مقالات مختارة

الأخطاء الخمسة التي أعادت الإرهاب

عبد الرحمن الراشد
1300x600
1300x600
كتب عبد الرحمن الراشد: في شهر مايو/ أيار عام 2011 مئات الملايين من الناس كانت تتفرج على نهاية تنظيم القاعدة، أو بالأصح نهاية زعيمها الذي قتل في عملية استخباراتية ماهرة. لفت جثته في غطاء، وربطت حبالها بأثقال، ورميت في قاع بحر ما، حتى لا يعرف أحد قبره. ربما أكلت جثته أسماك القرش، وبموته اعتقد أنها تنتهي رمزيته وتدفن معه "القاعدة" التي أرعبت العالم. لم يبق أحد مهم في التنظيم إلا اعتقل أو قتل، مثل أنور العولقي الأميركي من أصل يمني ومن أخطرهم، قُتل بعد أربعة أشهر.

بالفعل تم التخلص من معظم عقول التنظيم ونجومه. قتل أخطرهم ميدانيا، الزرقاوي، وكذلك مخطط العمليات العسكرية أبو ليث الليبي، والكيميائي أبو خباب، والمسؤول المالي سعيد المصري، وحتى سائق بن لادن وحارسه وابنه، وامتلأ سجن غوانتانامو الخاص بنزلاء "القاعدة".

لم يقتلوا ويقبض عليهم، بل زال ما كان يعتقد أنه الدافع وراء الإرهاب، وهو الوجود الأميركي، حيث انسحبت الولايات المتحدة من العراق.

في نظري، هنا الخطأ في تشخيص المشكلة، فالإرهاب لم يكن أشخاصا ولا ذرائع، بل أيديولوجيا. من الدعاة إلى الإعلاميين، والمدرسين، والمحتسبين، المؤمنين بأيديولوجيا التطرّف والمنخرطين فيه هم أهم من بن لادن والزرقاوي. هؤلاء قادرون على إنتاج قيادات ومنظمات بديلة، بعناوين مختلفة، وفي مناطق جديدة. اخترعوا البغدادي بديلا لابن لادن، و"داعش" محل "القاعدة"، وسوريا ساحة حرب جديدة، وبديلا عن أشرطة فيديو بن لادن صعدوا على "تويتر" و"فيسبوك" و"واتساب". صاروا أعظم وأخطر.

هكذا الحرب عادت للمربع الأول، إلا أن الإرهابيين يتميزون عن سابقيهم عددا ونوعية ونفوذا. أسقطوا طائرة روسية بعلبة كيلوغرام متفجرات، ونفذوا مجزرة متعددة في باريس. وفرعها في نيجيريا، "بوكو حرام"، عبر الحدود إلى مالي ونفذ هناك جريمة أخرى. "داعش" أيضا قتل رهينة صينيا، وهدد الولايات المتحدة بعمليات وشيكة. كل هذا الإرهاب الذي روع العالم نفذ في أقل من شهر.

في رأيي، إن هناك جملة أخطاء في فهم الإرهاب الجديد؛ الأول هو الاعتقاد بأن الإرهاب تنظيم ينهار بمقتل قياداته. والخطأ الثاني التصديق بأن الذريعة المعلنة هي الدافع للإرهاب، بالخلط بينها وبين الحركات التحررية في الماضي، مثل القول إن خروج الأميركيين من العراق ينهي سبب الإرهاب ووجوده.

تاريخيا، "القاعدة" ولدت قبل غزو العراق بست سنوات، وتوسعت أكثر بعد خروجهم. والثالث، الاعتقاد بأن الحل في الرحيل من منطقة الفوضى، مثل فيتنام، سحبت أميركا كل قواتها من العراق، ورفضت الدخول في سوريا. الرابع، التورط في اللعبة الطائفية، بدعم الشيعة أو السنة ضد بعضهم بعضا. والخطأ الخامس والأهم، هو التهاون مع الفكر المتطرّف الذي هو العلة الرئيسية، ومصدر قوة الإرهاب.

بعد انتحار هتلر ثم حرق جثته، لم يكتفِ المنتصرون في الحرب على النازية برفع العلم على برلين، بل منعوا الفكر النازي من التنفس. حرموا تدريسه، والترويج له، ومنعوا كل واحد له علاقة به من أي نشاط مجتمعي. الإسلام المتطرف الذي نراه منتشرا هو فاشي أيضا، يشبه النازية التي تقوم على فكرتي التميز والإلغاء. مثلها التطرّف الإسلامي يقوم على الولاء المطلق لها، والكراهية والعدوانية ضد الآخر سواء كانوا مسلمين أو غيرهم. تريدون القضاء على "القاعدة" و"داعش" و"النصرة"، لاحقوا الأيديولوجيا. من دون ذلك أمامنا مائة عام من الفوضى والإرهاب.

