صحافة دولية

ديلي بيست: هل قتلت إيران المدعي الأرجنتيني نسمان؟

ديلي بيست: مقتل نسمان سيشغل المهتمين بالمؤامرات لسنوات طويلة - أرشيفية
ديلي بيست: مقتل نسمان سيشغل المهتمين بالمؤامرات لسنوات طويلة - أرشيفية
نشر موقع "ديلي بيست" مقالا لكروستوفر ديكي، يتساءل فيه عما إذا كان ألبيرتو نسمان قد تمت تصفيته من إيران قبل أن يقدم شهادته أمام البرلمان الأرجنتيني، حول تفجير المركز اليهودي في بيونس آيرس عام 1994، الذي ذهب ضحيته 85 شخصا وجرح فيه المئات.

ويذكر ديكي أن نسمان كان يعتقد بأن إيران كانت خلف التفجير، وذكر حديثا أن الحكومة الأرجنتينية كانت تحاول منعه من إثبات ذلك. ووجدت جثة نسمان ليلة الأحد في شقته، وفي رأسه جرح رصاصة، قبل موعد إدلائه بشهادته بساعات أمام اللجنة البرلمانية.

ويبين الموقع أن ما نشرته الشرطة من معلومات إلى الآن يشير إلى انتحاره، ولكن تاريخ العمليات الإيرانية في الخارج يؤكد شيئا آخر. 

ويجد التقرير أن إيران تعيد العالم إلى ما كانت عليه الحال قبل عشرين أو ثلاثين عاما، عندما كانت تقوم بشن حرب على مستوى العالم ضد أعداء الجمهورية الإسلامية، بالتعاون مع حزب الله التابع لها، عن طريق نشر فرق موت تأتي بعد الإسرائيليين مباشرة في إتقان الاغتيالات.

وبحسب البيان الرسمي حول وفاة نسمان، الصادر من وزارة الأمن القومي الأرجنتينية، فإن جثة نسمان اكتشفت ليل الأحد في شقته الموجودة في الطابق الـ13 من برج لي بارك في منطقة بويرتو ماديرو في بيونس آيرس. وكان قد تم تكليف عشرة رجال شرطة للقيام بحراسته، ولكن لا يبدو أنه قد تم نشرهم خلال وجوده في بيته، بحسب الموقع.

ويستدرك الكاتب بأن أحد أعضاء الفريق اتصل عصر الأحد ليخبر سكرتير نسمان بأنه لا يجيب على تلفونه، وعندما أخبروه بأنه لا يجيب على جرس بابه أيضا، وأن صحيفة الأحد لا تزال على الباب، قرر الاتصال بعائلته، وأخذ أمه معهم إلى الشقة، ووجدوا أنها مغلقة من الداخل، فاتصلوا بمسؤولي البناية، الذين استدعوا خبير أقفال، ففتح لهم الباب، ودخلت أم نسمان مع أحد الحراس إلى الشقة، ووجدا جثته في الحمام، حيث كان جسده يغلق الباب عندما حاولا فتحه، فقاما باستدعاء شرطة التحقيقات مباشرة، ودخلوا الحمام محاولين قدر الإمكان عدم تحريك الجثة.

ويشير التقرير إلى أن جسد نسمان كان على الأرض، وبجانبه مسدس عيار "0.22" ورصاصة فارغة، ولم يذكر البيان الرسمي بشكل واضح أن نسمان مات بسبب جرح رصاصة في الرأس، ولكن تم نشر هذه المعلومات في الصحف، كما أنه تم نشر تفاصيل وثائق الأدلة التي كان سيدلي بها في البرلمان.

ويتساءل ديكي: كيف كان بإمكان قاتل أن ينفذ جريمته بحيث تبدو عملية انتحار؟ ويجد أن هذا الموضوع سيشغل المهتمين بالمؤامرات لسنوات طويلة، كما كان التحقيق في تفجيرات المركز اليهودي نفسه، الذي لم ينتج عنه توجيه تهمة لأحد، وهو ما أسماه الرئيس الراحل نستور كيرتشنر عام 2005 "عارا وطنيا"، كما أن مطران بيونس آيرس الكاردينال جورج ماريو برغوغليو، الذي يشغل منصب البابا فرانسيس، كان قد وقع على عريضة قبل عشر سنوات تطالب بالعدالة.

ويوضح التقرير أن نسمان ركز أخيرا على تورط إيران مباشرة، حيث إنه اتهم إيران بالتخطيط والتمويل، ورجال حزب الله بالتنفيذ. ولكن هذه الفرضية ليست مقبولة لدى الجميع، فحتى المحققون الأمريكيون لا يتفقون معه، حيث إن العميل السابق للمكتب الفيدرالي للتحقيقات، جيمس برنازاني، قال لـ"نيويورك تايمز" عام 2009: "إنه تم استخدام ريشة عريضة في توجيه أصابع الاتهام"، وقاد برنازاني تحقيقات الولايات المتحدة في أعمال حزب الله في التسعينيات.

