اقتصاد دولي

العالم ينتظر "حرب العملات" بعد تفاقم أزمة السيولة

(تعبيرية)
(تعبيرية)
تسبب انخفاض السيولة على المستوى العالمي في العديد من الأزمات طيلة الفترات الماضية، التي أرجعها محللون إلى تباطؤ الاقتصاد العالمي، ما يؤكد عدم التعافي كليا من الأزمة المالية العالمية الأخيرة، الأمر الذي ظهر في هبوط أسعار السلع الأولية والنفيسة، فضلا عن الأسهم والسندات والنفط في الوقت ذاته.

وقال محللون وخبراء اقتصاديون، إن العوامل الجيوسياسية شكلت أسلوبا لدى إدارة الاقتصاد العالمي وبوصلة توجيهه، وهو الأمر الذي ظهر بشدة في تحركات العملات الرئيسة أمام الدولار الأمريكي، حتى اعتبره مراقبون عودة لـ"حرب العملات" من جديد، لتلقي بظلالها على معدلات النمو والتضخم في كل دولة على حدة.

ووجدت السياسات المالية لمعظم الدول صعوبة في التوافق مع سياستها النقدية، حتى انكشف ذلك في تراجع إجمالي الناتج المحلي لتلك الدول، ما أثر على معدلات النمو الإجمالية للاقتصاد العالمي.

من جهته، قال الخبير في الاقتصاد الكلي شريف هنري، وفقا لصحيفة "الشرق الأوسط"، إن "العوامل الجيوسياسية باتت تتصدر المشهد الاقتصادي العالمي، نظرا لتأثيرها بشكل مباشر على تحركات الأسواق"، ملمحا إلى بداية "حرب عملات" بين الدول.

وأوضح هنري أن التحكم في أسعار السلع الأولية من جانب الصين، وسيطرة أمريكا اقتصاديا من خلال الدولار، مع تحرك معظم العملات لدى الدول مؤخرا يعطي مؤشرا بوجود حرب عملات عالمية في الأفق، مشيرا إلى تراجع اليورو نحو 35 في المئة أمام الدولار، خلال العامين الماضيين، وانخفاض الليرة التركية نحو 100 في المئة أمام الدولار خلال السنوات الأربع الأخيرة، ونزول الروبل الروسي أكثر من 70 في المائة في عام.. 

وهو الأمر الذي يوضح انخفاض إجمالي الناتج المحلي للدول عند حسابه بالعملة الأمريكية.

ومنذ أن ضخت البنوك المركزية كميات كبيرة من السيولة في الأسواق إبان الأزمة المالية العالمية في عام 2008 التي ساعدت في الحفاظ على استقرار نسبي في أسواق رأس المال، فإن أزمة السيولة تدق أبواب الأسواق من حينها، إذ إن معالجتها لم تكن على أسس قوية، وإنما بالتيسير الكمي.

ومع الوقت، فإن تحويل الأدوات المالية إلى سيولة يزداد صعوبة، خاصة في قطاع المدخرات وأدوات الدين الثابت مثل السندات (وهي الأصعب)، وهو ما يقلل من ضخ السيولة في الأسواق، الأمر الذي يؤدي إلى ركود نسبي، أما انعدام السيولة فيؤدي إلى انهيار سريع يطول أمده.

وتزداد الأزمات هنا كلما فرطت حلقتها، وعادة ما تكون الحلقة الثانية لكل أزمة ناتجة عن سيطرة الخوف على المتعاملين في الأسواق، من سحب أموال وبيع عشوائي والاحتفاظ بالسيولة ترقبا للمستقبل، على أن يحتفظ بالسيولة من يمتلكها.. أما من لا يمتلكها فسيعاني بالتأكيد، والأمر كذلك بالنسبة لحكومات الدول، بحسب خبراء الاقتصاد.

وسجلت الصين واليابان ومنطقة اليورو وروسيا، تراجعات في معدلات النمو وصلت إلى الركود خلال العام الحالي. وحذرت مؤسسة "فيتش" للتصنيف الائتماني، الدول النامية، من التراجعات المحتملة في اقتصادها لتأثرها بتباطؤ الاقتصاد العالمي.

وأشار هنري إلى التناقض الشديد بين هبوط أسعار الذهب خلال تلك الفترات، وبين كونه الملاذ الآمن وسط الاضطرابات، موضحا سعي أمريكا في الحصول على سيولة حقيقية حينما تقرر رفع الفائدة على عملتها، الأمر الذي ظهر بوضوح من تعليقات مسؤولي البنك المركزي الأمريكي بتلميحاته منذ نحو عام برفع الفائدة.
التعليقات (0)