صحافة دولية

كيف ترصد شركات "الموبايل" في بريطانيا تحركات الزبائن؟

مستخدمو الهاتف المحمول في بريطانيا عرضة لأن يطلع المجرمون على تفاصيل روتينهم اليومي - أرشيفية
مستخدمو الهاتف المحمول في بريطانيا عرضة لأن يطلع المجرمون على تفاصيل روتينهم اليومي - أرشيفية
نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريرا لمراسلها ديميان غايل، حول مخاوف ناشطي الخصوصية من أن يكون مستخدمو الهاتف المحمول في بريطانيا عرضة لأن يطلع المجرمون على تفاصيل روتينهم اليومي، بمجرد اختراق أنظمة الحاسوب لشركات الخدمات.

ويشير التقرير إلى أن الشركات التي تدير شبكات الهاتف المحمول ونقاط الـ"واي فاي" تجمع المعلومات الكاملة عن تحركات الزبائن وحياتهم اليومية، بحسب تحقيقين منفصلين في الموضوع.

ويذكر الكاتب أن كثيرا من المستخدمين يختارون أن تتم متابعة مكان وجودهم طيلة الوقت، دون علمهم بأن البيانات الناتجة عن ذلك تستخدم وتباع لأجل التربح، مشيرا إلى أن الناشطين يخشون من قيام القراصنة بسرقة هذه البيانات، ثم استخدامها مثلا لاستهداف الأطفال عندما يغادرون المدارس أو البيوت بعد خروج ساكنيها منها.

وتلفت الصحيفة إلى أن تلك البيانات تحتوي على تفاصيل تكشف جنس الزبون وديانته وميوله الجنسية، وغير ذلك من التفاصيل التي قد تجعله عرضة للابتزاز.

وينقل التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، عن جيف ريفيل، مؤسس "كراودثينك"، وهي منظمة تقوم بحملة لأجل الخصوصية، وقامت بأحد التحقيقين، ونشرت نتائجه يوم الاثنين، قوله: "يقوم الزبائن باختيار متابعة مكان وجودهم بشكل افتراضي"، ويضيف: "إن الشركة المزودة بالخدمة تعرف، دون علمك، أين أنت وكيف وصلت إلى ذلك المكان، ويمكن أن تستنتج إلى أين أنت ذاهب". 

ويورد غايل نقلا عن بيت وودوورد، مؤسس خبراء أمن المعلومات "سيكيوريوس"، قوله إن هذه المعلومات الدقيقة حول المكان هي كالذهب بالنسبة للمجرمين، إن وجدت طريقها إلى السوق السوداء، ويضيف وودوورد: "إن المعلومات التي تحتفظ بها الشركات المزودة بخدمات الهاتف المحمول والـ(واي فاي) تعد مجالا في حالة تطور، وهو مجال معرض لمخاطر الجريمة السايبرية، التي تحتاج إلى يقظة هذا القطاع، وإلا فإننا سنواجه الإمكانية المخيفة بوقوع مثل هذه البيانات الحساسة جدا في أيدي مجرمين، مثل المختطفين والمعتدين على الأطفال".

وتذكر الصحيفة أن تحقيق "كراودثينك" وجد أن 93 في المئة من سكان بريطانيا اختاروا متابعة أماكن وجودهم، مشيرة إلى أنهم بذلك يعطون شركات خدمة الهاتف واللاسلكي فرصة غير محدودة لمعرفة أماكن وجودهم على مدى ساعات اليوم، حيث إن هذه البيانات تربط بين الحياة الرقمية للشخص وحياته الملموسة، ما يجعلها أكثر أنواع المتابعة تطفلا.

ويستدرك التقرير بأنه بالرغم من هذه الخطورة، إلا أن التحقيق الذي أجرته "كراودثينك"، بالإضافة إلى تحقيق آخر مستقل أجرته "أوبن رايتس غروب" (ORG)، وجدا أنه لم يتم إعطاء الزبائن معلومات واضحة بما فيه الكفاية عن كيفية استخدام البيانات، أو فرص إلغاء الاشتراك من خدمة جمع البيانات.