ويؤكد برنازاني، بينما هو مقتنع بأن حزب الله يقف وراء التفجيرات، أنهم "لم يجدوا أي أدلة تشير إلى موافقة إيرانية"، بحسب الموقع.

ويجد الكاتب أنه في عالم الاستخبارات، الذي يختلف عن عالم قضاء الجنايات، لم تكن هناك إلا شكوك بسيطة بتورط إيران في تفجير المركز اليهودي عام 1994، وكذلك السيارة المفخخة التي فجرت خارج السفارة الإسرائيلية، وتسببت بمقتل 28 شخصا عام 1992.

ويفيد التقرير بأن الإسرائيليين كانوا وقتها يقتلون قيادات حزب الله "نواب إيران في لبنان"، وإيران وحزب الله كانا يردان إن تمكّنا من ذلك. وبحسب مسؤول كبير في المخابرات الإسرائيلية خلال تلك الفترة، فإنها "لعبة قائمة وتقوم على قواعد الكتاب المقدس"، يعني العين بالعين. وأضاف أنها "تصل إلى نقطة توازن الرعب، بحيث يعرف كل من الطرفين ما هو المتوقع".

ويضيف الكاتب أن الإيرانيين استهدفوا بروح انتقامية أي شخصيات معارضة اعتقدوا بأنها تشكل خطرا. ففي عام 1991 وبعد محاولة سابقة فاشلة نجحوا في الوصول إلى شاهبور بختيار، آخر رئيس وزراء في عهد الشاه، وظن أنهم أصدقاء، وتم تفتيشهم من الشرطة على الباب، وقتلوه بسكين من مطبخه، وقد تم ذكر اسم الشقيق الأصغر لهاشمي رفسنجاني، الذي كان رئيسا وقتها، على أنه مشتبه بضلوعه في الاغتيال.

ويلفت الموقع إلى أنه بحسب دراسة فرنسية، فقد قامت إيران وحزب الله بتصفية 18 معارضا لإيران في أوروبا في الفترة ما بين 1987 و1993، كما أن الـ"سي آي إيه" قدر أن الحزب قام بـ 200 هجمة من 1989 وحتى 1996، متسببا بمقتل المئات.

ويرى ديكي أنه واضح أن إيران قررت في أواخر التسعينيات التخفيف من تلك الأعمال، خاصة أنها بدأت تتسبب لها بضغوط دولية كبيرة. فمن مقتل معارض كردي في ألمانيا إلى تفجير المركز اليهودي في بيونس آيرس، وتفجير أبراج الخبر في السعودية، التي قتل فيها 19 أمريكيا عام 1995، كانت أصابع المخابرات تشير إلى إيران.

ويورد التقرير أن عماد مغنية، الذي ينظر إليه بأنه العقل المدبر وراء الكثير من الهجمات، ابتداء من الهجوم على بناية المارينز في بيروت عام 1983، تم اغتياله بانفجار قنبلة في دمشق عام 2008. ولكن حزب الله نجح في حربه التي استنزفت القوات الإسرائيلية المحتلة، واضطرها للانسحاب عام 2000 بعد عقود من الاحتلال.

ويظهر "ديلي بيست" أنه منذ ذلك الحين، بقيت حالة المواجهة المضبوطة قائمة بين الحزب وإسرائيل حتى عام 2006، حيث قاتل الحزب بشراسة حتى أوقف تقدم جيش الاحتلال الإسرائيلي، وخلال العامين الماضيين نشر الحزب قواته في سوريا، ليقاتل إلى جانب النظام ضد الثورة التي يقودها السنة.

أما إيران،فتحاول أن تظهر بمظهر العضو المسؤول في مجتمع الدول، من خلال التفاوض مع أمريكا والأوروبيين حول مستقبل برنامجها النووي، بحسب الموقع.

ويستدرك الكاتب بأن هناك إشارات في الأيام الأخيرة إلى أن الإيرانيين عادوا إلى لعبتهم القديمة قدم الكتاب المقدس، وقد صرح حسن نصر الله الأسبوع الماضي بأن الحزب مسلح جيدا، وبإمكانه ضرب أي مكان في إسرائيل وأنه جاهز لأي حرب مستقبلية. 

ويشير التقرير إلى أن القوات الإسرائيلية قتلت يوم الأحد جهاد مغنية، وعددا من ضباط حزب الله، الذين كانوا يعملون في الجولان.

ويختم ديكي تقريره بالتساؤل: هل كان ألبيرتو نسمان ضحية لهذه الحرب الطويلة من الاغتيالات؟ أم أنه ولأسباب لن نعرفها قرر إنهاء حياته؟ مؤكدا أن التحقيق سيستمر ما لم يوقفه أحد.
التعليقات (0)