سياسة عربية

يساري تونسي يثير ضجّة باعترافه بتكليف "مراقبين للمساجد"

قال إنه كان يهدف لمتابعة المستوى الديني السائد في المجتمع- أرشيفية
قال إنه كان يهدف لمتابعة المستوى الديني السائد في المجتمع- أرشيفية
أثارت تصريحات يساري تونسي في قناة تلفزيونية، يعترف فيها بتكليف أشخاص لمراقبة المصّلين والمساجد وخطب الجمعة، استهجان نشطاء وسياسيين ومراقبين، مشبّهين تصرّفه بما كانت تقوم به وزارة الداخلية في نظام بن علي.

وقال رئيس "الجمعية التونسية للدفاع عن حياد الإدارة والمساجد"، صالح الزغيدي، خلال حضوره في برنامج "لمن يجرؤ فقط"، مساء الأحد، على قناة الحوار التونسي، إنّه كلّف "مصلّين معتمدين لدى جمعيته"، كما وصفهم، بمراقبة المساجد وخطب الجمعة، ورفع تقارير إليه؛ قصد متابعة محتوى الخطاب الديني السائد في مساجد مختلفة من تونس.

ولم تهتم وسائل الإعلام وصفحات التواصل الاجتماعي باعترافات الزغيدي، الناشط سابقا في الحزب الشيوعي التونسي، قبل أن تضج، الأربعاء، بعد فقرة ساخرة للكوميدي صابر الوسلاتي، بالتعليقات التي انتقدت الدور السيئ الذي أوكله الزغيدي لنفسه ولجمعيته.

ممارسات نظام بن علي


واستهجن الباحث والمختص في العلوم الشرعية أحمد الغربي تصريح الزغيدي، لافتا إلى أنّ ما يقوم به الأخير "يُذكّر بممارسات نظام بن علي، الذي كان يراقب بيوت الله والمصلين والأئمة الخطباء".

وأضاف في تصريح لـ"عربي21" أنّ ما يقوم به "الحقوقي الزغيدي" اليوم هو نفسه الذي كان المخلوع بن علي يحرص عليه، من خلال اقتفاء أثر كلّ شيء، بتجنيد عدد كبير من أعوان الأمن السريين ومواطنين مخبرين".

وتابع بقوله إن مؤسس جمعيتي "اللائكية" و"حياد الإدارة والمساجد" نزّل نفسه منزلة وزارة الداخلية في العهد السابق، "لا أدري من أين اكتسب الشرعية القانونية، ولم ينصبه أحد لمراقبة بيوت الله وما يقال فيها من خطب ومواعظ"، وفق تعبيره. 

الخلفية الأيديولوجية

وتساءل الخطيب الغربي: "ما معني أن يراقب شخص له توجهات أيديولوجية يسارية بيوت الله؟ ما مقاييسه ومؤشراته وعلومه حتى يُنصّب نفسه مراقبا على المساجد ومسؤولا عن تقييم المصلّين والخطباء ومشايخ العلم؟".

وأشار إلى أنّ "الخلفية الأيديولوجية هي التي دفعت الزغيدي إلى هذا الدور المستهجن، الذي يدل على تدنّي المستوى الذي وصلت إليه الطبقة المثقفة التي تتشدق يوميا بمبادئ حقوق الإنسان، وتقيم الدنيا ولا تقعدها إذا ما تعرض أحدهم إلى شيء من هذا القبيل"، بحسب تعبير الباحث الغربي.

وقال: "ما يحرمونه على الآخرين يحللونه لأنفسهم.. وهذا في رأيي تناقض يقع فيه دائما من يدّعون أنّهم ديمقراطيون ويدافعون عن حقوق الإنسان".

