أكد خبير عسكري، أن ما يجري الآن في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال الانتفاضة الثالثة؛ هو "استخدام سلاح الرعب من قبل
الشعب الفلسطيني لردع
الاحتلال الإسرائيلي"، منوها أنه هو "المجال ذاته الذي اختاره الاحتلال كي يرعب به الفلسطينيين؛ فالجزاء من جنس العمل".
كان ذلك تعقيبا على عملية مستوطنة "عتنائيل" في الضفة الغربية، والتي قتل خلالها مستوطنان إسرائيليان وأصيب ثالث على الأقل بجروح أمس الجمعة، وذلك بعدما تعرضت سيارتهم لهجوم شنه مسلحون فلسطينيون جنوب مدينة
الخليل، انتقاما على ما يبدو لما تقوم به قوات الاحتلال من جرائم بحق الفلسطينيين والتي كان آخرها إعدام مواطن فلسطيني على يد المستعربين في مستشفى الأهلي بالخليل.
إعدام مواطن
وقال الخبير العسكري، اللواء واصف عريقات، في حديث خاص لـ "
عربي21": "ما يجري الآن هو عبارة عن صمود إرادات؛ الإرادة الفلسطينية مقابل ميزان القوى الراجح للاحتلال الإسرائيلي".
وأوضح أن الاحتلال حاول أن يعمل على "دب الرعب في الشارع الفلسطيني من خلال ممارساته واعتداءاته المختلفة، والتي استخدم فيها كافة أذرعه وأسلحته المختلفة"، لكنها ما لبثت أن "حفزت المواطن الفلسطيني على مواجهة الاحتلال بإرادته وشجاعته وقدرته على التضحية".
وتابع قائلا: "الميزان بين الفلسطيني (صاحب الأرض) والإسرائيلي (المحتل)؛ هو ميزان إرادة مقابل سلاح، تحد وصمود مقابل ارتكاب جرائم حرب"، مؤكدا أن ما يمنح الفلسطيني القدرة على التفوق على الرغم من أنه يدرك جيدا أن إمكانياته العسكرية لا يمكن أن تكون نقطة في محيط الميزان العسكري الإسرائيلي؛ هي قدرته على الصمود واستخدام ما لديه من إمكانيات متواضعة.
الخيار الوحيد
وفي قراءته لمستقبل الانتفاضة في ظل الواقع الحالي ونجاح بعض المقاومين الفلسطينيين وبأدوات بسيطة من تنفيذ عمليات بطولية "موجعة" للاحتلال الإسرائيلي، يرى الخبير العسكري أنه "لا توجد خيارات أمام الشعب الفلسطيني؛ فالخيار الوحيد هو ما يجري حاليا على الأرض".
وبين أن الاحتلال "لم يبق أي خيار للفلسطيني سوى أن يدافع عن نفسه ويضحى بها من أجل كرامته وبقائه في أرضه"، محذرا من خطورة أن يستسلم الفلسطينيون لما يريده الاحتلال الحاقد، لأنها ستمنحه ومستوطنيه القدرة والرغبة في "ارتكاب مزيد من جرائم الحرب بحق المواطن الفلسطيني".
وحول رؤيته للتصعيد الإسرائيلي المستمر بحق الشعب الفلسطيني وموقف الشعب الفلسطيني منه، قال الخبير العسكري: "أي تصعيد من الجانب الإسرائيلي المحتل سيقابله تصعيد وصمود أكبر من الجانب الفلسطيني"، مؤكدا أن "الإجراءات التعسفية التي يقوم بها الاحتلال بشكل يومي في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ من اغتيالات ميدانية، كان آخرها اقتحام مستشفى الأهلي بالخليل وإعدام شاب واعتقال آخر؛ كل هذه عوامل تستفز مشاعر الفلسطينيين وتفجر الغضب الموجود أصلا والمتراكم بداخلهم بفعل الإجراءات والاعتداءات الإسرائيلية وجرائم الحرب المتتابعة والمتصاعدة واليومية بحق الشعب الفلسطيني".
مستوى القوى
ويعتقد جازما أن قيادة الاحتلال "أخطأت حينما صعدت في هذا الاتجاه، وعندما سمحت للمستوطنين والجيش الإسرائيلي بارتكاب مثل هذه المجازر لأنها تدرك جيدا أن الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يقبل بهذه الممارسات، ولا يمكن أن يستكين ولا أن تنكسر إرادته وعزيمته على التحدي".
ونوه الخبير العسكري إلى أن الفلسطينيين "لا يسعون الآن إلى توازن في مستوى القوى؛ فجيش الاحتلال معروف أنه يمتلك من الترسانة العسكرية ما لا تمتلكه جيوش عربية"، مستدركا بقوله: "لكن الفلسطيني يدرك أنه يتفوق على الإسرائيلي بإرادته وعزيمته وقدرته على التضحية ومواصلة الصمود".
وقرر أمس الجمعة، وزير أمن الاحتلال موشيه يعالون، تعزيز وجود قوات الاحتلال وإجراءاتها في منطقة الخليل بعد نجاح المقاومين الفلسطينيين في تنفيذ عملية إطلاق النار الأخيرة، حيث أكدت تقديرات أمنية للاحتلال مهتمة بدراسة الوضع الراهن، على ضرورة تعزيز وجود قوات الاحتلال خلال لقاء أمس جمع كلا من رئيس الأركان، غادي ايزنكوت، ورئيس الشاباك، يورام كوهن، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، هرتسي هليفي.
وانطلقت شرارة الانتفاضة الثالثة مع بزوغ شهر تشرين أول/أكتوبر الماضي؛ وذلك بسبب إصرار مستوطنين يهود على مواصلة اقتحام ساحات المسجد الأقصى، تحت حراسة قوات الاحتلال، حيث تنوعت عمليات مقاومة الاحتلال؛ ما بين طعن ودهس وإطلاق نار وغيرها، وأسفرت المواجهات حتى الآن عن استشهاد 86 فلسطينيا، بحسب بيان وزارة الصحة الفلسطينية، وقتل 14 إسرائيليا بحسب إحصائية الاحتلال.