(عن صحيفة الشرق الأوسط اللندنية- 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2015)
التعليقات (4)
mousa atawneh
الثلاثاء، 24-11-2015 08:33 ص
لن تصل إلى ما تريد في المستقبل المنظور أو المبني للمجهول ! كل نظرية لها متطرفوها وعقالها ومنظروها , والإسلام العظيم له كذلك من المتطرفين والحكماء والعقال والوسطيين ولا يشذ عن القاعدة في هذا الشأن . والحث على حرب الاسلام لخروج بعض المتطرفين من تحت عباءته لن يجد شيئاً . حُورب الاسلام منذ جاء ولم يختف ولم يُهزم وسوف يبقى . لكن التفاهم والحوار ورفع الظلم والاستبداد والكثير من الحرية هو العلاج الذي أراه ناجعاً ومفيداً .
الناهياوي
الثلاثاء، 24-11-2015 12:24 ص
الخنزير الماسوني يدعو العالم لسحق الاسلام وتجريمه، هل وصل الأمر بكم يا كلاب الماسونية الصهيونية الارهابية في الخليج الفارسي الى هذا الحقد؟
حسن
الأحد، 22-11-2015 09:53 م
فكرك يا اخ عبد الرحمن الراشد هزيل وسطحي.. عندما نقارنه بمثقفي ومحللي الغرب نجد اننا نستفيد من هولاء وهم عجم (وحتى وان كانوا يحاربون الدولة), في حين عندما نقرا لابناء جلدتنا مثلك لا نستفيد اي شيء.. فكر هزيل , وفي بعض جوانبه فكر غارق في السطحية ومثير للشفقة.. الو ال "الأخطاء الخمسة التي أعادت الإرهاب" و ".. تريدون القضاء على "القاعدة" و"داعش" و"النصرة"، لاحقوا الأيديولوجيا.." اهذا كل اللي طلع معك? وكأن العالم كله لا يعرف بان كل حركة ثورية في التاريخ لا بد لها ان تستند الى ايديولجيا.." حتى ياتي عبد الرحمان الراشد الفذ فتتفتق ذهنيته على الحل السحري لهزيمة الارهاب فيصيح: وجدتها وجدتها.. انها الاديولوجيا.. الله يخرب بيت مفكرينا العرب من امثالك شوهتوا بنا .. سد بوزك والله احسن.. مالك انت ومال التحليل ..
أيمن عصمان ليبيا
الأحد، 22-11-2015 03:50 م
إذا لا يجب أن نغضب من بوش الإبن عندما يصف الإسلام بالفاشي (فابن جلدتنا) يفعل ذلك !
إرهاب الغرب
الأحد، 22-11-2015 02:08 م
1) امريكا لم تنسحب من العراق و لا من اي بلد اسلامي، فقواعدها العسكرية لازالت هناك و ستبقى للابد حسب العقود التي أبرمتها بالقوة مع العملاء الذين أوجدتهم، فأمريكا هي التي وضعت المالكي و زمرته الإرهابية التي تحكم بالنيابة عنه و تذبح اهل السنة و تهجرهم، و داعش هي نتاج الارهاب الامريكي و عملائه الصفويين في العراق، فقد ذاق اهل السنة في العراق ابشع انواع التقتيل و التعذيب و الإهانة، أغتصبوا الرجال و النساء، ... اغتصبوا الرجل امام زوجته و بناته، و اغتصبوا المرأة أمام زوجها و أبيها و أخيها ، ... الخ، ! لم تكن في العراق طائفية و لا اقتتال طائفي إلا لما اغتصبت أميركا العراق! 2) عبد الرحمن الراشد، صاحب هذا المقال، شغل لعشر سنوات منصب إدارة قناة العربية، القناة التي أسستها امريكا لغزو العالم الاسلامي فكريا بعدما غزته عسكريا، فعبد الرحمن الراشد من جنود امريكا الإعلاميين الذين يحاولون ترسيخ عقيدة الذل و الهوان و القبول باستعباد امريكا للمسلمين و بهيمنتها على بلدانهم و خيراتهم! عبد الرحمن الراشد يقول لامريكا: لا تخرجي من العراق و لا من البلدان الاسلامية، و عليك بمحاربة الاسلام نفسه و القضاء عليه لانه هو منبع مقاومة المسلمين و منبع عدم قبولهم بسيادة الكفار على بلدانهم! ... 3) نحن المسلمون نستنكر كل اعمال عنف ضد المدنيين و لا نقبل البتة بأفعال بعض الجماعات الاسلامية المستهدفة للمدنيين، لكن لا نقبل أيضاً باستهداف الغرب للمدنيين المسلمين و قصف مدنهم و بيوتهم و قتلهم بالمئات و الآلاف بل و الملايين، و نعتبر هذا إرهابا أيضاً، بل إرهاب الغرب لا يساوي إرهاب الجماعات الاسلامية أمامه إلا كقطرة في بحر!! كما لا نقبل كمسلمين باستعمال الغرب لردات فعل إرهابيين من المسلمين لتبرير أعمال الغرب الإرهابية ضد المسلمين و لتبرير مجازره و اغتصابه لبلدان المسلمين! ... و نحن المسلمون نستنكر اعمال العنف ضد المدنيين التي يقوم بها قلة من أبناء المسلمين، لكن الغرب يقوم كغالبية بإرهاب ضد شعوب المسلمين و يبارك ذلك و لا يعتبره إرهابا، بل يعتبره حقه في الدفاع عن النفس و يعتبر قتل آلاف و ملايين المدنيين و الابرياء من المسلمين و تهديم بيوتهم و مدنهم و مقومات عيشهم، يعتبرها "collateral damage" (أضرار جانبية)! أرواح المسلمين "أضرار جانبية"!!! و فرنسا لا تريد الى يومنا هذا مجرد الاعتذار لمجازرها في الجزائر و باقي مستعمراتها في افريقيا و الشام، ناهيك عن محاكمتها و مقاضاتها!! .....