صحافة إسرائيلية

خبراء عسكريون إسرائيليون: عملية الجولان لعب بالنّار

هل تستمر إسرائيل بضرب حزب الله دون الخوف من أي رد؟ ـ "هآرتس"
هل تستمر إسرائيل بضرب حزب الله دون الخوف من أي رد؟ ـ "هآرتس"
تركزت أطروحات الصحافة الإسرائيلية الصادرة الاثنين، على العملية المنسوبة لجيش الاحتلال الإسرائيلي التي تمّ فيها تصفية قادة بارزين من حزب الله اللبناني والحرس الثوري الإيراني.

وحذر محللون إسرائيليون من مغبة الحادثة التي سيكون لها ما بعدها، من حرب محتملة ليس لإسرائيل فيها ناقة ولا جمل، فيما احتفى آخرون بإنجاز استخباري مذهل خلص إسرائيل من قادة فاعلين يشكلون خطرا كبيرا عليها.

وأكد الخبير العسكري لصحيفة "يديعوت" أليكس فيشمان، أنّ القرار الإسرائيلي بالهجوم الأخير على الجولان الذي استهدف قيادات بحزب الله ما هو إلا "لعب بالنار"؛ لأن حزب الله قد لا يلتزم بسيناريو رد الفعل المعتدل الذي تتوقعه إسرائيل منذ البداية.

ووصف فيشمان بافتتاحية يديعوت الاثنين، ما جرى بأنه "عبارة عن إلقاء عود ثقاب في برميل بارود، بانتظار الانفجار المحتمل".

وأضاف أن هذه مناورة خطيرة في الكيمياء العملية التي تنفذ عشية الاختبار النهائي، فالانتخابات في إسرائيل على الأبواب. في حين تقوم مروحية وصاروخان بتصفية مجموعة نشطاء إرهاب لبنانيين وإيرانيين في الجولان السوري، والآن يسود تحفظ: هل سيرد حزب الله أم سيتجلد؟ 

المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل، قال إن القرار الاسرائيلي مفاجئ حيث لم يتم التطرق إلى الاتهامات المباشرة من لبنان. 

ووصف هرئيل في مقالته لـ"هآرتس"، الاثنين، ما جرى بأنه من ناحية عملية يشهد على أن الوسط السياسي في إسرائيل يعيش في وضع غير مريح. متسائلا: هل كانت هذه العملية مثلا نتيجة إنذار استخباري فوري تم تلقيه في زمن قليل نسبيا قبل وصول قافلة القادة من حزب الله بالقرب من الحدود مع إسرائيل؟ ومن الذي ضغط لتنفيذ العملية من أجل استغلال هذه الفرصة التنفيذية التي توفرت؟ وهل كانت بإيحاء من الوسط السياسي أو بتوصية من المستوى المهني العسكري؟

المحلل العسكري المعروف، ألون بن دافيد، يرى في هذه العملية أنّ إسرائيل فتحت جبهة جديدة على نفسها.

ولكنه رأى في مقال له في "معاريف"، أنّه من من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت عملية التصفية تستحق تنفيذها أم لا، مؤكدا أنّ الإجابة على ذلك ستكون بعد الرد الذي بات مؤكدا، ولكن ليس معروفا أين ومتى.

ونوه بن دافيد إلى أن متخذي القرارات في إسرائيل كما يبدو، يعتقدون بأن تصفية الطبطبائي ومغنية الشاب، هي نجاح استخباري بحد ذاته، يستحق فتح جبهة جديدة، والمخاطرة بالانزلاق إلى حرب.

من جهته، قال الخبير العسكري يوسي ملمان، في تعليقه على العملية: "نرجو ألا يندم من اتخذ قرار التصفية؛ وذلك لأنّ خرق قواعد اللعب كما يبدو جاء من جانب إسرائيل،  وليس معلوما ما إذا كانت هذه خطوة جريئة أم إنها قرار مغامر قد يؤدي إلى حريق كبير في الحدود الشمالية".

وحذر ملمان في صحيفة "معاريف" من حجم المخاطرة التي أقدمت عليها إسرائيل، مذكرا القادة الإسرائيليين بالخطأ الذي  ارتكبوه عام 1992 بتصفية أمين عام حزب الله عباس موسوي، وكانت نتيجته كارثية وما زالت إسرائيل نادمة عليه؛ وبخاصة أن العملية جلبت إلى حزب الله حسن نصر الله، هذا العدوّ العنيد الأكثر شراسة من موسوي، على حد تعبيره.

المستهدفون بالعملية

عاموس هرئيل وصف المستهدفين بالعملية بأنّهم "القادة المجربون" في حزب الله، مؤكدا أن نشاطات الاغتيال هي نجاح تنفيذي مذهل بحد ذاته يخلص إسرائيل من أمثال هؤلاء القادة في حزب الله.

ووصف جهاد مغنية بأنه قائد شاب يعتبر رمزا، إلى جانب قائد آخر هو محمد عيسى، فضلا عن القائد الإيراني طبطبائي. 

