بدأ النظام السوري بتحريك خلاياه "النائمة" في بلدة
مضايا في
ريف دمشق الغربي، بهدف إنشاء ميليشيات تابعة له في البلدة، تحت اسم "الجيش الوطني"، للسيطرة عليها من الداخل وطرد الثوار منها، وذلك من خلال مجموعات سرية توصف بأنها "مافيات الحرب" وبعض العناصر المسلحة التي لا تنتمي لأي تشكيل يتبع للثوار، بعد اغرائها بالمال والوجاهة من قبل عناصر النظام السوري.
وأصدرت كتائب الثوار السورية، ومنها "لواء صقور بردى" و"حركة أحرار الشام الإسلامية" بياناً مشتركاً، أكدت فيه أن كل عمل من هذا القبيل هو مشروع هدف لها، وأنها لن تتهاون مع هذا الأمر مطلقا.
لكن "الخلايا النائمة" لم تستمع لهذا البيان، ليخرج عدد من الشبان للتطوع في ميليشيات "الجيش الوطني"، وردت كتائب الثوار باعتقال خمسة منهم ضمن عمل أمني غير معلن.
وقال الناشط الإعلامي في المدينة "أسامة عبد الرحمن"، لـ"عربي 21": "جيش النظام والدفاع الوطني بادرا عقب اعتقال المتطوعين الجدد من قبل الثوار لاختطاف عشرات المدنيين ممن توضح بطاقاتهم الشخصية أنهم من مضايا، ليعتقل حاجز "التكية القريب من الكتيبة الانتحارية للنظام ما يزيد عن 35 مدنيا خلال ساعات، أثناء توجههم إلى العاصمة السورية – دمشق".
وقد أجبر اختطاف المدنيين من قبل النظام كتائب الثوار على إطلاق سراح المتطوعين لدى "الجيش الوطني"، بعد إصابتهم بطلقات نارية في الأقدام، لمنعهم من التطوع والقتال فيما بعد لدى الميليشيات العاملة إلى جانب قوات النظام في المنطقة.
وأضاف عبد الرحمن: "أفرج النظام السوري عن دفعة من المعتقلين لديه، واحتفظ بقرابة 35 مدنيا لمدة خمسة أيام لديه، ومن ثم بدأ جيش النظام وسلاح الجو التابع له بإلقاء
البراميل المتفجرة على البلدة، وإطباق
الحصار عليها".
ومنع النظام إدخال أي من المواد الغذائية للمدينة، كما استهدف مدرسة "قاسم علي جديد" الابتدائية ومدارس أخرى، ما أوقع إصابات طفيفة لدى بعض طلابها الصغار.
واستهدف قناصة النظام، المتمركزين في مواقع مقابلة للمدينة، المارة في شوارعها، في حين قامت كتائب الثوار بمهاجمة حاجزي "ضهر القضيب" و"المزبلة" في الجبل الغربي لمنطقة الزبداني، وهما من أهم حواجز قوات النظام في المنطقة، قبل السيطرة عليهما لاحقا. وقتل العشرات من جنود النظام، وأسِر عدد آخر منهم، كما تم تدمير ثلاث دبابات، والسيطرة على مدافع مضادة للطيران من عيار 23 مم وذخائر.
وعلى مدى الأيام الماضية، سعت قوات النظام السوري لاستعادة الحواجز التي خسرتها، حيث استقدمت تعزيزات مكونة من ثلاث دبابات وعربات ناقلة للجند، إضافة إلى عدة رشاشات ثقيلة. ونجحت كتائب الثوار بتفجير ناقلة جند وإعطاب دبابة بصاروخ من طراز "كون كورس"، لكن قوات النظام تمكنت من استعادة الحواجز التي فقدتها. ثم هاجم الثوار من جديد قوات النظام على حاجز "المزبلة"، ونجحوا بالسيطرة على دبابتين، إضافة إلى رشاشات ثقيلة وصواريخ مضادة للدروع، فيما سقط عشرات العناصر من قوات النظام بين قتيل وجريح، ليعود الثوار إلى الحاجز مرة أخرى.
وقد عمد النظام بعد ذلك إلى تشديد الحصار على البلدة، ووضع شروطاً لأهالي مضايا، مقابل رفع الحصار عنهم وإيقاف البراميل المتفجرة التي تلقيها طائراته الحربية، من بينها خروج الأهالي بمسيرة مؤيدة له في البلدة. وهنا أعلنت كتائب الثوار عن عدم تدخلها بالشأن الداخلي للأهالي، ولكنها ستقمع أي محاولة للنظام بإنشاء لجان "تشبيحية" داخل البلدة.
في المقابل، أعلن عناصر "
الدولة الإسلامية" اعتراضهم بشكل كلي على خروج المظاهرة، وبدأوا بالانتشار في شوارعها، وذهبت إحدى مجموعات التنظيم إلى إمام مسجد "مضايا الشمالي" وطلبت منه قراءة بيان المنع، وهو ما رفضه الإمام. وتصاعدت التوترات في البلدة، أدت إلى تعطيل صلاة الجمعة، واشتبك عناصر "الدولة" مع المدنيين، وقاموا بإطلاق النار في الهواء بدايةً، ثم أصيب أحد الأهالي في قدمه بشكل مباشر و"ليس بالخطأ"، حسب ما أكده مصدر لـ"عربي21".
الا أن وجهاء البلدة أقاموا اجتماعاً في المسجد الشمالي رغم رفض "الدولة" وتهديدها بمواجهة أي مسيرة بالنار، وخرج المجتمعون بعد ذلك بمسيرة متجهة نحو مبنى البلدية الذي يعد مقراً لقوات النظام، لكن التنظيم استهدف الأهالي ضمن المسيرة بالرصاص الحي، ما أدى إلى مقتل اثنين منهم وإصابة ثلاثة آخرين.
وأضاف المصدر: "الأهالي خرجوا في مسيرتهم مكرهين على ذلك، ولكنهم اعتبروها سبيلاً لفك الحصار عنهم، والسماح لهم بإدخال المواد الغذائية إلى البلدة، في ظل افتقارها للمواد التموينية وانقطاع الكهرباء، وتوقف الأفران عن العمل بسبب عدم تواجد مادة الطحين لتجهيز الخبر للأهالي".
وبدأت حالة من الاضطراب بين الأهالي بين خيارات أحلاهما علقم: العودة والانصياع لأوامر "الدولة"، وبالتالي استمرار الحصار والقصف عليهم من قبل النظام، أو خروجهم في مسيرة إجبارية تقيهم حصارا قد لا يطيقونه، فيصبحون بنظر التنظيم مرتدين وكفرة وجبت مقاتلتهم.
وفي الأثناء، لا تزال قوات النظام مستمرة بالتصعيد العسكري ضد البلدة التي قصفها بالبراميل المتفجرة. ووثق الناشطون ما يزيد عن 35 برميلا متفجرا جديدة استهدفت المنازل، وراح ضحيتها اثنان على الأقل، إضافة إلى إلى إصابات عديدة، ما تسبب في حركة نزوح للأهالي إلى خارج البلدة هرباً من قصف قوات النظام، وتحسباً لمعارك داخلية قد تبدأ بين "الدولة" وكتائب الثوار فيها.