كتاب عربي 21

أين ينام السيسي؟!

سليم عزوز
1300x600
1300x600
لم نكد نعرف عدد ساعات نوم عبد الفتاح السيسي في اليوم، حتى فوجئنا بأن أحدا لا يعرف أين ينام السيسي؟!

صحفية تتبوأ منصب مدير تحرير جريدة: "المساء" الرسمية، يبدو أنها قريبة من الرجل أخبرتنا في مداخلة تلفزيونية لها، بأنه لا ينام أكثر من ساعتين في اليوم. علما بأنه الحد الأدنى لعدد ساعات النوم لمن في سنه ليستعيد لياقته، ينبغي ألا تقل عن ست ساعات في اليوم الواحد، ولكن وكما قالت كوكب الشرق "أم كلثوم": "فما أطال النوم عمرا"!.

شغلني ما قالته الصحفية، وفكرت في الكتابة عنه، قبل أن أفاجأ بما نشر في مجلة "فورين آفيرز" الأمريكية، من أن أحدا لا يعرف أين يبيت عبد الفتاح السيسي؟. وكما قالت الصحيفة أن السيسي يخالف البروتوكول ويبيت في مكان غير معلوم، خوفا من التهديدات الأمنية، بعد أن زرع قنبلة بالقرب من القصر الرئاسي!.

وهكذا تبين أن عبد الفتاح السيسي، لا ينام "في الطَل"، وفي العراء، لتتمكن مديرة تحرير جريدة "المساء" من أن تحيط علما بساعات نومه، وإن كانت لم تخبرنا إن كان ينام الساعتين نوما متقطعا، أم مستقرا، وهل غفوة القيلولة محسوبة منهما، أم إنه لا ينام في هذه الفترة التي ينصح بها الأطباء، ولو بإغلاق العينين لخمس دقائق دون نوم!.

من الواضح أن الصحفية المذكورة بما قالت، وبعد أن تبين أن أحدا لا يعرف أين يبيت السيسي، أنها تتقرب إليه بالنوافل، ولتخبر المصريين بالعذاب والضنى الذي يعيش فيه السيسي تضحية منه لحكمنا، ولتذكرنا بمقال "طشة الملوخية" الشهير!.

فقد كان فيمن قبلكم صحفي يدعى "ممتاز القط"، جرى تعيينه رئيسا لتحرير جريدة "أخبار اليوم"، في اختيار مثل مفاجأة، لأنه لم يكن من الصحفيين المعروفين في هذه المؤسسة الصحفية العريقة. واجتهد ليثبت أهليته لهذا المنصب، فكتب عن التضحيات الجسام التي يقدمها "حسني مبارك" مقابل أن يتنازل ويحكمنا؛ فهو محروم من الذهاب لدور السينما، ومحروم من أن يمشي في الشارع، ومحروم من "طشة الملوخية". فأضحك بما كتب الثكالى، ولم يوضح أسباب هذا الحرمان من "طشة الملوخية"، وهل لأن حكمنا يستدعي أن يظل الرئيس بصحة جيدة، بما يفرضه عليه هذا البعد عن "الطعام المسبك"، وأن يأكل "ني في ني"؟!.

وقد طرح هذا سؤالا: ولماذا "طشة الملوخية" بالذات، التي ضرب بها مثلا، وأنواع الطعام التي يشملها المنع الطبي، كثيرة؟.. لكن بمرور الوقت عرفنا ما تمثله "الملوخية" للمصريين!.

رجل الأعمال نجيب ساويرس عندما هرب إلى باريس مدعيا اضطهاد الحكم الإخواني له لأنه من الأقليات، قال لتأكيد مدى معاناته في الغربة إن ابنه اشتاق للملوخية، وذلك للدلالة على وطنية الفتى الذي كان يستطيع أن يكون جزءا من الثقافة الغربية؛ لأنه مولود وفي فمه ملعقة من الذهب، لكنه تمسك بمصريته، فاستبد به الشوق للملوخية!.

ساويرس كان يؤكد أنه وابنه المحروم من الملوخية، يدفعان ثمن موقفه المعارض للحكم الديني، ولم يهتم الحكم الإخواني بإعلان الحقيقة للرأي العام، بما يمثل إضافة للخيبة الثقيلة لهذا الحكم في إدارة المعارك، وترك ساويرس يقوم بدور السياسي المضطهد، وعندما علمنا سبب الأزمة، كان الحكم الاخواني يرتكب خيبة جديدة بإرسال مندوب من الرئاسة لمطار القاهرة ليستقبل نجيب ساويرس في صالة كبار الزوار في أثناء عودته الميمونة، ليعب نجله الملوخية عبا!.