وأضاف هرئيل، بحسب أوساط استخبارية عربية، أن مغنية كان مسؤولا عن تركيز شبكات الإرهاب التي يُفعلها حزب الله ضد إسرائيل على الحدود السورية، وكانت هذه الوحدات مسؤولة عن عمليات إطلاق نار وزرع عبوات في هضبة الجولان. ومن المعلوم أن مغنية الابن قد انشغل في التحضير لعمليات إضافية، ويمكن الافتراض أن اغتياله سيصعب عملية تنفيذها في المستقبل القريب.

ونوه إلى أنّه وعلى الرغم من عمره الصغير، فقد تم إعداد جهاد مغنية كرمز للتنظيم، وبالأساس لأن والده عماد، كان رئيس جهاز العمليات في حزب الله إلى أن تمت تصفيته في 2008. 

وأشار هرئيل إلى أن اثنين من الشخصيات الكبيرة التي قُتلت أمس حسب التقارير يرتبطان كما يبدو بقوة خاصة لحزب الله. وهذه الضربة ستساعد إسرائيل في التشويش على الخطط الهجومية لحزب الله.

ألون بن دافيد، رأى في القائد الإيراني طبطبائي اسما يقض مضاجع قادة الجيش الإسرائيلي منذ سنوات، ذلك أنه بدأ طريقه كمقاتل عادي قبل عشرين سنة، وتقدم في سلم المراتب حتى تم تعيينه رئيسا لـ "قوات التدخل" لحزب الله، وهي القوة الهجومية للمنظمة الموازية لقوات النخبة في "حماس"، التي فاجأتنا في الصيف الماضي من الأنفاق. 

وأكد أن الطبطبائي حضّر لسلسلة من العمليات بحيث يكون بإمكانها في وقت الحرب ضخ مئات الرجال من حزب الله إلى أراضي إسرائيل. وهؤلاء كانوا سيحتلون مستوطنات إسرائيلية والسيطرة عليها لعدة أيام، على حد وصف بن دافيد.

أما جهاد مغنية، من وجهة نظره، فهو تفاحة لم تسقط بعيدا عن الشجرة، ولكنه لا يصل إلى مستوى والده عماد. في إسرائيل يعزون إليه إقامة بنية تحتية لحزب الله في الجولان، وفي المستقبل سيعلنون أن تصفيته أحبطت عملية تم التخطيط لها. ولكن هضبة الجولان تقريبا ليست تحت سيطرة الأسد وأصدقائه في حزب الله، والبنية التحتية الإرهابية لمغنية الصغير نجحت حتى الآن في إخراج عدة عمليات للعبوات الناسفة، ليست بالكبيرة، ضد إسرائيل.
       
السيناريوهات المتوقعة 

أكد الخبير العسكري أليكس فيشمان، أنّ ما حصل أمس يمثل سيناريو مناورة عسكرية إسرائيلية للتصعيد في الجبهة الشمالية. 

ورسم فيشمان سيناريو متوقعا لما جرى، سيتبعه، بالقول: "هكذا يمكن أن يبدو مثل هذا السيناريو: إسرائيل تنفذ إحباطا مركزا ضد مسؤولين كبار في حزب الله، بما فيهم شخصيات رمزية، مثل ابن ضابط العمليات الأسطوري عماد مغنية. وعندها تبدأ لعبة الحرب: حزب الله يرد بالنار على الجولان، بعملية ضد قوات الجيش الإسرائيلي على الحدود اللبنانية".

وافترض فيشمان السيناريو الأسوأ بأن يرد حزب الله بإطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، والجيش الإسرائيلي كفيل بأن يرد بشدة أو في رد رمزي يؤشر فيه إلى أنه معني بإنهاء جولة التصعيد هذه.

وتوقع أن يتدهور هذا السيناريو، لتجد إسرائيل نفسها مع حزب الله في "عناق قتالي" خلافا لمصلحتهما، في الحفاظ على الوضع الراهن. 

وأكد فيشمان أن المواجهة لا بد أن تحصل، وهذا الأمر واضح للطرفين. والسؤال هو: متى؟ هل هذه السنة أم بعد أن تتضح الصورة في سوريا؟

من جهته، قال المحلل عاموس هرئيل، إن الهجوم في هضبة الجولان أمس هو حدث دراماتيكي قد يؤدي إلى تدهور الجبهة الشمالية. والمصالح الأساسية للطرفين، غير المستعدين للحرب، ستبقى كما هي. 

واستدرك هرئيل بالقول، إن هذا الوضع المركب أضيف إليه اليوم عامل جديد على شكل عملية مُهينة لحزب الله، بدأت على أثرها أبواق هذا الحزب بالزعيق، متوقعا أن لا يحافظ حزب الله على ضبط النفس بعد هذه العملية.

من جهته، قال الخبير في الشؤون السورية البروفيسور إيال زيسر، في مقالته في "إسرائيل اليوم"، إنّ العملية هي بمثابة اختبار لحسن نصر الله.

وأكد زيسر أنّ نصر الله يجد نفسه اليوم مرة أخرى أمام مأزق متكرر، فهل سيرد على مقتل رجاله في هضبة الجولان.. الرد الذي قد يُشعل الحرب على الحدود الإسرائيلية اللبنانية؟

وتوقع السيناريو الأفضل لإسرائيل، ألا وهو أن يتجاوز حزب الله هذا الحدث ويلمح لإسرائيل بأنه يمكنها الاستمرار في ضربه دون الخوف من أي رد من جانبه.
التعليقات (0)