حقوق وحريات

الأمن المصري يحتجز نقيب الصحفيين وعضوين بمجلس النقابة

نقيب الصحفيين المصريين يحيى قلاش- أرشيفية
نقيب الصحفيين المصريين يحيى قلاش- أرشيفية
لأول مرة منذ تأسيس نقابة الصحفيين في مصر، قضى نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وسكرتير عام النقابة جمال عبد الرحيم، وعضو المجلس خالد البلشي، ليلتهم محتجزين داخل قسم الشرطة، على الرغم من قرار النيابة بإخلاء سبيلهم بكفالة قدرها 1000 جنيه.

ورفض النقيب وعضوا النقابة دفع الكفالة، وأعلنوا أنه سيستمرون في التواجد داخل قسم قصر النيل إلى حين عرضهم مجددا على النيابة بعد أربعة أيام.

وكانت الأزمة قد تصاعدت بين الصحفيين ووزارة الداخلية بعد اقتحام قوات الأمن لمبنى النقابة مطلع شهر أيار/ مايو الجاري، والقبض على صحفيين اثنين من داخلها، لكن النظام نفى ارتكابه أي مخالفة، مؤكدا أن الشرطة قامت بإلقاء القبض على الصحفيين تنفيذا لأمر ضبط وإحضار صادر من النيابة.
 
لن ندفع الكفالة

وأوضح نقيب الصحفيين يحيى قلاش، أنه وزميليه خالد البلشي وجمال عبدالرحيم، رفضوا دفع كفالة إخلاء سبيلهم لأن إحدى التهمتين الموجهتين إليهم تتعلق بجرائم النشر، وهو ما لا يستوجب دفع كفالة.

وأضاف قلاش، في تصريحات صحفية، أنهم قرروا عدم دفع الكفالة أيضا بسبب رفض النيابة طلبهم انتداب قاضي تحقيق لمباشرة التحقيقات معهم في البلاغات المقدمة ضدهم والبلاغات المقدمة من النقابة ضد الداخلية، مشيرا إلى أن النيابة أصبحت خصما للنقابة بعدما استبق النائب العام نتائج التحقيقات، وأصدر بيانا يؤكد صحة موقف الداخلية، ويؤكد مخالفة النقابة للقانون.

وقال النائب العام المستشار نبيل صادق، في بيان سابق: "إن مقر نقابة الصحفيين لا يستعصي على ضبط وإحضار المتهمين اللذين اعتصما به باعتبار أن هذا الضبط كان تنفيذا للقرار القضائي الصادر من النيابة".

وبعد انتهاء التحقيقات معهم، وجهت النيابة لأعضاء مجلس النقابة تهم نشر أخبار كاذبة حول اقتحام النقابة، عبر الإدلاء بتصريحات صحفية تؤدي لتكدير السلم العام، وإيواء شخصين مطلوبين للعدالة، هما الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا المتهمين بالتحريض على التظاهر ضد تسليم جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، ونشر أخبار كاذبة حول اقتحام قوات الأمن للنقابة.
 
النظام يذل الصحفيين

وفي مشهد يظهر تعمد النظام إذلال الصحفيين، قامت قوة أمنية بترحيل قلاش والبلشي وعبد الرحيم، إلى قسم شرطة قصر النيل وسط القاهرة في سيارة ترحيلات صغيرة (ميكروباص) لدفع الكفالة، وإنهاء إجراءات إخلاء سبيلهم.

وقال المستشار القانوني لنقابة الصحفيين سيد أبوزيد، إن النقابة تقدمت السبت الماضي، بمذكرة للنائب العام طالبت فيها بضم البلاغات السابقة التي تقدمت بها للقضية والمتعلقة بوقائع حصار واقتحام النقابة والاعتداء على الصحفيين بهدف إظهار الحقيقة كاملة، مشيرا إلى أنه لم يتم، حتى الآن، التحقيق في تلك البلاغات.

وتعليقا على هذا التطور، قال عضو التنسيقية المصرية للحقوق والحريات محمد أبو هريرة، إن حبس نقيب الصحفيين واثنين من أعضاء مجلس النقابة يعد سابقة تاريخية لم تحدث حتى في فترة الاحتلال الإنجليزي لمصر، مؤكدا أن هذا الإجراء يظهر بلوغ النظام قمة الفاشية وتكميم الأفواه.

وأكد أبو هريرة، عبر "فيسبوك"، أن القانون المصري لا ينص على دفع كفالة في جرائم النشر، معلنا تضامنه مع نقيب الصحفيين وأعضاء المجلس في صمودهم أمام نظام عبد الفتاح السيسي.

وفي سياق متصل، شهد محيط قسم قصر النيل مشادات كلامية بين عشرات المحامين والصحفيين المتضامنين مع قلاش والبلشي وعبد الرحيم وبين قوات الشرطة التي منعتهم من دخول مقر القسم أو الاطمئنان عليهم.
 
تهديد بفرض الحراسة

إلى ذلك، تنظر محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، الاثنين، أولى جلسات الدعوى التى تطالب بفرض الحراسة القضائية على نقابة الصحفيين والمقامة من مجموعة الصحفيين الموالين للنظام الذين قالوا إن المجلس الحالي يزج بالصحفيين في مواجهة مع أجهزة الدولة ويضر باستقرار البلاد.