القصة وما فيها أن الأزمة لم تكن بسبب المواقف السياسية لرجل الأعمال المذكور من الحكم الديني، وإضاعة هوية مصر، ولكن لأنه تمت مطالبته بسداد 11 مليار ضرائب مستحقة عليه، وعندما توصلوا معه لتسوية عاد إلى مصر بلد الملوخية!.

ومؤخرا، أصدرت وزيرة في حكومة السيسي بيانا بمناسبة إجازة العيد؛ ولأنها ظنت أنها تنتمي إلى زمن كان الوزير فيه من طبقة النبلاء، ليصبح تواضعها مما يحسب لها، وحياتها الخاصة تمثل اهتماما لدى العامة، فذكرت في بيانها أنها "ست بيت ماهرة"، وأن زوجها يحب "الملوخية بالأرانب".

عندما قالت هذا أيقنت أن المذكورة من زمن ولى، فقد كانت "الموضة" قبل ربع قرن عند استضافة فنان أو فنانة تلفزيونيا ويتم سؤاله عن أكلته المفضلة؟ فقد كانت الإجابة الموحدة هي "الملوخية بالأرانب"، ولأن نفسي كانت تفزع من أكل الأرانب، فقد كنت دائما أسأل عن العظمة في هذا؟!

سلوك الوزيرة، ذكرنا بما فعله الدكتور هشام قنديل عندما اختاره الرئيس محمد مرسي رئيسا للحكومة، وقد نشرت الصحف صوره وهو يتسوق بنفسه ويمشي في الشوارع المحيطة بمنزله بالملابس الرياضية؛ لإثبات التصاقه بالشعب وهو ما كتبت أنتقده، تماما كما قمت بهجاء رئيس الحكومة في عهد المجلس العسكري الدكتور عصام شرف، عندما ذهب ليثبت تواضعه فاصطحب عائلته إلى مطعم "فول وفلافل" ليتناول إفطاره في حضور كاميرات التلفزيون والصحفيين ومصوري الصحف!.

كان رأيي أننا تجاوزنا بالثورة مرحلة الوزير القادم من كوكب المريخ، والإثبات القسري للتواضع يدخل في باب البروباجندا، لاسيما وأن من تم اختيارهم كانوا "غلابة" فعلا، وإنما ما يعنينا الآن هو مدى أهلية الشخص للمنصب، وقدرته على الإنجاز، ومدى انحيازه للثورة.

لا بأس، إن كان ما ذكرته مديرة تحرير جريدة "المساء" من أن السيسي لا ينام سوى ساعتين في اليوم هو على منوال مقال "طشة الملوخية" المحروم منها مبارك، لأنني لا أعتقد أن سهر أي مسؤول الليالي مما يمثل إنجازا عند التقييم، فنحن نريد رئيسا يأخذ كفايته من النوم، ويحصل على إجازته الأسبوعية والسنوية، والإجازات المرضية والاعتيادية، لينجز إنجازا ملموسا، وهو ما نفتقده في قائد الانقلاب، فمن أحبط به عمله، لن يسرع به سهره!.

المهم هنا، أن هذا الإعلان من مديرة تحرير "المساء" يمثل تطاولا على مقام الرئاسة؛ لأنه يدخل في جانب منه لمحاولة "ادعاء القرب"، وإلا فما معنى أن تعرف أن السيسي لا ينام إلا ساعتين في اليوم، وبحسب الصحيفة الأمريكية لا يعرف أحد أين يبيت؟!.. ليبقى السؤال الأهم: أليس من حق المصريين الذين عرفوا أين يقيم عبد الناصر، والسادات، ومبارك، ومرسي، بل وعدلي منصور، أن يعرفوا أين يقيم السيسي، حتى لا تطفو على سطح الذاكرة أغنية العندليب: "وحبيبة قلبك يا ولدي ليس لها عنوان"؟!

إخفاء مكان إقامة السيسي هو بسبب الهاجس الأمني، وقد ذكرت الصحيفة الأمريكية أن المصريين يقولون إن السيسي تعرض لمحاولتي اغتيال، وفي الواقع أن المصريين لم يقولوا هذا، ولكن السيسي هو ما أعلنه بنفسه عندما ترشح رئيسا، وتركنا حيارى لا نعرف الجهة التي كانت تقف وراء محاولة اغتياله، وهل أصيب أم إن "العين أصابته ورب العرش نجاه"، وهل تم القبض على الجناة، أم إنهم لاذوا بالفرار!.