منزع خطير


وعلّق النائب الأول لرئيس مجلس الشعب، القيادي في حركة النهضة، المحامي عبد الفتاح مورو، على تصريحات الزغيدي: "حمدنا الله على زوال رقابة الداخلية والأمنيين المندسين في الجوامع، طيلة الأيام يراقبوننا، لكن ها هو السيد صالح يتحفنا بجمعية تقوم مقام الداخلية سابقا، وتراقبنا"، وفق تعبيره. 

وأضاف خلال حضوره "لمن يجرؤ فقط" بقوله: "بعد أن حررنا أنفسنا من أناس لا عمل لهم سوى مراقبة أفكارنا وآرائنا، يعترف لنا السيد الزغيدي بأنه يراقبنا.. هذا المنحى خطير جدا في ديمقراطية بطور التأسيس، وليس هكذا يُساس الفكر ويصلح الفكر المنحرف".

وأضاف: "هذا المنزع خطير، ويجب ألّا يكون في أيدي من لهم أيديولوجيا محددة، والأستاذ صالح لديه أيديولوجيا معادية للأيديولوجيا الإسلامية، وهو يعلنها، فلا يمكن أن يكون خصما وحكما، فهو يستعمل جمعيته، وهي من المجتمع المدني لخدمة أيديولوجيته، وهذا هو الخطر الحقيقي؛ إذ يجب أن تكون الرقابة بيد مؤسسات الدولة".

سجلوا أو لا تسجلوا

وفي السياق نفسه، طالب الشيخ بشير بلحسن في منشور له في فيسبوك، الأربعاء، "الحقوقيين والمحامين الشرفاء والقضاة النزهاء بتتبع هذا الشخص قضائيا.. أليس ما يقوم به من الأمن الموازي؟ أين القانون؟ أين النيابة العمومية؟ دور العبادة لم تسلم، أين حرية الإنسان وكرامته في تونس؟"

وقال في منشور ثان: "سجلوا أو لا تسجلوا، تجسسوا أو لا تجسسوا، راقبونا حتى تخرج عيونكم من قحافها، وتنصتوا علينا، حتى تثقب أغشية آذانكم الطبلية بطنينها، ليس لنا ما نخفي، ندعو في وضح النهار، وتحت أشعة الشمس، بل كل ما نتكلم به نتولى نحن تسجيله قبلكم، ونتحداكم بإنزاله على العلن بالصوت والصورة، الإسلام باق رغم أنوفكم، والدعوة مستمرة، شئتم أم أبيتم".

تراقب الركعات

وعلّق الكوميدي الساخر الوسلاتي، في فقرته اليومية بإذاعة "إي أف أم"، بأنّ اليساري الزغيدي لديه فيلق يرفع إليه التقارير.. "لذا ليكن في علمكم أيها المصلون، أيتها المصليات.. فرقة صالح الزغيدي تراقب الركعات".

وتابع بقوله: "أفهم أنّ الزغيدي اقتسم دور مراقبة المساجد مع الداخلية، فمهمة الأخيرة خارج بيوت الله، وهو يعس (يراقب) بالداخل".

ورغم نفي الزغيدي، خلال حضوره في برنامج "لمن يجرؤ فقط"، التصوير أو التسجيل داخل المساجد، إلّا أنّ "عربي21" عثرت على تسجيل مصوّر من داخل أستوديو إذاعة "كلمة"، في يناير/ كانون الثاني 2016، يتباهى فيه بمراقبة أعوانه لبيوت الله، والقيام بتسجيلات صوتية من داخل المساجد، قائلا: "لدينا أناس يُدخلون معهم للمساجد أجهزة كاميرا لتسجيل الخطب خلسة"، معلنا أنّه يعادي أيديولوجيا "الإسلام السياسي".

1/ الكوميدي الساخر الوسلاتي



2/ صالح الزغيدي: "عندنا مصلون يسجلون لنا الخطب في المساجد"




3/ الزغيدي في برنامج "لمن يجرؤ فقط"، اعترف بتكليف مراقبين لرفع تقارير عن الخطب.



التعليقات (0)