ملفات وتقارير

الأمم المتحدة تقلص مساعداتها للاجئين السوريين في مصر

كان برنامج الغذاء العالمي يقدم مساعدات للاجئين السوريين في مصر - أرشيفية
كان برنامج الغذاء العالمي يقدم مساعدات للاجئين السوريين في مصر - أرشيفية
سادت حالة من الغضب والتذمر عند عدد من السوريين اللاجئين في مصر؛ نتيجة استبعادهم من قوائم المستفيدين من الكوبونات الغذائية التي توزع السوريين المتواجدين فيها، والمقدمة من برنامج الغذاء العالمي، بالتعاون مع مفوضية اللاجئين، بحجة عدم استحقاقهم للمساعدات المقدمة، وعدم تصنيفهم من العائلات الأكثر احتياجا.

وكانت المفوضية العامة للأمم المتحدة في الأشهر الأخيرة قد قامت بعدد من الجولات الميدانية واستدعت عددا كبيرا من السوريين لإعادة تقييم أوضاعهم، وفقا لمعايير جديدة حددتها بحسب كثير من السوريين، اعتمدت أولى هذه المعايير على مكان السكن، فاستبعدت العائلات التي تسكن في مناطق راقية أو متوسطة، بينما اقتصر الدعم على العائلات المتواجدة في المناطق الفقيرة، كما استثنت الشباب فوق سن 18 المتواجدين وحدهم في مصر، والمسجلين في الأمم المتحدة بحجة أنهم قادرون على إعالة أنفسهم، فضلا عن العائلات التي يتواجد فيها رجل معيل، بالإضافة إلى كبار السن، والسيدات ممن هن بلا معيل.

يقيم محمد العمر سوري في الاسكندرية منذ قرابة الثلاثة أعوام، يقول لـ "عربي21" إنه صدم عندما وصلته رسالة على هاتفه المحمول مفادها أنه استبعد من المساعدات.

ويضيف: على الرغم من ضآله المساعدات التي خفضت مؤخراً الى 120 جنيها، بدلا من 200 جنيها فيما مضى، إلا أنها كانت جيدة بالنسبة للوضع الذي نحن فيه. "بحصة بتسند جرة يعني"، قالها بالتعبير العامي، معبرا عن سوء وضعهم الاقتصادي في مصر، بسبب انخفاض الأجور، والارتفاع المستمر في أسعار المواد التموينية بشكل عام، نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر فيها البلاد.

وتوقع محمد أن السبب الكامن وراء استبعاده من البرنامج أنه باح للجنة التي زارته في منزله بأنه يعمل في أحد المطاعم السورية بمرتب يقارب 250 دولارا، وهو ما اعتبرته اللجنه مرتبا جيدا في مصر، ولكنها تجاهلت أن حوالي نصف المرتب يذهب كإيجار للمنزل الذي يقطنه مع زوجته وأطفاله الثلاثة، ومتناسية الحاجات التي يتطلبها هؤلاء الأطفال.

أما الحاج الستيني أبو عصام فيقطن في أحد أحياء مدينة الاسكندرية برفقة زوجته، منذ حوالي عام ونصف العام، واعتمد في تأمين قوته على مشروع صغير أسسه مع زوجته، وهو عبارة عن مطبخ سوري يلبي الطلبات الجاهزة، ومقره المنزل ذاته الذي يقطن فيه. ويعتمد على منظمة الأمم المتحدة في تأمين ثمن الأدوية التي يحتاجها، فهو يعاني من مرض القلب، وقد أصابته الجلطة منذ مدة، وأثرت هذه الأمراض على صحته بشكل كبير.

 لكن أبو عصام فوجئ هو الآخر باستبعاده من البرنامج عند توجهه لاستلام الكوبونات، ليجادل الموظف طويلا بأحقيته في الاستفادة لكبر سنه، وانعدام المعيل، فهو لم ينجب أولادا، لكن دون جدوى، ليتوجه إلى مقر الأمم المتحدة الرئيسي لتقديم شكوى بالأمر، إلا أن المفوضية رفضت استقباله بحجة أن لا علاقة لها بالموضوع، مرجعة الأمر إلى برنامج الغذاء العالمي الذي أوضح بدوره على صفحته أن كافة من تم استبعادهم اتخذ قرارهم من قبل المفوضية!

