انتقدت كاتبة مسيحية مصرية ما واكب زيارة رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي إلى
الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ليلة الاحتفال بأعياد الميلاد، وصلاة القداس، في الأسبوع الماضي، من مظاهر اعتبرت أنها لا تتفق مع ما يليق بدور عبادة، مشددة على أن ما فعله المسيحيون مُخز، ومُخجل، بحسب وصفها.
وكتبت "كارولين كامل"، مقالا بعنوان: "في حضرة السيسي.. نسي المسيحيون الله"، بجريدة "الشروق"، الأربعاء، قالت فيه إنها رأت جليا في صلاة قداس ليلة عيد الميلاد أسوأ ما في البشر من خصال أبرزها التملق والمبالغة والاستهتار بالقيم، وبرع فيه المسيحيون بجدارة، ودون سابق تخطيط على ما تظن.
وأشارت كارولين إلى أن الحاضرين قاطعوا السيسي أكثر من مرة، بالهتاف والتصفيق والزغاريد والصفارات، ولم ينقصهم للأجواء الاحتفالية سوى "الفوفوزلا"، للتأكيد على بهجتهم.
وقالت إن السيسي ردد أكثر من ثلاث مرات رجاءه، "اسمعوني"، طالبا أن يسود الهدوء قليلا، حتى لا يتشتت، وينتهي من كلمته، مضيفة: "للأسف كل ما يفتح فاه ليتحدث ينتفض المسيحيون بالتصفيق، وبعد جولة طويلة من الزغاريد والتصفيق والهتاف "يحيا السيسي" قال مازحا: "قداسة البابا كدة هيزعل"، يقصد أن
البابا تواضروس سوف يستاء من إهانة الكنيسة بهذا الكم الهائل من الاحتفال الذي لا يليق بدور عبادة.
وأشارت إلى أن "الهمهمة" ظلت تسري في كنيستها الصغيرة بعد خبر دخول السيسي إلى الكاتدرائية، واحتلت السياسة حوار الجميع، قائلة: "لا أتصور أن الكاتدرائية حتى نهاية القداس خلت من هذه الأحاديث، وتحليل الزيارة، وإعادة كلمات الرئيس، كلمة، كلمة، على مسامع البعض همسا، كأن كل واحد قد سمع شيئا مختلفا، ويريد توضيحه، ومن استطاع التقاط صورة تذكارية"، وفق وصفها.
وأكدت كارولين أن "أحد رجال الدين الأجلاء قال إن للسيسي سحرا خاصا على النساء، وربما تحدث البعض عن الهالة النورانية التي شاهدوها مدينين لأسقف مبجل سبق، وقال إن دخول السيسي للكنيسة بمثابة دخول المسيح للكنيسة".
وعلقت قائلة: "نشكر الرب أن المسيح أخيرا، وبعد 2016 سنة من الغياب، قرر دخول الكنيسة، وتندر الجميع بما فيهم المسيحيون على التشبيه، الذي ما إن خرج منهم، حتى لم يعد مقبولا انتقاده، والتهكم على قائليه بحجة أنهم رجال دين".
وساخرة أضافت: "لا أعرف لماذا تذكرت حفلات الست أم كلثوم عندما كان الجمهور ينخرط في موجة من التصفيق لجملة أعادتها الست أو "آهة" خرجت من حنجرتها مدوية، إلا أنه برغم "السلطنة" كان يعرف متى يتوقف لتُكمل الست غناءها ولا تفقد حالة الاندماج، ولكن يبدو أن المسيحيين "مبيعرفوش يوجفوها"، وفي المرات القادمة أظن أنهم في حاجة لتلك اللافتات الإرشادية التي تُستخدم في البرامج المسجلة في استوديوهات بحضور جمهور ليعرفوا متى يبدؤون "الترحيب"، ومتى عليهم التوقف؟.
وتابعت: "فعليا.. أنا لا أدين أحدا، ولكن من حقي انتقاد مؤسسة تمثلني علة المستوى السياسي برغم أن دورها المنوط بها دور روحي، وهو ما أنتظره منها".
وطرحت كارولين قضية علاقة الدين بالسياسة، قائلة: "للأسف حتى وإن ادعينا أن مصر دولة ليست دينية فإننا في الحقيقة نحتاج لوقت طويل لنعرف كيف نفصل الدين عن الدولة، سواء الإسلامي أو المسيحي، فالكنيسة للأسف أجبرت أن تلعب دور المسؤولة عن حقوق
الأقباط كونهم مواطنون، وتتحدث باسمنا رغما عنا، الأمر الذي نال إعجاب رجال الدين، وشريحة كبيرة من المسيحيين بمرور الوقت، وباركت الدولة هذا الدور وضخمته، بل ودفعت الكنيسة أكثر لتُحكم قبضتها على زمام أمور أبنائها".
واختتمت كارولين مقالها بمخاطبة السيسي قائلة: "سيدي الرئيس.. شكرا لزيارتك المُبهجة للكنيسة، وعذرا لما تكبدته من محاولات لإنهاء كلمتك دون تشتيت ومقاطعة المسيحيين لك أكثر من مرة بصورة فجة، وإن كانت مُزينة بالزغاريد والهتاف والصفارة والتصفيق.. المسيحيون ليسوا مهرجين أو مبتذلين، ولكن يبدو أنه من فرط "عشق" رواد الكاتدرائية لك تناسوا أبسط قواعد الاحترام، وهي الإنصات للنهاية ثم التعبير عن فرحتهم وامتنانهم، وفي الوقت نفسه بصورة تليق بكرامة، وقداسة بيت الله".