حقوق وحريات

كيف يتكسب نظام السيسي اقتصاديا من حبس آلاف المعارضين؟

متهم سابق في قضية تظاهر: تحديد مبلغ الكفالة الذي تفرضه المحكمة يتوقف على درجة ثراء المعتقل- أرشيفية
متهم سابق في قضية تظاهر: تحديد مبلغ الكفالة الذي تفرضه المحكمة يتوقف على درجة ثراء المعتقل- أرشيفية
أصبحت الكفالات المالية الكبيرة التي يدفعها المتهمون السياسيون لإخلاء سبيلهم، أو الغرامات التي تفرض عليهم بعد صدور أحكام نهائية عليهم؛ أمرا شائعا في مصر منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013، حتى إن نشطاء ومعارضين يقولون إن هذه الغرامات باتت أحد مصادر الدخل لنظام عبدالفتاح السيسي.

وفي عشرات آلاف القضايا؛ أصدرت النيابة العامة، أو المحاكم المختلفة، قرارات بإخلاء سبيل المتهمين على ذمة القضايا؛ بعد دفع كفالات ضخمة لم تعرفها المحاكم المصرية من قبل، من بينها الحكم على 12 طالبا بجامعة الأزهر في تشرين الثاني/ نوفمبر 2013، بالسجن 17 عاما، أو دفع 64 ألف جنيه كفالة لكل منهم. وفي قضية المظاهرات المعارضة لتنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير؛ أصدرت محكمة استئناف الجيزة في أيار/ مايو الماضي قرارا بالإفراج عن عشرات المتهمين بكفالة بلغت قيمتها 100 ألف جنيه لكل معتقل، وبلغ إجمالي الغرامات أربعة ملايين و700 ألف جنيه.. وبعد تقديم استئناف على الحكم؛ ألغت المحكمة الحبس، ولكنها أبقت على الغرامة المالية الباهظة، بل إن رئيس المحكمة رفض طلبات 47 متهما بتقسيط قيمة الغرامة، وأصر على دفعها مرة واحدة.

دخل للدولة


وقال الباحث المتخصص في الشأن القومي العربي، محمد عصمت سيف الدولة، في حسابه على "فيسبوك" إن "الهدف من هذه الغرامات هو دعم خزينة الحكومة الخاوية".

وفي تصريحات سابقة لصحيفة "اليوم السابع"؛ قال المستشار خالد النشار، مساعد وزير العدل لشؤون الإعلام، إن "الغرامات التي يتم تحصيلها من المتهمين تؤول لخزانة الدولة ممثلة في وزارة العدل، فيما يذهب جزء منها لصالح القضاة"، مضيفا أن "وزارة العدل حصّلت رسوما قضائية وكفالات خلال العامين الماضيين فقط؛ بلغت مليارَين و411 مليون جنيه.

ويرى محامون أن هذه المبالغ تشبه الإتاوات التي تفرض جبرا على المتهمين، فقال طارق العوضي، محامي المتظاهرين في قضية "جمعة الأرض"، عبر حسابه على "فيسبوك": "خطفوا الشباب، والفدية 100 ألف جنيه على كل رأس".

ابتزاز صريح

وقال كرم أبو جبل، أحد المعتقلين المفرج عنهم، إنه أثناء فترة اعتقاله التي بلغت تسعة أشهر ؛تكبد هو وأسرته مبالغ كبيرة، مضيفا أن "كل العاملين في السجون من أصغر جندي حتى مأمور السجن؛ يستفيدون ماديا من المعتقلين".

وأضاف لـ"عربي21" أنه أثناء زيارة أقاربه له؛ يدفعون مبالغ نقدية لكل من يتعاملون معهم حتى يسمحوا لهم بإدخال الطعام والملابس له، كما أن الحراس لا يسمحون إلا بدخول المواد الغذائية والسجائر المشتراة من متاجر تابعة لوزارة الداخلية يطلق عليها اسم "الكانتين"، تدر ملايين الجنيهات على الوزارة.

وأوضح أن "الجنود والضباط يتقاضون أموالا مقابل إدخال الكثير من الأشياء الممنوعة للمعتقلين، كالهواتف المحمولة. وفي أقسام الشرطة؛ يتقاضى الضباط والجنود مبالغ مالية كرشاوى من أقارب المحتجزين؛ من أجل إحسان معاملتهم، أو إيداعهم في أماكن آدمية".

الكفالة على قدر الثراء

أما عبدالله زياد، المتهم السابق في قضية تظاهر، فقال إن مبلغ الكفالة الذي تفرضه المحكمة يختلف من متهم إلى آخر، ويتوقف على درجة ثرائه، مؤكدا أن هناك تواطؤا بين الأمن والقضاة، حيث تخبر الشرطة القاضي بأسماء المتهمين الأثرياء، بحسب وظائفهم أو انتمائهم لعائلات كبيرة، ليفرض عليهم القاضي غرامة أو كفالة ضخمة.

وأضاف زياد لـ"عربي21" أن قضيته كان أحد رجال الأعمال متهما فيها أيضا، وفرضت عليه المحكمة كفالة بقيمة 100 ألف جنيه، بينما فرضت على متهمين آخرين في القضية ذاتها مبلغ 500 جنيه فقط.

ردع للمعارضين

ويقول معارضون ونشطاء سياسيون، إن الغرامات والكفالات للمعتقلين تحولت بعد انقلاب تموز/ يوليو 2013، إلى وسيلة للتنكيل بالمعارضين، حيث تفرض المحاكم عليهم مبالغ مالية كبيرة.

وقال المحامي طارق نجيدة، في تصريحات صحفية، إن النظام يسعى إلى إرهاق المعارضين ماديا بهذه المبالغ، حتى تمثل ردعا لهم ولذويهم في المستقبل؛ يجعلهم يفكرون مرارا قبل الخروج في تظاهرات ضده، مشيرا إلى أن "الكفالات التي يتم تحصيلها من المتهمين في القضايا السياسية؛ مبالَغٌ فيها بشدة، وتحولت إلى عقوبة في حد ذاتها.

وبحسب تقرير صادر عن المرصد المصري للحقوق والحريات في أيار/ مايو الماضي؛ فقد بلغت قيمة الكفالات والغرامات التي فرضت على المعتقلين والمعارضين في آلاف القضايا السياسية، نحو 190 مليون جنيه، وذلك في الفترة من 3 تموز/ يوليو 2013 حتى نهاية آذار/ مارس 2015 فقط.

ادفع لتحصل على حريتك

وقالت والدة أحد المعتقلين لـ"عربي21"، رافضة ذكر اسمها، إنها دفعت 50 ألف جنيه رشوة لسكرتير محكمة، كوسيط بينها وبين أحد القضاة، حتى يتم الإفراج عن ابنها، وتبرئته من التهم المسندة إليه، وبالفعل تم إطلاق سراحه.

وأكد المحامي المتخصص في الدفاع عن المتظاهرين المعتقلين "ع. ك" لـ"عربي21" أنه شاهد بنفسه عشرات الحالات التي تم فيها إطلاق سراح المعتقلين من قسم الشرطة بعد دفع رشوة للضباط، قبل أن يتم تحويلهم إلى النيابة العامة.
التعليقات (1)
مصري
الأحد، 20-11-2016 06:35 م
وهذا يؤكد علي أن العسكر هم أحقر وأحط وأقذر نوع من البشر يمكن أن يتواجد علي وجه الأرض ، فلعنة الله عليهم في الدنيا و في الأخره .