ملفات وتقارير

ما حقيقة موقف خامنئي من اتفاق النووي؟

تناقض بين تصريحات خامنئي العلنية والسرية - أ ف ب
تناقض بين تصريحات خامنئي العلنية والسرية - أ ف ب
"كلام الليل يمحوه النهار"، هذا ما خلص إليه الباحث الإيراني في معهد واشنطن، مهدي خجلي، حول التضارب والتناقض في تصريحات المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، بخصوص موقفه من الاتفاق النووي، وبالتحديد من مسألة تفتيش المنشآت العسكرية.

فخلافا لتصريحات خامنئي الشهيرة في 20 أيار/ مايو الجاري، التي أكد فيها أن "بلاده لن تسمح بتفتيش منشآتها العسكرية من قبل أجانب"، فقد كشف كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي في جلسة استجواب في البرلمان السبت الماضي، أنه حصل على ضوء أخضر بالموافقة على "البروتوكول الإضافي"، والذي يقضي بتفتيش المنشآت النووية، والمنشآت العسكرية في إيران.

وقال خلجي، إنه "في 23 أيار/ مايو، استجوب أعضاء البرلمان الإيراني وزير الخارجية محمد جواد ظريف ونائبه عباس عراقجي، وتسربت تصريحات من الجلسة أشارت إلى أن ما قاله المرشد الأعلى علي خامنئي بصورة علنية حول المحادثات النووية الجارية مع مجموعة (دول الخمسة زائد واحد) قد تختلف عن التعليمات السرية التي يعطيها للمفاوضين الإيرانيين".

 ووفقا لموقع (https://www.rasaee.ir) الذي يديره النائب حميد رسايي - من أشد منتقدي الفريق المفاوض، قال عراقجي إن الفريق المفاوض سيوافق على الإجراءات المعززة المطلوبة للتحقق والتثبت بموجب "البروتوكول الإضافي" لـ (الوكالة الدولية للطاقة الذرية)، من بينها تفتيش المنشآت العسكرية الايرانية - "شريطة أن لا يتم استغلال هذه السلطة من قبل عملاء أجانب".

 وقال عراقجي للمجلس إنه "منذ بداية المفاوضات في مسقط، تم تخويلنا بقبول (البروتوكول الإضافي) والمضي قدما في المفاوضات"، ما يعني ضمنا وإلى حد كبير أن خامنئي هو الذي منح التخويل لذلك.

ويبدو أن اعتراض النواب مهما اتسع، فإنه لن يغير من حقيقة الأمر شيئا، بعد موافقة خامنئي.

فعندما احتج النواب، أشار عراقجي إلى أنه "من حق المجلس أن يرفض الموافقة على (البروتوكول الإضافي)"، لكنه يعني أيضا أن ذلك لن يغيّر شيئا يذكر بالنسبة للمفاوضين لأنه كان قد تم تخويلهم بالفعل لقبوله.

وسرّب الموقع هذه التصريحات بعد أن رفض عراقجي ادعاءات أخرى لأعضاء البرلمان بأن الفريق المفاوض سيوافق على وصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى المنشآت العسكرية.

وقال خلجي إنه وعلى الرغم من إنكار عراقجي لهذه الادعاءات، فإن تسريب رسايي يُظهر ظريف وهو يقول: "حتى إن خطة العمل المشتركة التي تم التوصل إليها في جنيف تشير إلى البروتوكول الإضافي، ويجب أن يتم السماح بالوصول إلى المنشآت غير النووية بما فيها المنشآت العسكرية بموجب البروتوكول الإضافي".

وأضاف الباحث الإيراني أنه "من الصعب التوفيق بين هذا الموقف والتصريحات العلنية المتكررة التي أدلى بها خامنئي بأن تفتيش المنشآت العسكرية هو خط أحمر بالنسبة للجمهورية الإسلامية".

استجواب العلماء الإيرانيين

"لن نذعن قط للضغط... لن نقبل بمطالب غير معقولة... إيران لن تسمح بالوصول إلى علمائها"، هذا ما صرح به خامنئي الأسبوع الفائت، للتلفزيون الرسمي الإيراني، وهذا الأمر فنده وأقر بخلافه وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف.

ففي أحدث تصريحات ظريف العلنية قال: "وكالة أنباء الطلبة الإيرانية" في 25 أيار/ مايو الجاري، إن المقابلات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية مع العلماء النوويين الإيرانيين ليس لها علاقة مع جوهر المفاوضات: "هذه قضية هامشية... حتى في ظل الحكومة السابقة (محمود أحمدي نجاد)، فقد أُجريتْ عدة مرات مقابلات مع علمائنا النوويين من قبل وكلاء الوكالة النووية للطاقة الذرية".

وقال خلجي إن تصريحات ظريف تشير إلى أنه "تم تجاوز هذا الخط الأحمر في الماضي وأنه لا يُعتبر أمراً مهماً. ونظراً للسيطرة الواسعة للمرشد الأعلى على صنع القرار الإيراني، فمن المستبعد جداً أن يعبّر ظريف أو غيره من المسؤولين عن هذه الآراء إذا لم يلتزم خامنئي نفسه بها وراء الأبواب المغلقة".

وفي ختام ورقته  البحثية، قال الباحث الإيراني: "يبدو أن هناك اختلافات كبيرة بين التصريحات العلنية التحريضية التي أدلى بها خامنئي بشأن المحادثات النووية والتعليمات والإرشادات الأكثر عملية ومرونة التي يعطيها على ما يبدو للمسؤولين الايرانيين وراء الكواليس".

وخلص خلجي إلى أن القراءة المتفائلة لهذه الفجوة هي أن اتفاقا قابلا للتطبيق قد يكون ممكنا وأنه من الممكن إلى حد كبير تجاهل الخطوط الحمراء المعلنة من قبل خامنئي. وفي الوقت نفسه، فإن عدم رغبة خامنئي في الاعتراف علنا بالتنازلات التي يوافق عليها وراء الكواليس لا تُعتبر أمراً مشجعاً.

"وكما جرت العادة، لا يريد المرشد الأعلى اتخاذ أي موقف حازم من شأنه أن يجعله مسؤولاً عن نتائج المفاوضات أو الاتفاق الناتج".

وتوصلت الدول الست الكبرى وإيران في الثاني من نيسان/ أبريل الماضي إلى اتفاق إطار بشأن الملف النووي بعد مفاوضات في مدينة لوزان السويسرية، ستخفض بموجبه طهران من قدرتها على تخصيب اليورانيوم مقابل رفع العقوبات تدريجيا.

ويقيد اتفاق لوزان أنشطة إيران النووية التي ستسخر للاستعمالات المتعلقة بالأغراض السلمية فقط، وهو اتفاق وصف بالتاريخي ويمهد الطريق للتوصل إلى اتفاق نهائي في نهاية شهر حزيران/ يونيو برعاية مجلس الأمن.
التعليقات (0)