سياسة عربية

الإعلام اليمني الرسمي.. بين إهمال السلطات وفساد الحوثيين

بعد انقلابهم سيطر الحوثيون على عدد من مقرات وسائل الإعلام الرسمية- أ ف ب
بعد انقلابهم سيطر الحوثيون على عدد من مقرات وسائل الإعلام الرسمية- أ ف ب
يشهد الإعلام الرسمي باليمن، حالة من التدهور الحاد، جراء استمرار سياسة الإهمال التي تنتهجها السلطات الشرعية ضد الوسائل الإعلامية التي تسيطر عليها في مدينة عدن (جنوبي البلاد)، من بينها صحيفة "14 أكتوبر"، التي توقفت عن الصدور نهاية العام الماضي، وكذا "إذاعة عدن"، فضلا عن الصعوبات المالية التي تعصف بتلفزيون عدن ووكالة "سبأ" للأنباء، وفقا لمراقبين.

لم تكن الحكومة وحدها، من تتحمل مسؤولية واقع البؤس للإعلام، بل أطبق على أنفاسه، فساد واسع، للعناصر التي تدير صحفا وإذاعات تابعة لوزارة الإعلام، بتكليف من المتمردين الحوثيين منذ انقلابهم على مؤسسات الدولة في 2014، يقول صحفيون.

عجز حكومي ونهب حوثي


وبهذا الشأن، يقول الصحفي والكاتب اليمني، فؤاد مسعد، إن واقع الإعلام اليوم، هو انعكاس لحالة الدولة التي تفككت كل منظوماتها وأجهزتها ومؤسساتها وفي مقدمتها "الإعلام الرسمي"، الذي انقسم إلى جزءين.

الأول، وفقا للصحفي مسعد، "خضع لسيطرة الحوثيين وأصبح معبرا عنهم وتديره عناصر تابعة لهم أو لصالح؛ وهي عناصر معروفة بانتهازيتها وفسادها"، والآخر "ظل مواليا للشرعية رغم الظروف الصعبة المحيطة".

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن إدارة السلطة الشرعية ظلت عاجزة عن الانتقال بالإعلام إلى وضع أفضل، سواء من حيث نقل بعض القنوات إلى اليمن للبث من المناطق المحررة، مثل "فضائية وإذاعة عدن"، لكن حدث العكس. مؤكدا أن الحكومة ممثلة بوزارة الإعلام لا تزال عاجزة عن إعادة إصدار صحيفة "14 أكتوبر" رغم توفر الظروف المناسبة لإصدارها وجميع العاملين فيها على أتم الاستعداد لذلك.

واعتبر مسعد أن الضعف الذي تبدو عليه بعض وسائل الإعلام الرسمية التابعة للحكومة الشرعية ينعكس أيضا على مجمل الخطاب الإعلامي المؤيد للشرعية، ولذلك فإن غالبية المتابعين يبحثون عن بغيتهم في وسائل الإعلام المستقلة سواء المحلية أو العربية والدولية.

ولفت المتحدث ذاته إلى أن "وضع الإعلام الخاضع لسيطرة الحوثيين وصالح، يمر بظروف سيئة باعتباره أداة لعصابات من القتلة لا ترى في الإعلام إلا بوقا يجب عليه تنفيذ الأوامر والتوجيهات وليس له أي حق"، مستدلا بـ"الاحتجاجات التي نظمها عشرات الصحفيين في مؤسسة الثورة بصنعاء، بسبب عدم صرف مستحقاتهم".

وأضاف قائلا: "بات القائمون على هذا الإعلام يرون فرصتهم الآن في النهب والاستيلاء على المستحقات والممتلكات إدراكا منهم أن زمن المليشيا محدود، والقضاء عليها مسألة وقت، ولذلك غرقوا في قضايا الفساد كغيرهم من مسؤولين عينتهم جماعة الحوثي".