وكانت نقابة الصحفيين قد عقدت اجتماعا طارئا لجمعيتها العمومية يوم 4 أيار/ مايو الجاري، حضره آلاف الصحفيين الغاضبين الذي طالبوا باعتذار قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي عن اقتحام النقابة، وطالبوا بإقالة وزير الداخلية مجدي عبد الغفار، لكن النقابة تراجعت عن موقفها المتشدد، وأعلنت في مؤتمر لها يوم 18 أيار/ مايو عدم تمسكها باعتذار الرئاسة، وترحيبها بأي جهد يبذل لحل الأزمة "شريطة الحفاظ على كرامة الصحفيين".

من ناحية أخرى، قرر قاضي المعارضات بمحكمة شبرا الخيمة يوم الأحد، تجديد حبس الصحفيين عمرو بدر ومحمود السقا، 15 يوما للمرة الثالثة منذ بدء اعتقالهما.

ووجهت النيابة لهما تهما عدة، منها محاولة قلب نظام الحكم وتغيير دستور الدولة ونظامها الجمهوري وشكل الحكومة، والانضمام إلى إحدى المنظمات التي تسعى إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة عملها، والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والترويج بالقول والكتابة للأغراض محل الاتهام الأول، بإحدى الطرق المعدة للتوزيع والطباعة وإذاعة أخبار وبيانات وشائعات كاذبة من شأنها تكدير الأمن العام.

المرصد العربي لحرية الإعلام: مؤشر سلبي

من جانبه، أعرب "المرصد العربي لحرية الإعلام، وهو مؤسسة حقوقية إعلامية تعنى بحرية الإعلام في العالم العربي عن "استهجانه" لقرار النيابة المصرية بإخلاء سبيل نقيب الصحفيين ووكيل وسكرتير عام النقابة بكفالة مالية كبيرة على ذمة تحقيقات تتهمهم بإيواء مطلوبين للعدالة ونشر أخبار كاذبة.

وقال المرصد، في بيان، وصل "عربي21" نسخة منه، إن هذا الإجراء "يحدث للمرة الأولى في تاريخ النقابة، بينما لم تحقق النيابة مع الضباط الذين اقتحموا مقر النقابة بالمخالفة للقانون يوم 1 أيار/ مايو ولأول مرة في تاريخها"، بحسب قوله.

وأكد المرصد أن إلزام نقيب الصحفيين يحيي قلاش ووكيل النقابة خالد البلشي  والسكرتير العام للنقابة جمال عبد الرحيم بدفع كفالة قدرها 30 ألف جنيه (3 آلاف دولار) نظير إخلاء سبيلهم على ذمة التحقيقات "عقوبة مخالفة للقانون الذي يمنع الحبس الإحتياطي في قضايا النشر"، وبالتالي فإن الكفالة التي تدفع كبديل للحبس الاحتياطي هي غير قانونية وتمثل عقوبة في حد ذاتها، وهو ما دفع نقيب الصحفيين وزميليه للامتناع عن دفعها تمسكا منهمم بصحيح القانون ورفضا لشرعنتها على غيرهم من الصحفيين.

وتابع بيان المرصد بالقول إن "احتجاز نقيب الصحفيين ووكيل وسكرتير عام النقابة لفترة طويلة جاوزت 14 ساعة بحجة التحقيق معهم، ثم احتجازهم بأحد أقسام الشرطة لاحقا، هو نوع من التكدير والانتقام منهم عقابا لهم على دورهم في حشد الصحفيين في جمعية عمومية طارئة للاحتجاج على اقتحام الشرطة لمقر نقابة الصحفيين مطلع أيار/ مايو الماضي والقبض على صحفيين كانا يحتميان بالنقابة حتى يتم توفير ضمانات لنزاهة التحقيق معهما في تهمة التظاهر بدون ترخيص ونشر أخبار كاذبة بخصوص اتفاقية ترسيم الحدود المصرية السعودية".

ورأى المرصد أن سلطة الانقلاب أرادت بهذا الإجراء توجيه رسالة قوية للصحفيين مفادها أنه لا كرامة لصحفي ولا حصانة لنقابة، ولا تراجع عن ملاحقة الصحفيين وحبسهم ومطاردتهم، وأن على الجماعة الصحفية أن تقبل بإملاءات السلطة وتعليماتها، وتسير في ركابها، كما اعتبر أن "ما حدث جاء في سياق حملة ممنهجة ضد حرية الصحافة في مصر تصاعدت وتيرتها مؤخرا باقتحام مقر النقابة وحبس عدد من الصحفيين لينضموا إلى قائمة طويلة جاوزت 90 صحفيا، ومنع نشر مقالات لبعض الكتاب والمثقفين، ووقف برامج، ودفع ملاك قنوات للتخلص منها، والإستعداد لإصدار قانون جديد للاعلام يكرس هيمنة الدولة على وسائل الإعلام في اختراق واضح للدستور".

وطالب المرصد كل الهيئات والمنظمات المعنية بحرية الصحافة محليا ودوليا بالتحرك السريع لإنقاذ الصحافة المصرية من هذه "الهجمة الشرسة" التي تتعرض لها، والتي تستهدف سحب كل ما حققته من مكاسب ديمقراطية عبر نضالها الطويل، وتحويلها إلى مجرد أبواق ناطقة بلسان السلطة، كما يطالب المرصد مجلس حقوق الإنسان الدولي والمقرر الأممي الخاص بحرية التعبير التدخل العاجل لإنقاذ الصحافة المصرية، بحسب تعبيره.
التعليقات (0)