مقابلات

قائد عسكري بداريا: مع حل يوقف شلال الدم ضمن ثوابت الثورة

حذر نقرش من تعرض داريا والمعضمية للحصار والتجويع
حذر نقرش من تعرض داريا والمعضمية للحصار والتجويع
قال النقيب سعيد نقرش، قائد "لواء شهداء الإسلام" في مدينة داريا بغوطة دمشق الغربية؛ إن لواءه يؤمن بـ"حل يوقف تدفق شلال الدم في سوريا في إطار ثوابت الثورة السورية"، لكنه شكك في إمكانية نجاح المفاوضات مع النظام، نظرا لعدم التزامه بتنفيذ بوادر "حسن النية" التي طالبت بها الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن مؤتمر المعارضة في الرياض الشهر الماضي.

من جهة أخرى، قال نقرش، في مقابلة مع "عربي21"، إن فصائل الثوار أفشلت محاولات متكررة لقوات النظام لاقتحام داريا، كانت آخرها مع بدء التدخل الروسي، لكن النظام أطلق حملة لفصل داريا عن معضمية الشام، وقد أحرزت قواته بعض التقدم بهذا الاتجاه.

ولفت إلى أنه رغم إدانة مجلس الأمن لقصف داريا بالبراميل المتفجرة، إلا أن القصف ازداد بعد قرار مجلس الأمن الأخير.

وفيما يلي نص الحوار:

* حدثنا بداية عن لواء شهداء الإسلام العامل على أرض داريا وأهم الإنجازات العسكرية التي أحزرها.

- تم تشكيل لواء شهداء الإسلام بتاريخ 5/3/2013، نتيجة لزيادة أعداد المقاتلين والخبرات العسكرية المكتسبة، وتدريب عناصر جديدة من شباب المدينة، والتطور النوعي الحاصل في أداء الجيش الحر خلال المعارك. ضم اللواء في صفوفه سبع كتائب توزعت على جبهات القتال.

خلال العام الأول من المعركة المستمرة منذ ثلاث سنوات، وبالرغم من الحصار وقلة الإمكانيات المادية واللوجستية، استطاع لواء شهداء الإسلام، بالاشتراك مع باقي الفصائل، تكبيد النظام خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، حيث بلغ عدد قتلى النظام أكثر من 5000 عنصر، وتدمير ما يقارب 184 ما بين دبابة وآلية عسكرية مختلفة، واغتنام دبابة من طراز "T-72"، وعدد كبير من الأسلحة الفردية والمتوسطة.

مع استمرار المعارك الدائرة في المدينة وثبات جبهات القتل، شنّ اللواء عددا كبيرا من العمليات على عدة جبهات كان أهمها عملية "لهيب داريا" مؤخرا، والتي تمكن خلالها الجيش الحر من استهداف مطار المزة العسكري ناريا، وعملية "وبشر الصابرين"، وعملية "وإن عدتم عدنا"، وغيرها من المعارك التي تمكنا خلالها من استعادة أجزاء من المدينة كان النظام قد احتلها.

* كيف تصف لنا المشهد العسكري اليوم في داريا؟

- خلال السنة الماضية شهدت جبهات القتال في المدينة مناوشات مستمرة بين الجيش الحر وقوات النظام والميليشيات الشيعية المساندة له، حتى الأشهر الأخيرة، حيث بدأ النظام بمعركة كبيرة جدا تزامنت مع التدخل الروسي، حاول فيها النظام التقدم من جميع الجبهات في المدينة، وفشلت قواته في التقدم ولحقت بها خسائر فادحة. ثم تركزت هجمات النظام وحلفائه على الجبهة الغربية من المدينة، في محاولة لفصل مدينة داريا عن معضمية الشام بشكل نهائي، حيث تمكن النظام في الأيام الأخيرة من التقدم إلى إحدى النقاط على الجبهة الغربية وإغلاق الطريق الواصل بين المدينتين ناريا بشكل شبه كامل.