إعلام متخلف

من جهته، رأى الصحفي والمحلل السياسي، عبد الله المنيفي أن "الإعلام الرسمي التابع للسلطات الشرعية ليس مواكبا للأحداث التي تشهدها البلاد فحسب، وإنما متخلفا ومتأخرا بمسافات كبيرة عن مواكبة معركة تحرير البلد، بوصفها معركة وعي وتوعية.. مساندة للمعركة العسكرية".

ووصف المنيفي الإعلام الموالي للرئيس عبد ربه منصور هادي بـ"قناة مهترئة ومحطة إذاعية يتيمة" أمام ترسانة إعلامية للانقلابيين من قنوات وإذاعات وصحف ومواقع تضخ لها الأموال، بينما لا تزال حقوق موظفي الإعلام الرسمي تصرف بصورة متأخرة.

وقال في حديث خاص لـ"عربي21": "بعد سبعة أشهر من تحرير عدن (جنوبا)، وثلاثة أشهر من تحرير مأرب (وسط البلاد) لم تقم الحكومة على استصدار صحيفة رسمية واحدة، في المقابل ما يزال الإعلام الانقلابي يسيطر على الجغرافيا، لولا كسر الإعلامي الأهلي والحزبي المؤيد للشرعية لهذه القاعدة".

وتابع حديثه: "كان المأمول أن يصل إعلام الشرعية إلى كل بيت يمني، لكنه لم يحدث، بسبب عدم اكتراث هذه الحكومة للدور الذي يمارسه إعلام الانقلابيين، بالإضافة إلى عدم إدراكها لأهمية صوت الإعلام في مؤازرة التحرير".

وما يجسد ذلك، بحسب المنيفي، أن "حقيبة الإعلام في الحكومة التي يقودها خالد بحاح، ظلت شبه فارغة لعدة أشهر"، ولفت المتحدث ذاته إلى أن فساد الشخصيات التي عينها الانقلابيون أوسع وأكبر مما كان في الفترة السابقة، الأمر الذي يمثل عائقا أمام جهود استعادة الإعلام الرسمي بطريقة مناسبة.

فساد وعشوائية

وفي هذا السياق، أوضح الصحفي وعضو المنتدى السياسي للتنمية الديمقراطية، فهد سلطان أن الإعلام اليمني الخاضع لسيطرة الحكومة الشرعية يعاني من فساد وعبث واضح، وعدم استيعاب لوضع البلاد التي تمر بحرب وجود، حسب تعبيره.

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن غياب المساءلة والمحاسبة في المؤسسات التابعة للشرعية، ولد "فسادا عريضا قائم على الوصولية والمحسوبية" باتت اليوم كـ"الشمس في رابعة النهار".

وأشار سلطان إلى أن الإعلام التابع للشرعية ومثله الإعلام العسكري، يعمل بطريقة عشوائية وغير منظمة، ولا يواكب ويخضع لأمزجة القائمين عليه أكثر مما يخضع لضرورات اللحظة.

واعتبر عضو المنتدى السياسي اليمني أن تعيين الرئيس هادي لمحمد عبد المجيد قباطي، وزيرا للإعلام، بـ"الكارثة"، نظرا لفساده، بل يعمل في نطاق وزارات أخرى إلى جانب سلطة الإعلام، على حسب وصفه.

ولفت إلى أن الصحفيين والإعلام اليمني يقدم تضحيات كبيرة، فمنهم من يقبع بسجون ومعتقلات الحوثي"، مؤكدا أن "الإعلام يعيش غربة الزمان والمكان".

ومنذ سيطر مسلحو جماعة الحوثي على صنعاء في 21من أيلول/ سبتمبر من عام 2014، اقتحموا مقرات عدد من القنوات والإذاعات والصحف الرسمية بدءا بقناة اليمن الرسمية وقناتي "سبأ والإيمان" وإذاعة صنعاء التابعة للدولة، مرورا بـ"وكالة سبأ" للأنباء، وعقب ذلك، قاموا بتعيين عددا من المواليين لهم، مديرون على تلك الوسائل.
التعليقات (0)