ملفات وتقارير

هل اكتوى "نداء تونس" بنار السلطة قبل أن يمارسها؟

"فيتو" السبسي قطع الطريق على كتلة "النداء" للوصول للحكومة الجديدة - أرشيفية
"فيتو" السبسي قطع الطريق على كتلة "النداء" للوصول للحكومة الجديدة - أرشيفية
توقّع مراقبون أن تتصاعد حدّة الصراع في الأيّام القليلة القادمة داخل حزب "نداء تونس".

وقال الكاتب والمحلّل السياسيّ صلاح الدين الجورشي لـ"عربي21" إن الحزب يشهد حاليا تراشقا بالاتهامات بين عدد من قياداته، بمحاولات السيطرة على مفاصل صنع قرار داخله، مضيفا أن كوادر مختلفة في "نداء تونس" تسعى إلى فرض نفسها، سواء أكان داخل هياكل الحزب، أم في المشهد الحكومي الجديد.

وتابع: "أصبح واضحا الآن أنّ التناقضات التي كان يكثُر الحديث عنها داخل نداء تونس في مرحلة سابقة؛ قد برزت إلى العلن بين قيادات عليا في الحزب، بسبب عاملَي اختيار شخصية رئيس الحكومة القادمة، والحقائب الوزارية".

ولفت الجورشي إلى أنّ كتلة "النداء" تعتبر رئاسة الحكومة من حقّ الحزب الذي "فرّط" فيها بسبب "فيتو" الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي المستقيل من الحزب، مؤكدا أن عددا كبيرا من نوّاب الحركة "أرادوا أن يتمتعوا بمسؤوليات حكومية، لكن قرار السبسي حال دون ظفر الأغلبية الساحقة بحقيبة وزارية".

وأشار إلى أنّ كتلة "النداء" ترى أن "بعض مستشاري الرئيس السبسي في قصر قرطاج هم الذين يقفون وراء "المظلمة" التي تعرّضوا لها، ما يجعلهم محرومين من دخول حكومة حبيب الصيد".

خلافات الماضي القريب


وكشف مصدر مُقرّب من "نداء تونس" لـ"عربي21" أنّ ما يشهده الحزب الذي تصدّر نتائج انتخابات مجلس الشعب وفاز في الرئاسية؛ هو "في الأصل خلافات سابقة وقع تجاوزها مؤقّتا من أجل الانتخابات، لكنّها طفت على سطح الأحداث بمجرّد الانتهاء من هذه الاستحقاقات".
    
وقال المصدر الذي رفض كشف اسمه، إنّ خلافات الماضي القريب تعمّقت بين قيادات "النداء" بعد فوز الباجي بالرئاسة وعدم تكليف البكّوش بتشكيل الحكومة.

وأضاف أن قرار إلحاق ثلاثة قياديين بالهيئة التأسيسية، هم نجل الرئيس حافظ قايد السبسي، ورئيس مجلس نواب الشعب محمد الناصر، ورئيس الكتلة النيابية محمد فاضل عمران، ضاعف في حدّة الخلافات بين شقّي السبسي والبكّوش".

وتوقّع المصدر أن "يبلغ الصراع على المناصب داخل حزب النداء ذروته؛ خلال المؤتمر التأسيسي للحزب" المنتظر عقده في شهر حزيران/ يونيو القادم.

منطق العائلة


وقال القيادي "خميس قسيلة" بإذاعة جهوية خاصة، إن بوادر انفجار باتت تلوح في أفق "النداء"؛ مضيفا أنّ مُحسن مرزوق ورافع بن عاشور، مستشاري الرئيس السبسي "يمثّلان أكبر خطر على الحزب، وعلى تونس".

وتابع قسيلة في لقاء بإذاعة "كاب أف أم" الخميس الماضي، بأنّ مرزوق وبن عاشور يفكّران بـ"منطق العائلة.. ويرغبان في التحكّم بالحزب وإقصاء كتله في مجلس نوّاب الشعب عن مشاورات الحكومة وتركيبتها، وغيرها من قرارات الحركة".

وشبّه وضع "النداء" اليوم بوضع حزب "المؤتمر من أجل الجمهورية"؛ بعد صعود رئيسه منصف المرزوقي إلى سدّة الحكم بقصر قرطاج، وانقسامه إلى أربعة أحزاب، لافتا إلى أنّ "النداء" سيلقى المصير نفسه، بحسب تعبيره.

وأضاف قسيلة: "أزمة نداء تونس بدأت حين فكّر مَنْ دخل قصر قرطاج في المسّ بالحزب وتوريثه والمقايضة به، ووضعه نصب عينيه تحت الملاحظة المستمرّة" في إشارة منه - بحسب مراقبين - إلى المستشارين محسن مرزوق ورافع بن عاشور.

وانتقد قرار الإلحاق لنجل الرئيس السبسي بالهيئة التأسيسية "بمفعول رجعي"، في أسرع قرار اتخذه الحزب منذ تأسيسه في 16 حزيران/ يونيو 2012، على حد قوله.

وهدّد قسيلة بعدم تصويت كتلته على الحكومة، وقال: "بالنسبة لنا؛ لا يمكن أن نصوّت على الحكومة إلا إذا تمّ الحديث عن المسائل المصيرية للحزب، ووضعه في أياد أمينة، وفتح باب القيادة لكل الكفاءات".

وأضاف: "نريد حزبا فيه مؤسسات، ولا نريد أن يُسيَّرَ من قصر قرطاج، ولا أقصد الرئيس السبسي الذي أرجو أن يتدخّل، لأنّ هناك أوضاعا قد تنسف الحزب".

دكتاتورية جديدة


من جهته؛ واصل القيادي خالد شوكات انتقاده لاختيار "النداء" لوزير الداخلية في حكومة السبسي 2011 حبيب الصيد، لتشكيل الحكومة الجديدة، مستهجنا "أن يعامل الحزب التونسيين على أنّ ذاكرتهم مثقوبة"، في إشارة إلى وعود "النداء" المتعلّقة بتشكيل الحكومة خلال الحملة الانتخابية.

وصرّح شوكات لإذاعة "شمس أف أم" الخاصة، الأربعاء الماضي، بأنّه تعرّض لانتقادات من بعض "الندائيين" بعد تصريحه حول اختيار الصّيد، قائلين له: "قد يُغضب تصريحك السبسي".

وأضاف أن على "النداء" أن يكون "حزبا ديمقراطيا حقيقيا (...) لا أن يؤسس لدكتاتورية جديدة"، معربا عن خوفه من العودة إلى فترة "سيادته لا يريد" و"عنايته الموصولة لا يرغب" و"فخامته يطلب"، في إشارة إلى نظام المخلوع زين العابدين بن علي.
التعليقات (0)