تباينت ردود فعل أهالي ضحايا مجازر الانقلاب في
مصر، حول ما أثير مؤخرا عن "مصالحة" محتملة مع نظام العسكر. فبينما رفض البعض ذلك الحديث وتمسك بـ"القصاص من القتلة"، رأى آخرون أن هناك شروطا لا بد من توافرها لقبول التصالح، فيما ترك البعض القرار لجماعة
الإخوان المسلمين.
وكشفت مصادر مطلعة في جماعة الإخوان المسلمين، أن الجماعة تتلقى اتصالات من قبل شخصيات قريبة من نظام عبد الفتاح السيسي، وأخرى من داخله، لمحاولة البحث عن رؤية ما لإنهاء الأزمة بشكل أو بآخر، أو على الأقل، الوصول لتهدئة بين مختلف الأطراف.
اقرأ أيضا: "الإخوان" تتلقى اتصالات لبحث حل الأزمة المصرية
"عربي21"، تحدثت إلى بعض "أولياء الدم"، حول إمكانية قبولهم بالمصالحة مع الانقلاب، أو ما هي شروطهم لقبولها.
من صاحب القرار؟ ومع من يتصالح؟
"لن أوافق على
المصالحة، ثم كيف تتصالح جماعة مع نظام جاء للقضاء عليها"، هكذا يرى جهاد صبحي، أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر، وشقيق عبد المنعم الذي قتل في مجزرة الحرس الجمهوري، فجر 8 تموز/ يوليو 2013.
وقال صبحي في حديثه لـ"عربي21": "إخوان لندن أم إخوان تركيا أم إخوان مصر من منهم سيقبل المصالحة؟ التي أراها مصالحة فوقية بتعليمات من المخابرات البريطانية، ولذا يجب أن يُترك الأمر لإخوان الداخل"، وفق تعبيره.
وأضاف: "المصالحة يفكر بها قيادات الإخوان منذ 2015، إلا أنهم كانوا يخشون الإعلان عنها ومن وقتها يمهدون لها"، حسب قوله.
ولفت صبحي إلى أن "نظام الانقلاب يعلم أن الإخوان بريئون، ولكن جزءا من الشعب لا يعلم الحقيقة، وضلّلهم الإعلام ويريدون قتل الإخوان، فكيف يعامل الشعب المعتقلين والمطاردين بعد المصالحة المزعومة؟"، على حد وصفه.
ورأى صبحي أن هناك طريقة واحدة حتى يحصل أهالي الشهداء على حقوقهم، وهي القصاص من الانقلابيين ومحاكمة قيادات الإخوان، واعتبر أن ذلك في مصلحة بناء مجتمع جديد قائم على العدل.
وتابع بقوله: "لا بد أن تحاسب قيادات الإخوان التي تدير العمل الآن قبل الانقلابين؛ لأنهم جزء أساسي من المشكلة، ولأن الذين ماتوا إثر الانقلاب دمهم في رقبة قيادات الإخوان قبل الانقلابيين"، على حد تعبيره.
"القرار للإخوان"
أما عبد المنعم أبو السعود، المذيع بإذاعة القرآن الكريم، ووالد محمد، الطالب بجامعة المنيا الذي قتل في 3 كانون الثاني/ يناير 2014 برصاص الأمن خلال مسيرة بالمنيا، فيقول: "الشروط المعلنة والمعروفة: عودة الرئيس مرسي، والقصاص الناجز، ومحاكمات عاجلة لكل من تورط أو حرض على الدماء من العسكر والشرطة والقضاء وعلماء الدين والإعلام، والإفراج عن المعتقلين وعودة المطاردين".
وأضاف أبو السعود لـ"عربي21": "لا أظن أن أحدا من العسكر سيقبل بهذه الشروط، كما أنه مع من يمكننا التصالح؟ فليس في العسكر رجل رشيد، لكن يمكن أن يُقبل بمن يرشحهم ثقات مثل الدكتور سيف الدين عبد الفتاح أو الدكتور محمد الجوادي أو المستشار أحمد مكي أو الدكتور سليم العوا، وغيرهم من أهل العدل والإنصاف"، وفق قوله.
وشدد أبو السعود على أنه "مع ما ينتهي إليه أهل القرار بجماعة الإخوان".
"التفاصيل أولا"
أما رئيس قسم البرامج بفضائية "مصر 25"، عصام فؤاد، زوج الصحفية أسماء صقر، التي قتُلت خلال فض اعتصام
رابعة العدوية في 14 آب/ أغسطس 2013، فقال لـ"عربي21": "ما سمعته ليس مصالحة بالمعنى الصريح، ولكنه كان حديثا عما يشبه الهدنة بين النظام والإخوان، وتقدير الأمر بقبوله أو رفضه يعتمد على التفاصيل التي سيعلنها الطرفان أو التي سيتفاوضون حولها"، على حد قوله.
"لا مصالحة مع هذا النظام"
ويرى عصام محمد، وهو أحد قيادات الصف الثاني بجماعة الإخوان المسلمين، وشقيق وجيه محمد، أحد ضحايا مجزرة فض رابعة، أن المصالحة لا تكون مع هذا النظام القائم، واعتبر أن هذه فرضية "غير منطقية"، متسائلا: "على أي شيء أتصالح مع القاتل المغتصب؟".
وقال لـ"عربي21": "المصالحة لن تكون إلا بعد أن ينتهي هذا النظام الغاصب، وتأتي مرحلة جديدة؛ قد تكون لطرف آخر يحل محل هذا النظام، وقد تكون ثورة شعبية، أو يكون انقلاب آخر يجمع كل الأطراف، وعندها يمكن أن يكون هناك فرصة لدارسة هذه الفرضية".
وأضاف: "أما في وجود عبد الفتاح السيسي وعصابته، فلن تكون هناك فرصة للمصالحة؛ لأنه لن يتحقق ما خرجنا من أجله من حرية هذا الوطن، وهو في نظري أهم من مسألة الحقوق سواء أكانوا معتقلين أو شهداء، فما خرج هؤلاء إلا من أجل غاية، فأي غاية تتحقق بالمصالحة في وجود هذا النظام الانقلابي المستبد؟"، وفق تعبيره.
"لا لمصالحة منقوصة"
ويقول أشرف الزندحي، والد إسلام، وهو أيضا أحد ضحايا مجزرة فض رابعة: "لا أقبل مصالحة لا تقتص لدماء الشهداء، وتعوض المتضررين، وتفك قيد المعتقلين، وتحاسب سفاكي الدماء جميعا".
وأكد الزندحي لـ"عربي21"؛ أنه لن يقبل مصالحة دون ما ذكر من شروط، "ولو قبل بها الإخوان منقوصة، فإنه كأحد أولياء الدم سيرفضها"، كما قال.