ملفات وتقارير

شروط إيران على حماس وأزمة مشعل.. هل يرى التقارب النور؟

هاجم الإعلام الإيراني مشعل مؤخرًا واتهمه بعرقلة التصالح بعد رفضه شروط الجمهورية - أ ف ب
هاجم الإعلام الإيراني مشعل مؤخرًا واتهمه بعرقلة التصالح بعد رفضه شروط الجمهورية - أ ف ب
على عكس ما كان متوقعا من تقارب للجمهورية الإيرانية مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، يبدو أن العلاقة لم تتقدم، بل إنها ربما ازدادت سوءا، ويظهر أن تفاؤل "شكرًا إيران" التي قالها المتحدث باسم كتائب القسام في غزة نهاية العام الماضي، "لإبداء النية الحسنة" بحسب مراقبين، اصطدمت بتشاؤم "لا" على الشروط الإيرانية من قبل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الدوحة.

وكشف الهجوم الأخير من الإعلام الإيراني وإعلام حزب الله اللبناني على حركة حماس عمومًا وعلى مشعل خصوصًا عن عمق الخلاف، حيث قال موقع "تابناك" المقرب من الحرس الثوري إن "خالد مشعل وقيادات حماس وقفوا واصطفوا إلى جانب الإرهابيين الدوليين في سوريا، بينما نراهم الآن يضعون الشروط لعودة العلاقات بين حماس وإيران، وكأن إيران ليست لديها أي شروط!".

بينما قالت صحيفة الأخبار اللبنانية المقربة من حزب الله إن حركة حماس "تواجه حاليا صعوبات داخلية في إتمام عودتها إلى محور المقاومة، خصوصا من أنصارها الموجودين في سوريا، إضافة إلى التيار السلفي في غزة".

الشروط الإيرانية على حماس وزيارة مشعل لطهران

وفي السياق ذاته، علمت "عربي21" من مصادر مقربة من المكتب السياسي للحركة، أن إيران اشترطت على الحركة أن يكون هناك "حلف استراتيجي" معها من خلال انضمامها لما يعرف بـ"حلف المقاومة" (إيران، سوريا، حزب الله).

وأكدت المصادر أن إيران طلبت من حماس موقفاً واضحاً معلنا "مرضياً لها" تجاه الأزمة السورية، خلافاً لموقف حماس المعلن المنحاز لـ"تطلعات وآمال الشعب السوري"، حسب بيانها في نيسان/ إبريل 2011.

واشترطت إيران لإعادة ترميم العلاقة، زيارة خالد مشعل إلى طهران، وتنسيقها لجدول الزيارة، رافضة أن يتم الاتفاق على مضمون وشكل الزيارة مسبقاً. وظهر هذا أيضاً في تعليق رئيس مجلس الشورى الإيراني للشؤون الدولية، حسين شيخ الإسلام، على احتمالية زيارة مشعل لطهران بقوله: "في ثقافتنا.. من العيب أن يشترط الضيف أين سيجلس أو أين سيذهب".

وكان منحنى العلاقة بين حماس وإيران بدأ بالهبوط نحو الفتور منذ انطلاق الثورة السورية،حيث ضغطت إيران على الحركة للوقوف إلى جانب الرئيس السوري ضد انتفاضة شعبه، إلا أن موقف حماس حينها هو "دعم خيارات الشعوب"، ما تسبب بتخفيض الدعم الإيراني إلى حد القطيعة.

تأكيد على المواقف

من جهته أكد القيادي في حركة حماس في غزة، مشير المصري، أن أي تقارب للحركة مع أي دولة لن يكون على حساب المبادئ التي تمسكت بها الحركة.

وقال المصري في حديثه لـ"عربي21"، إن مدى قرب الحركة من أي طرف خارجي، مرتبط بمدى قربه من القضية الفلسطينية، مؤكداً حرص حماس على أن "تتحمل كل دولة مسؤوليتها تجاه فلسطين".
 
محاولة لشق الصف وتصدير أزمة

ورأى العديد من المراقبين أن إيران تسعى إلى شق الصف الداخلي لحماس، من خلال محاولتها دعم قيادات غزة، والهجوم في الوقت نفسه على مشعل، محملة إياه مسؤولية فشل التقارب مع إيران وتوقف الدعم.

وقال عميد كلية الآداب والإعلام في جامعة الأمة في قطاع غزة عدنان أبو عامر، إن محاولة العبث في التركيبة التنظيمية لحماس بين الداخل والخارج، وبين الساسة والعسكر قد سبق تجريبه من دول إقليمية عربية وأطراف فلسطينية داخلية، وكل هذه المحاولات باءت بالفشل، وحافظت حماس على تماسكها التنظيمي.

وأوضح الكاتب والمحلل الفلسطيني أن قرار عودة العلاقات بين حماس وايران اتخذته أعلى المستويات السياسية والعسكرية في حماس، في رغبة لتجديد أواصر العلاقات الإقليمية والانفتاح على كل الحلفاء والأصدقاء، بما فيه مصلحة المقاومة من الناحية العسكرية والمالية.

وأكد أبو عامر أن إعادة ترتيب العلاقة كما تقول حماس، يجب أن يمر بالطرق التنظيمية المتعارف عليها، (وأْتوا البيوت من أبوابها)، وطالما أن هناك اتفاقا في حماس، سياسيا وعسكريا، يقضي باحترام المؤسسة التنظيمية والقرار المتخذ في الحركة، بأن صاحب القرار الأول في الحركة هو "المكتب السياسي"، ورأسها خالد مشعل، ويجب أن يمر أي قرار في تجديد العلاقة مع أي طرف إقليمي عبر هذه البوابة، فإن ما عدا ذلك يمر في دائرة الأمنيات والرغبات لهذه الدولة أو تلك بما فيها إيران.

وأشار أبو عامر إلى أن محاولة استهداف مشعل شخصياً، تأتي من باب التورية، أو الاستعاضة عن مهاجمة حماس كتنظيم وحركة، ومن باب اتهام مشعل في القواعد التنظيمية والجناح العسكري بأنه المتسبب في وقوف الدعم الإيراني، وهذا ما يسميه أبو عامر "تصدير أزمة إيرانية إلى حماس". بدلا من أن تعلن أنها تريد فرض شروط على حماس، تقول إن سبب عدم التقارب هو خالد مشعل، وأن تظهر أن هناك انشقاقا في الصف الداخلي لحماس، وحيل الاتهامات إلى الصف الداخلي، باتهام مشعل بأنه يعرقل  التقارب".
 
لا عودة قريبة

وأكد أبو عامر أنه من الواضح أن هذه الحملة الإعلامية القاسية على مشعل لن تذهب آثارها بين ليلة وضحاها وإنما قد تستغرق بعضًا من الوقت، وبالتالي فإنه يمكن الحديث عن تأجيل التقارب الحقيقي والجاد إلى أجل غير مسمى، إلى أن توقف إيران هذه الحملة من إعلامها وإعلام حزب الله ضد مشعل والتعامل مع حماس كحركة تنظيمية واحدة، دون محاولة استقطاب التيارات.

ويرى العديد من المراقبين أن إيران لا تعطي القضية الفلسطينية أولوية في الفترة الحالية، بعد انشغالها في اليمن وسوريا والعراق، كما أن وضعها الاقتصادي لن يسمح لها بتقديم الدعم المتوقع منها، إضافة إلى أنها حريصة على علاقتها مع نظام عبد الفتاح السيسي في مصر المعادي لحركة حماس، والداعم لبقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد.
التعليقات (0)