حول العالم

رمضان بسوريا: اختفت الموائد الرمضانية.. و"المدفع" بات مخيفا

مؤسسة عدالة توزع طعاما على أهالي دوما في الغوطة الشرقية - أ ف ب
مؤسسة عدالة توزع طعاما على أهالي دوما في الغوطة الشرقية - أ ف ب
مع دخول شهر رمضان السادس منذ بدء الثورة في سوريا، يجد السوريون صعوبة في ممارسة "الطقوس" التي اعتادوا عليها، فظروف القصف المتواصل، وارتفاع أسعار المواد وفقدان بعضها الآخر، أجبر الأهالي على بعض التغييرات، فيما غابت بعض هذه الطقوس.

موائد رمضانية

ومن أكثر هذه العادات التي اعتادها الأهالي في رمضان، تنوع الوجبات على الموائد الرمضانية، وخاصة على مائدة الإفطار، حيث تكثر أنواع الأطعمة، كما يتميز هذا الشهر بتواجد أطعمة ومأكولات قد لا تتواجد على الموائد خارجه، إلا أن ارتفاع أسعار المواد، وفقدانها في المناطق المحاصرة، جعل الناس مجبرين على وضع طعام رئيسي من نوع واحد إلى جانب بعض المشروبات.

يقول الناشط الإعلامي وعضو مجلس مدينة حلب، صلاح الأشقر: "أصبح هم المواطن الحلبي، وخاصة في شهر رمضان الحالي، ضمان تواجد المواد الأساسية للعيش في ظل المخاوف من انقطاع شريان حلب الوحيد، طريق الكاستيلو، الذي بات المرور منه نحو الريف مخاطرة بالحياة، جراء مواصلة استهدافه من قبل النظام والوحدات الكردية".

ويضيف الأشقر لـ"عربي21": "كانت الموائد برمضان تحتوي على أكثر من نوع من الوجبات الرئيسية، ناهيك عن المقبلات والحلويات والمشروبات، أما هذا العام فقد اقتصرت الموائد على نوع واحد، وأما التمور والحلويات العربية فقد غابت بسبب ارتفاع أسعارها، ويتم الاستعاضة عنها بحلويات رخيصة الثمن نسبيا، كالمعروك. وبالنسبة للمشروبات يبقى عرق السوس هو المفضل في ظل عدم ارتفاع سعره بشكل كبير".

ويلفت الناشط الحلبي إلى أنه في رمضان كان أهالي حلب معتادين على شراء "غزل البنات"، وهي حلويات مشهورة في حلب وتكون محشوة بالفستق الحلبي أو باللباء (مستخلص من الحليب)، إلا أنها غابت هذا العام بسبب ارتفاع سعر مكوناتها من الفستق والسكر والسمن. فكيلو الفستق الحلبي وصل إلى 10 آلاف ليرة، فيما وصل سعر كيلو السكر إلى 800 ليرة قبل أن ينخفض مؤخراً ليصل إلى 600 ليرة".

زحمة الأسواق اختفت

وفي رمضان كانت تزدحم الأسواق بشكل يفوق الأيام الأخرى، حيث ترتفع نسبة الشراء وخاصة المواد الغذائية.

ويقول الناشط الإعلامي محمود شهابي لـ"عربي21": "هناك اختلاف كبير في رمضان هذا العام، فأسواق حلب التي كانت مزدحمة وخاصة قبيل آذان المغرب، أصبحت شبه خاوية، تخوفا من قصف طيران النظام وروسيا، والذي أدى إلى تدمير عدة أسواق شعبية في حلب".

وهذا ما يؤكده أيضا الناشط الإعلامي عبد الله الأحمد من مدينة الحسكة. حيث يقول: "كانت أسواق الحسكة تعج بالمواد الغذائية والتي تتناسب أسعارها مع الفقير والغني، ولكن الآن، أصبح الأهالي يفكرون ألف مرة قبل أن يقرروا شراء مادة ما، بسبب الغلاء الكبير، كما أن أغلب المواد أصبحت شبه مفقودة".

غياب المسحراتي

حملة القصف المتواصلة نهارا وليلا، جعلت "مسحِر رمضان" أو "المسحراتي" يغيب أيضا، فغاب صوت طبلته وغابت معها الأهازيج التي ينشدها أثناء جولته في الأزقة والشوارع.

إلا أن صلاح الأشقر يؤكد أنه تم الاستعاضة في حلب عن "المسحراتي" بشخص من أبناء كل حي من أحياء حلب، وقد لا يخرج في حال كان الطيران في الأجواء. وإضافة لطبلته فقد أصبح يصطحب "المسحِر" معه "القبضة اللاسلكية" لسماع إنذار بوجود طيران من عدمه عن طريق المراصد.

"مدفع رمضان".. الغائب والحاضر الأكبر!

وأما أشهر ما كان يعتاد عليه الأهالي في رمضان، وينتظرون صوته شيبا وشبانا، فهو "مدفع رمضان" الذي كان يطلق قذائفه مع أذان المغرب، إيذاناً بدخول وقت الإفطار، إلا أن هذا المدفع أصبح أكثر ما يرغب الأهالي بعدم سماع صوته، لأنهم باتوا ينتظرون الساعات، وربما الدقائق، التي يتوقف فيها القصف، سواء بالمدفعية أو بالقذائف والصواريخ من الطيران، لكي يسارعوا ويقضوا حاجياتهم خارج المنزل أو في الأسواق.

ويقول الناشط ميلاد شهابي: "بالنسبة لمدفع رمضان.. فمنذ بداية الثورة، قبل أكثر من خمسة أعوام، تم استبداله بمدافع حقيقة تقصف منازل المدنيين".

خيام رمضانية 

كما غاب تقليد وطقس "الخيام الرمضانية"، والتي كانت تشتهر في رمضان، وخاصة في المدن الكبيرة، حيث كان لدى بعضها برامج تبدأ منذ الإفطار وحتى السحور، وتتضمن وجبات إفطار وسحور متنوعة، وتختلف من يوم لآخر، إضافة إلى برامج فنية وثقافية، من الحكواتي إلى الإنشاد والطرب والعروض المولوية ومسابقات ترفيهية.

ويقول الأشقر: "السهرات والخيم الرمضانية كانت موجودة حتى رمضان الماضي والأعوام السابقة، أما في رمضان الحالي، وبسبب اشتداد القصف والمعارك، أصبح تواجدها خطيرا، كونها تجمع أعدادا كبيرة من زبائنها، كما تحولت الأماكن المشهورة التي كانت تتواجد فيها هذه الخيام والسهرات مثل "قلعة حلب" و"كورنيش الإذاعة"، إلى خطوط اشتباك".

السهرات العائلية عبر "الواتس آب"

وأكثر ما كان يميز رمضان، هو اجتماع العائلات على الإفطار والسهرات العائلية، لكن أصبح من النادر أن تجتمع عائلات، وخاصة الكبيرة، على مائدة واحدة.

وتقول ورد حسن: "بسبب موجات النزوح واللجوء باتت العائلات مشتتة بين داخل وخارج سوريا، وأصبحت السهرات الرمضانية، بدلا من منزل العائلة الذي كان يجتمع فيه عائلات الإخوة والأخوات ويتبادلون عزائم الإفطار خلال شهر رمضان، عبر غرف برامج الإنترنت سواء "واتس آب" أو "فيسبوك" وغيرهما، وهذا ما أفقد بهجتها".
التعليقات (0)