يهدف النظام من عمليته الأخيرة إلى الفصل التام بين مدينتي داريا ومعضمية الشام، وبالتالي يسهل عليه فرض شروطه على كلا المدينتين، وخصوصا بعد أن شهدت الهدنة في معضمية الشام في الفترة الأخيرة تعليقا بشعا من قبل النظام وإغلاقا للمعابر الإنسانية بشكل تام، وذلك ليجبرها على عدم التدخل بأي شكل كان فيما يحصل في داريا ووضعها أمام خيارين إما الجوع أو الخضوع لإملاءاته. كما يسعى النظام لتحقيق نصر في داريا مهما صغر، وخصوصا بعد أن أذلته هذه المدينة لثلاثة أعوام وقضى فيها عدد كبير من عناصره، ما يشكل له نصرا إعلاميا يستخدمه دوليا قبل جولة المفاوضات التي من المفترض أن تنطلق في نهاية الشهر الجاري.

* ما هي حصيلة الغارات والبراميل المتفجرة والصواريخ على داريا؟

خلال الـ1155 يوما الماضية، تعرضت داريا لجميع أشكال الهجمات، كان أخطرها هجمتان بالسلاح الكيماوي والقصف بالبراميل المتفجرة، إذ إنه منذ أكثر من سنة والمدينة تتعرض لقصف عشوائي بالبراميل المتفجرة التي أدان مجلس الأمن استخدامها في اجتماعه في النصف الثاني من العام الماضي، إلا أن الهجمات بالبراميل المتفجرة تضاعفت بعد قرار مجلس الأمن، ناهيك عن سلاح التجويع الذي عمد النظام إلى استخدامه كما يفعل في عدد من المناطق الثائرة الأخرى.

وفي إحصائية عملت عليها المكاتب الإعلامية والإغاثية في المدينة فإن عدد هجمات النظام في الحملة الأخيرة كان كالآتي: 2000 برميل متفجر، 700 صاروخ أرض أرض، 1500 أسطوانة متفجرة، 4000 قذيفة ثقيلة استهدف معظمها الجبهة الغربية من المدينة، وبعضها استهدف وسط المدينة، ما تسبب بسقوط عدد من الضحايا، كان آخرهم طفلة رضيعة توفيت إثر إصابتها بعد استهداف مكان إقامتها مع أهلها بالبراميل المتفجرة.

* ماذا عن التنسيق مع الجبهات الأخرى بالريف الدمشقي لتخفيف الضغط عن داريا؟

منذ اليوم الأول للمعركة، نعمل على التنسيق مع الفصائل كافة في الغوطة الغربية التي تتمتع بقدر لا بأس به من حرية الحركة، عن طريق إحدى كتائبنا الموجودة في المنطقة، "كتيبة أحرار داريا"، وعملنا على إطلاعها على الأوضاع العسكرية والإنسانية الصعبة، لكن لم يكن هناك استجابة تذكر حتى الآن.

المطلوب حاليا من فصائل كل من القنيطرة والغوطة الغربية ودرعا التحرك بأسرع وقت ممكن، وشن هجمات على معاقل النظام للتخفيف عن الجبهات التي تشهد معارك شرسة في الأشهر الماضية، في كل من داريا والغوطة الشرقية. كما أن عليهم أن يدركوا أن ثورة داريا ليست لأجل داريا وإنما ثورة لكل سوريا، فعليهم أن يكونوا على قدر من المسؤولية في هذه المرحلة الحالية الصعبة، وأن يتصرفوا وفقا لحسابات المصلحة العامة للثورة وقضية الشعب السوري العظيم.

* كيف هو الوضع الطبي والإنساني في المدينة؟

تشهد المدينة شحا كبيرا في المواد الغذائية والتموينية كافة، وربما يسوء الحال في الأيام المقبلة - لا سمح الله - في حال استمر الوضع الحالي، كما يشهد المشفى الميداني نقصا حادا في التجهيزات الطبية كافة، وخصوصا بعد الحملة الأخيرة التي تسببت في سقوط عدد كبير من الجرحى في صفوف كل من المقاتلين والمدنيين.

كما أصدر المجلس المحلي في المدينة في الفترة الأخيرة بيانا وضح فيه الوضع الإنساني السيئ في المدينة نتيجة الحصار الطويل، والوضع الطبي المأساوي في ظل استخدام النظام للأسلحة العشوائية التي تسببت بعدد كبير من الإصابات، منها إصابات حادة تحتاج لأعمال جراحية ومعدات غير متوفرة في الداخل، ولا يمكن تأمينها نتيجة الحصار.

* كم يبلغ اليوم عدد الثوار وعدد المدنيين داخل المدينة؟

- يبلغ عدد الموجودين في مدينة داريا 12000 محاصر من المدنيين.. والمقاتلين ونعتذر عن التفصيل.

