمبدأ "مسافة السكّة" الذي طرحه السيسي.

تقبّل الخليج على مضض التردد المصري في تقديم الدعم العسكري، من منطلق أن مصر الغارقة في أزمات سياسية واقتصادية، وتخوض في نفس الوقت حربا ضد الجماعات الجهادية في شبه جزيرة سيناء؛ غير قادرة على ذلك، وهو ما دفع السعوديين إلى صب اهتمامهم للحفاظ على موقف القاهرة السياسي الداعم لهم. لكنّ المؤشّرات التي ظهرت فيما بعد؛ أظهرت وجود هوّة كبيرة بين الرؤيتين السعودية والمصرية فيما يتعلق بقضايا المنطقة العربية، لا سيما أن القاهرة تبنّت خطابا خارجيا يتركّز على مكافحة الإرهاب، وما يحمله هذا العنوان من دلالات كثيرة تتناغم إلى حد كبير مع الرؤية الإيرانية، وتتناقض إلى حدّ أكبر بكثير مع السياسة السعودية التي ترى في التدخلاّت الإيرانية في سوريا واليمن ولبنان والعراق مصدرا رئيسيا لتغذية الإرهاب.

المحطّة الثانية التي شكّلت فرصة لاختبار مدى جدّية الموقف المصري كانت في الملف السوري. وقد جاء تصويت المندوب المصري في مجلس الأمن الدّولي الشهر الماضي لصالح مشروع القرار الروسي، وما تلاه من استقبال القاهرة لرئيس مكتب الأمن القومي السوري علي مملوك، ومؤخرا الغزل المصري المفاجئ بالنظام السوري وجيشه، على لسان السيسي، بمثابة القشّة التي قصمت ظهر البعير في العلاقات مع السعودية. ولم يكن مفاجئا أن تلجأ شركة أرامكو السعودية إلى وقف إمداد مصر بشحنات النفط بعد يومين فقط من ذلك التصويت، في رسالة واضحة ولا تقبل التأويل على وصول الاستياء السعودي من السيسي إلى مرحلة التذمّر، وحتى التشكيك بنوايا السياسة المصرية.

اليوم، هناك حديث متصاعد عن دور عسكري مصري داعم لنظام الأسد. وبغض النظر عن مدى صدقية ما نشرته وسائل إعلام لبنانية وإيرانية عن وجود قوات مصرية في سوريا، إلاّ أن مجرّد الدعم السياسي المعلن يعطي شرعية عربية للنظام كانت مفقودة منذ بداية الثورة. وهذا مؤشّر كاف للتكهّن بأن مصر قد تنتقل بين ليلة وضحاها من المحور السعوي إلى الإيراني. وحالة التناغم غير المسبوق بين القاهرة ومحور (إيران، العراق، النظام السوري، روسيا) في القضية السورية تدفع للاعتقاد بأن الطلاق الحتمي سيكون مصير العلاقات بين الرياض والسيسي.

لا يمكن التنبؤ بسيناريوهات هذا التناغم، وما إذا كان سيتطوّر في المستقبل إلى تحالف مع هذا المحور، لكنّ ذلك ينبغي أن يشكّل حافزا للسعودية لأن تُعيد حساباتها مع السيسي قبل أن يتطوّر التمايز معه إلى ما هو أبعد من اختلاف في الرؤية هنا وهناك.
التعليقات (1)
المصرى أفندى
الثلاثاء، 29-11-2016 08:13 م
المقال مفترض بتاريخ عام سابق !!!! ما الجديد ؟ ماذا قدم المقال من معلومات حديثة ؟ روح ياشيخ الله يسامحك .