ملفات وتقارير

خمسة رؤساء للمخابرات المصرية خلال أربع سنوات

يعتبر اللواء التهامي أحد أهم قادة الجيش الذين يتحكمون في الأوضاع في مصر  - أرشيفية
يعتبر اللواء التهامي أحد أهم قادة الجيش الذين يتحكمون في الأوضاع في مصر - أرشيفية
تشهد مصر ظاهرة جديدة منذ ثورة يناير عام 2011، حيث تعاقب على رئاسة جهاز المخابرات العامة خمسة لواءات في أقل من أربعة أعوام.

وأصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي قرارا مفاجئا السبت بإقالة اللواء محمد فريد التهامي من رئاسة المخابرات العامة وإحالته للتقاعد، وتعيين اللواء خالد فوزي - رئيس جهاز الأمن القومي - خلفا له، ومنح وسام الجمهورية من الطبقة الأولى للتهامي تقديرًا لجهوده وعطائه طوال مسيرته المهنية، بحسب بيان لرئاسة الجمهورية الأحد.

وقال نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إن إقالة التهامي تعزز القاعدة الجديدة التي تم إرساؤها بعد الثورة وهي عدم استمرار أي رئيس لجهاز المخابرات في منصبه أكثر من عام واحد.

وكان اللواء عمر سليمان قد ترك رئاسة المخابرات المصرية إبان ثورة يناير بعد تعيينه نائبا لمبارك، وتم تعيين مراد موافي خلفا له، وبعد عام واحد أقال الرئيس محمد مرسي اللواء موافي في آب/ أغسطس 2012 ليعين محمد رأفت شحاتة بدلا عنه.

وبقي شحاتة في منصبه عاما واحدا فقط، قبل أن يتم الإطاحة به بعد الانقلاب العسكري في تموز/ يوليو 2013، ليتولى المنصب فريد التهامي، الذي لم يكن أسعد حظا من سابقيه، فأحيل بدوره للتقاعد بعد عام تقريبا من رئاسته للمخابرات، ليجلس اللواء خالد فوزي على الكرسي ذاته الذي لم يستقر عليه أحد أكثر من عام واحد.

إقالة مفاجئة

ولم توضح رئاسة الجمهورية أسباب إقالة التهامي تاركة الباب مفتوحا على مصراعيه للتكهنات حول أسباب هذا القرار المفاجئ، حيث عرف عن السيسي علاقته الوثيقة بالتهامي الذي كان بمثابة "أستاذه" في المخابرات الحربية، ثم أفسح له المجال لخلافته على رأس الجهاز الأهم في القوات المسلحة، وهو الجميل الذي رده له السيسي بتعيين التهامي رئيسا للمخابرات العامة بعد يومين فقط من الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في آب/ يوليو 2013.

وقال لواء المخابرات السابق "سامح سيف اليزل" إن إقالة التهامي من منصبه جاءت بسبب "ظروف صحية صعبة"، مشيرا إلى أنه أدخل المستشفى لتلقي العلاج قبل شهرين، وبعدها سافر إلى الخارج لاستكمال العلاج، حيث يعاني من مشاكل في العظام وأن حالته الصحية ساءت بشكل يستلزم استكمال العلاج بالخارج وترك منصبه.

لكن مراقبين استبعدوا أن يكون مرض التهامي هو الدافع الحقيقي لإقالته، حيث قال الصحفي جمال سلطان رئيس تحرير جريدة "المصريون" - عبر "تويتر" - إن حالة التهامي الصحية جيدة بدليل قيامه بزيارة عمل للسعودية الأسبوع الماضي التقى خلالها بولي العهد ووزير الدفاع ومدير المخابرات.

ونقلت وكالة الأسوشيتدبرس عن مصدر أمني قوله إن إقالة التهامي تأتي في إطار رغبة النظام في ضخ "دماء جديدة" للتعامل مع الوضع الأمني المعقد على نحو متزايد في مصر.

وتزامنت إقالة التهامي مع عدة متغيرات على الساحة السياسية المصرية، أهمها التسريبات الأخيرة التي أذاعتها قناة "مكملين"، من مكتب وزير الدفاع وأثبتت تآمر قيادات المجلس العسكري على الرئيس "مرسي"، وألمح مراقبون إلى احتمال تورط المخابرات العامة فيها للضغط على السيسي.

كما جاءت الإقالة عشية زيارة استثنائية قام بها مبعوث خاص من أمير قطر للسيسي، وإعلان القاهرة والرياض والدوحة فتح صفحة جديدة في العلاقة بين مصر وقطر.

الرجل الغامض القوي 

ويعتبر اللواء التهامي أحد أهم قادة الجيش الذين يتحكمون في الأوضاع في مصر، بينما يجلس في الخفاء، حتى أن صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ذكرت في تشرين الأول/ أكتوبر 2013، أن التهامي هو من شجع السيسي على الترشح لرئاسة الجمهورية.

تخرج التهامي في الكلية الحربية عام 1967، وتولى قيادة سلاح المشاة ثم مديرا للمخابرات الحربية، قبل أن يعينه الرئيس المخلوع حسني مبارك عام 2004 رئيسا لهيئة الرقابة الإدارية - وهي هيئة تراقب التعاملات المالية للمؤسسات الحكومية ومنوط بها كشف جرائم الفساد في الجهاز الإداري للدولة - وتم التجديد له خمس مرات رغم تجاوزه سن التقاعد، حيث كان سهّلَ فساد المقربين من مبارك، وعلى الجانب الآخر استخدم قضايا الفساد لمعاقبة المتمردين من رجال نظامه.

وفي أيلول/ سبتمبر 2012 أقال الرئيس محمد مرسي اللواء التهامي من رئاسة الرقابة الإدارية وأحاله للتقاعد بسبب تورطه في قضايا فساد.

عرف عن التهامي تشدده فيما يتعلق بالمصالحة بين النظام وجماعة الإخوان المسلمين بعد الانقلاب، إذ عارض بشدة توجهات السيسي - في بادئ الأمر - لدمج الإخوان في العملية الانتقالية التي تلت الإطاحة بمرسي، وأكد على ضرورة سحق الجماعة، وعدم منحها أي فرصة للمشاركة في الحياة السياسية مجددا.

ويؤكد كثير من قيادات الإخوان أن التهامي ومعه وزير الدفاع الحالي صدقي صبحي هما صاحبا فكرة فض اعتصامي رابعة والنهضة بطريقة وحشية - رغم وجود إمكانية فضهما بوسائل أقل عنفا - للانتقام من الإخوان، وإحداث حالة من الصدمة للجماعة تسهل من استهدافها فيما بعد.
التعليقات (0)