 وأرجع أبو عصام استبعاده من قائمة المستفيدين من الكوبونات الغذائية إلى موقع المنزل الذي يقطنه في الاسكندرية، والذي اعتبرته الأمم المتحدة من المناطق الراقية، دون أخذها بالاعتبار أن الرجل على وشك الانتقال إلى منطقة العجمي الشعبية لتخفيف حمل الإيجار.

بينما تستنكر عائشة ماحلّ بها وأولادها الثلاثة، وتصرخ قائلة بوجه موظف التوزيع في القاعة التي أفرغت لذلك قائلة: "وزوجة الشهيد كمان هي من الناس اللي ما بيستحقوا؟!" مشيرة إلى أنها من الحالات التي لها أولوية في التوزيع.

كذلك الأمر بالنسبة لعدنان، وهو طالب في كلية الهندسة في جامعة الاسكندرية، تم استبعاده بحجة أنه قادر على إعالة نفسه، بينما يضطر عدنان لأن يعمل يوميا في مطعم سوري لمدة 12 ساعة، ليقضي باقي يومه في الجامعة، ولا ينام إلا بضع ساعات متقطعة ليؤمن تكاليف دراسته.

جاءت هذه الحالات بعد قطع المفوضية منذ ما يقارب العام الإعانات المالية التي كانت تقدمها للعائلات السورية، إضافة إلى إلغائها الخدمات الصحية التي كانت تقدمها للاجئين، وحصرها بمراكز طبية حكومية لا ترقى لمستوى النظافة، ولا تتواجد كافة الاختصاصات فيها، فيما أعلنت في الأيام الأخيرة أنها لن تكون مسؤولة عن أي خدمات صحية تقدم للأطفال من عمر يوم حتى خمس سنين، بما فيها حليب الأطفال، والعمليات الجراحية، ما يشير إلى تغير واضح في الخدمات التي تقدمها، وهذا ما أثار غضب اللاجئين السوريين عليها، لا سيما أنها تتبرأ من كل هذه القرارات، وتعلن أن لا علاقة لها بها، مع أنها المخولة رسميا بالبت في أمور الرواتب المالية، والإعانات الغذائية، والمدرسية، والصحية.

كل ذلك بات يدفع السوريين للجوء إلى طرق أخرى للبحث عن حياة أفضل من مصر، وكان طريق البحر هو السبيل الوحيد المفتوح أمامهم، غير آبهين بحالات الغرق التي تم الإعلان عنها مؤخرا.

ومن الجدير ذكره أن هذه الخطوة جاءت بعد قطع المساعدات الغذائية عن اللاجئين السوريين المتواجدين في الأردن، بينما يحرم أغلب اللاجئين في لبنان من الاستفادة منها رغم تردي أوضاع غالبيتهم، فيما أعلن برنامج الغذاء العالمي في الأيام الأخيرة عن عزمه قطع المساعدات الغذائية عما يقارب 400 ألف سوري في الأشهر القليلة القادمة، لتعاد حكاية كل اللاجئين في العصر الحديث، فبعد مساعدات محدودة يتم تقليصها رويدا رويدا لتصل إلى العدم، ولتكتمل مأساة السوريين بعد مغادرة بلادهم.
التعليقات (3)
محمد سمير محمد بشير
السبت، 26-12-2015 10:14 م
شكوى عائلة من ستة اشخاص نقيم في الحي السادس مدخل الشباب تم استبعادنا من ستة شهور وقدمنا عدة شكاوى للمفوضية ولم يتم الرد علينا وقد علمنا ام هناك عائلات كثيرةرجعت الهن البطاقة الغذائية نرجو منكم النظر في امورنا
ام وائل
السبت، 20-06-2015 07:19 م
والله اكبر مفاجئه صدمتني بقدوم شهر رمضان وصول رساله من المفوضيه انو استبعدونا من الساعدات الغذائيه رغم انورمضان مصاريفواكترمن الاشهر الاخر ومع العلم انو زوجي عندو إيعاقه برجلو وقدم للمفوضيه تقارير طبي وليس لديه عمل وعندي ثلاث اطفال واصغر طفل يحتاج للحليب والحفاضات ونسكن في منطقه فقيره شو بدن اسوء من هيك ظروف لحتى يقدمولن مساعدات حسبي الله ونعم الوكيل
ديب شاهين
الأربعاء، 27-05-2015 06:30 م
حسبي الله ونعم الوكيل