 وينوه الكاتب إلى أن الباحثين وجدوا أن شركات الخدمات لا تخبر الزبائن مقدما بأن تحركاتهم مرصودة ومسجلة وتستخدم للتسويق، وعادة ما تباع إلى طرف ثالث، لافتا إلى أن الشركات التي اتصلت بها "ORG" كلها قالت إنها تقوم بإخفاء المعلومات الدالة على هوية المستخدم، ما يعني أنها غير ملزمة بالحصول على موافقة الزبون لبيع البيانات، مستدركا بأن المجموعة تشكك في مدى فعالية حجب هوية المستخدم، حيث تقول المجموعة إن عملية مقارنة بسيطة مع سجلات الناخبين مثلا ستربط شخصا بعينه بالبيانات التي تبيعها تلك الشركات.

وتنقل الصحيفة عن مدير مجموعة "ORG" جيم كيلوك، قوله إن شركات الهاتف المحمول تحتاج إلى جمع المعلومات والحفاظ عليها، حتى ترسل لنا الفواتير"، ويستدرك كيلوك قائلا: "لكن وجود هذه المعلومات لديهم لا يعني أن لهم حقا تلقائيا لاستخدامها لأي غرض آخر دون موافقتنا".  

ويفيد التقرير بأن قيمة قطاع الهواتف المحمولة تصل إلى 14 مليار جنيه إسترليني، حيث يمتلك 93 في المئة من البريطانيين أجهزة محمولة، ويمتلك 61 في المئة منهم أجهزة هواتف ذكية، مشيرا إلى أن البيانات المجموعة من هذه الهواتف، بما في ذلك الاستخدام والتصفح وأماكن الوجود، تستخدم كلها لبناء صورة يمكن استخدامها من المعلنين وغيرهم في قطاع الأعمال. 

ويبين غايل أن البيانات تجمع من الأبراج الخليوية التي تستخدم لمتابعة الزبون كي توصل إليه المكالمات، مشيرا إلى أن هناك اليوم 52 ألف برج في بريطانيا، بعضها لا يبعد عن الآخر أكثر من 50 مترا، كما يمكن استخدام نقاط الـ"واي فاي" لمتابعة الزبائن أيضا، حيث تقوم بعض الشركات بإدخال الزبائن في خدمة المتابعة بشكل تلقائي في شروط الاستخدام، وفي بعض الحالات ستقوم هذه النقاط بتسجيل مرور الزبائن، حتى لو لم يقوموا بتسجيل الدخول.

وبحسب الصحيفة، فإن تحقيق "كراودثينك" وجد أن بعض الشركات مثل "O2" و"Vodafone"، تستخدم سياسة الخصوصية لمستخدمي الـ"واي فاي" والهاتف المحمول ذاتها، لافتة إلى أنه باستخدام الاثنين معا، فإنه يمكن تحديد مكان وجود الشخص بشكل أكثر دقة.

وينوه التقرير إلى أنه من المهم أن يعلم الزبائن بأن لديهم الحق قانونيا بالخروج من متابعة الموقع لأهداف التسويق، لافتا إلى أنه يمكن للزبائن قريبا، بحسب القانون الأوروبي المتعلق بتقنين حماية البيانات، مطالبة الشركة بحذف معلومات أماكن وجودهم.

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن كلا من "كراودثينك" و "ORG" نبهت مستخدمي الهاتف المحمول إلى ضرورة إغلاق الـ"واي فاي" عندما يكونون في الخارج؛ وذلك لتجنب الكشف عن هويتهم لدى عبورهم نقاط الـ"واي فاي"، كما نبهت الشركتان الناس بأن يكونوا على علم بأن مشاركتهم الصور والفيديوهات الرقمية وتنزيل التطبيقات كلها تكشف عن موقع وجودهم.
التعليقات (0)