* هل حاول النظام عقد هدن أو اتفاقيات مع داريا؟ وكيف تنظرون للمناطق التي هادنت النظام؟

- حاول النظام إبرام اتفاقية هدنة في الربع الأخير من عام 2014، وخرج حينها وفد من مدينة داريا للتفاوض مع النظام، لكن هذه المحاولة باءت بالفشل نتيجة رفض النظام لشروط الثوار في المدينة. فقد تم الاتفاق بين جميع القوى العاملة في مدينة داريا، المتمثلة بالمجلس المحلي لمدينة داريا ولواء شهداء الإسلام والاتحاد الإسلامي لأجناد الشام، على وثيقة سميت "وثيقة الشرف"، تضمن الشروط الأساسية لإتمام عملية التفاوض والوصول إلى الاتفاق، والبنود الأساسية وهي: "إعادة انتشار جيش النظام لأطراف المدينة وحدود ما قبل الحملة العسكرية الحالية بتاريخ 5/11/2012، حتى يستطيع الأهالي العودة إلى منازلهم، وإطلاق سراح جميع معتقلي مدينة داريا البالغ عددهم أكثر من 1900 معتقل، على رأسهم الأطفال والنساء ومن مضى على اعتقاله ثلاث سنوات، وعدم تسليم السلاح الخفيف والمتوسط من قبل الثوار، وفي حال الوصول إلى اتفاق تدخل لجنة من الأمم المتحدة لمراقبة عملية التنفيذ من الطرفين. بينما كانت شروط النظام غير واضحة وغلب عليها المراوغة ومحاولة لكسب الوقت، ثم رد النظام على لجنة التفاوض برفض جميع الشروط ليحكم على هذه المحاولة بالفشل.

* هل دخلت فرق الأمم المتحدة لداريا وعاينت الوضع الإنساني هناك؟ وهل هناك تخوف من حدوث مجاعة مثلما حدث في مضايا؟

- لم تدخل مدينة داريا أي لجنة أو فريق من الأمم المتحدة لمعاينة الوضع فيها، رغم الطلبات المتكررة من الجهات المدنية للأمم المتحدة (..). وهناك تواصل شبه مستمر مع كل المؤسسات الدولية من قبل المجلس المحلي في المدينة لإطلاعها على كل المستجدات والانتهاكات التي يرتكبها النظام لكن دون جدوى، والحجة أن هذه الفرق بحاجة لموافقة من النظام حتى تدخل المدينة، علما أننا كمؤسسة عسكرية أجرينا عدة اتصالات مع هذه المؤسسات وأبدينا استعدادنا التام لحماية أي فريق يدخل المدينة في حال الطلب، وتأمين حرية الحركة التامة في المدينة.

أما فيما يخص المجاعة فهي بدأت بالفعل منذ بداية الحملة على داريا، وتتفاقم الأوضاع سوءا في الفترة الأخيرة وسط انعدام معظم المواد الأساسية، وإن وجدت فهي بكميات قليلة جدا وبأسعار مرتفعة.

* أخيرا، كيف تنظرون للحل في سوريا  ومؤتمر "جنيف3"؟

- نحن نؤمن بأي حل يوقف تدفق شلال الدم في سوريا في إطار ثوابت الثورة السورية التي أعلناها مع باقي الفصائل الثورية المقاتلة في عدة بيانات مؤخرا. وربما إنه من المبكر الكلام عن "جنيف3"، إذ إننا طلبنا ونطالب الهيئة العليا للتفاوض بالتمسك بشروط بناء الثقة، والتي كان أهمها الإفراج عن المعتقلين وفك الحصار عن المناطق المحاصرة وإدخال المساعدات الغذائية والطبية لكل المناطق المحاصرة في سوريا، فيما تعاني اللجنة من ضغوط دولية من بعض "أصدقاء الشعب السوري" وأعدائه أيضا؛ للتنازل عن هذه الشروط. فلا نرى أي احتمال لنجاح هذه المفاوضات ما لم تتحقق الشروط والتي تعتبر حقوقا أساسية للشعب السوري في القانون الدولي، ونصّت عليها عدد من قرارات مجلس الأمن، ولم يلتزم النظام بتنفيذها.
التعليقات (0)