هذا الخوف لا يبدده أن يعود السيسي لفيلم "ركوب الدراجات"، والإعلان عن أنه استغل الهدوء بسبب مباراة كرة القدم بين الأهلي والزمالك وسار في شوارع مصر الجديدة، للتأكيد أن شعبيته الجارفة وراء شعوره بالأمان، لدرجة الخروج للشارع، فكلنا نعلم أن هذا عمل من أعمال الدراما الهندية!.

وما نعلمه أيضا أن الرجل على يقين من أن شعبيته لا تؤهله للشعور بالأمن، أو الإحساس بأنه نتاج إرادة المصريين؛ لذا فإنه يدير نظامه بالقبضة الحديدية، ويزعج النظام أن يشير طفل بعلامة رابعة، أو أن يكتب كاتب مقالا ضد سياساته!

لقد شاهده العالم، في زيارته لرجال الجيش بسيناء، وكيف أن حراسه غير معروفي الهوية يصوبون فوهات بنادقهم في اتجاههم، في مشهد غير مسبوق، ولم يحدث من الرئيس المدني الدكتور محمد مرسي الذي لا ينتمي للمؤسسة العسكرية.

إنه الخوف يحكم مصر. 

[email protected]





التعليقات (14)
احمد
الجمعة، 23-08-2019 01:33 م
اول حاكم مصري : مجهول الهوية - ومجهول الاقامة - ومجهول الجنسية - ومجهول الانتماء - ومجهول العقيدة (نراه يحلف ويقسم بالله بالكذب)
محمود مختار العدوى
الأحد، 27-11-2016 01:11 ص
ادة وفخامة الرئيس"عبدالفتاح السيسى" انا محمود مختار العدوى 17 سنه من اسيوط مركز منفلوط رحت عشان اتطوع فى الجيش بتع بلدى مكبلنشي هوه انا ناقص ايه عشان مختنشي حد ممكن يسعدني اخش الجيش بتع بلدى مين 01063451017
رايس التربيه والتعليم
الجمعة، 06-05-2016 05:02 م
نريدامتحان واحد فى كل يوم
احمد العبدالله
السبت، 08-08-2015 09:12 ص
يا استاذ سليم والله لو كان هذا السيسي(ومعنى السيسي بلغة العرب النغل هجين من الحيوانات ابوه حمار وامه فرس) الخائب عادل لنام ليله الطويل وقيلولته وهو امن فماذا قال اليهودي لعمر عندما وجده نائما تحت الشجره عدلت فأمنت فنمت
Abdelmoniem Shaibon
الثلاثاء، 04-08-2015 02:35 ص
هل أصبح الانقلاب معاديا للاستقرار؟لا يختلف اثنان على أن الاستقرار هو الهدف الأكثر إلحاحا لأي انقلاب، وأن الانقلابات مستعدة لدفع ثمن الاستقرار مهما كان باهظا، حتى لو تنازلت عن جزء من سيادتها الوطنية. هل هذه دعو من قناة الجزيرة لمذيد من الانقلابات العسكرية ؟ أي انقلابات عسكرية دفعت ثمنا لإستقرار شعوبها؟ وأي فكر تم تلقينه للعسكر لتقود شعوبها نحو الحرية والتنمية والسؤدد أهو بالبندقية أم بالقلم؟ إن الإنقلاب العسكري لا يتم إلا نتيجة للتحرش على الشعوب بشتى الوسائل الدنيئة بل هو خنجر مسموم من صنع الإستعمار العالمي أردى بالشعوب الى أسفل سافلين! إلى هجرة متعلميها حتى أصبحت طرحا للإبادة بالفقر والمرض والجوع وتلقي الإعانات والحروب الأهلية التي تدمر بنيتهم التحتية بل تقتلهم في الخيام والأمم المتحدة أصبحت مهمتها إحصاء الوفيات من الأطفال ودفن مستقبل الشعوب! ن الإنقلبات العسكرية كارثة على الإستقرار تسلب الشعوب إرادتها وإسقلالها فهي أسوأ أنواع التسلط والإستبداد بالرأي ولكنها تخنع للقوى العظمى وتلبي شروطها طائعة كم هي خائنة لشعوبهاوخانقة وقاتلة لذوي الرأي والعلم بل سجونها مفتوحة للأبرياء والسؤال يظل حائرا ثلاثين وأربعين سنة وهلم جرا والشعوب تقاد كالنعاج نهبا للذئاب ويبقى السؤال الحائر أيان مرساها

خبر عاجل