صحافة دولية

فايننشال تايمز: حملة إصلاح جيش العراق صعبة ومعقدة

فايننشال تايمز: العبادي يواجه ضغوطا لتحويل الجيش العراقي إلى مؤسسة قوية مؤهلة - أ ف ب
فايننشال تايمز: العبادي يواجه ضغوطا لتحويل الجيش العراقي إلى مؤسسة قوية مؤهلة - أ ف ب
كتب مراسل صحيفة "فايننشال تايمز" في القاهرة برزو داراغي، عن الجهود التي يقوم بها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي؛ لمكافحة الفساد والعجز داخل القوات المسلحة العراقية، وإعادة تأهيل مؤسسات الدولة حتى تكون قادرة على مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية. 

ويشير الكاتب لقرار العبادي بفصل 36 ضابطا من كبار قادة الجيش و24 من مسؤولي وزارة الداخلية من مناصبهم في الأسابيع الماضية.  وأعلن العبادي عن حملة شجب للفساد داخل الجيش، حيث كشف عن وجود 50.000 جندي وهمي مسجلين في قوائم الجيش، ويتقاضون رواتب من ميزانية الدولة.

وينقل التقرير عن نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة السابق، ناصر العبادي (لا علاقة قرابة له برئيس الوزراء)، قوله "يتعرض البعض للتحقيق، وهم خائفون من أن يتهموا بأخذ المال".

وتذكر الصحيفة أن الجيش العراقي قد تلقى مليارات الدولارات من الولايات المتحدة على شكل أسلحة ومعدات وتدريب منذ اجتياح القوات الأميركية للعراق عام 2003. لكن انهيار وحدات من الجيش العراقي في الصيف الماضي أمام مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية كشف عن حجم المشاكل التي يعاني منها الجيش، وجاء بمثابة الصدمة الكبيرة لواشنطن. وسمح تراجع الفرق العسكرية العراقية لتنظيم الدولة بالتقدم تجاه مدينة الموصل وغيرها من مناطق البلاد، وهدد مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان.

ويبين التقرير أن العبادي، الذي عاش في بريطانيا وعمل في السابق مهندسا واختير لمنصب رئيس الوزراء بعد تنحية نوري المالكي، الذي حمل مسؤولية الهزيمة، يواجه ضغوطا محلية ودولية لتحويل الجيش العراقي إلى مؤسسة قوية مؤهلة للدفاع عن البلاد واستعادة المناطق التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية وحلفاؤه.

ويستدرك الكاتب بأن العبادي بحاجة للموازنة بين المطالب الحقيقة للإصلاح والحاجة لبناء دعم له داخل قوات الأمن العراقية المعروفة بتاريخها من العنف والفساد.

وتنقل الصحيفة عن الباحث في المجلس الأطلنطي في واشنطن رمزي مارديني، قوله إن "التطهير لا بد منه" في مؤسسات الدولة. مبينا أن "فكرة ثقة رئيس وزراء جديد بمؤسسة وبنية أمنية شكلها سلفه لا معنى لها، فالولاء هو اسم اللعبة".

ويجد التقرير أن هناك الكثيرين ممن يرون في إصلاحات العبادي جزءا من إصلاحات حقيقية، تهدف لإعادة بناء القوات المسلحة حتى تستطيع مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يقدم نفسه حاميا للسنة، ويقاتل ضد حكومة طائفية في بغداد.

ويذهب الكاتب إلى أنه مع ذلك يواجه العبادي صعوبات في اكتشاف جذور الأزمة. ويقول جبار الجابري، الرجل الذي رشحه العبادي أولا لمنصب وزير الدفاع "المشكلة ليست في وزارة الدفاع ولكن في وزارة الداخلية". مضيفا "هناك الكثير من الأسماء المسجلة وتحصل على رواتب ولكنها أسماء وهمية، أو قد تكون موجودة ولكنها لا تذهب للعمل، وعندما نسأل عن عدد الجنود في الفرقة نجد أن 20% منهم غير موجود".

ويعتقد الجابري أن الرقم الذي تحدث عنه العبادي، أي 50.000 من الأسماء الوهمية قد يكون متواضعا، حيث قال إن من بين 42.000 رجل شرطة مسجلين في  منطقة الأنبار هناك 2.000 يحضرون للعمل، وفق التقرير.

وبحسب الجنرال العبادي، يعمل ضباط الجيش في التجارة، حيث يبيعون في السوق السوداء جزءا من الوقود والطعام المخصص للجنود.

ويرى الكاتب أن رئيس الوزراء العبادي يواجه مشكلة تتعلق بالتغيير السريع للقيادة بأكملها في القوات المسلحة، التي قد تؤثر على العمليات العسكرية والحرب التي تعيشها البلاد. فالعبادي، الذي ينتمي إلى حزب سياسي شيعي، ليس لديه جناح عسكري، ودون دعم واسع في القوات المسلحة، قد يخلق له أعداء داخل شبكة السياسة العراقية، التي تقوم على الرعاية والمحسوبية. 

ويعلق الجابري للصحيفة "المشكلة ليست في رئيس الوزراء، ولكن النظام معقد بدرجة أن الكثير في معسكره -العبادي- لا يريدون الإصلاح".

ويرى داراغي أن التركيز الدولي على العراق قد يعمل لصالح العبادي وإقناع الطبقة السياسية في البلد أن الوضع القائم لا يمكن الحفاظ عليه. فالحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية تقودها الولايات المتحدة وتشارك فيها دول عربية خليجية وأوروبية، وسيصادق الكونغرس الأميركي على مساعدة إضافية بقيمة 1.2 مليار دولار لتسليح وتدريب الجيش العراقي. كما عبر الناتو عن استعداده المساعدة في تدريب القوات العراقية.

ويفيد التقرير أنه نظرا لمخاوف الكثير من الأوروبيين والأميركيين من ضياع أموال جديدة جراء الفساد في العراق، فالعبادي سيكون محلا للمراقبة والتدقيق. ويرى الجنرال العبادي أن الدعم الدولي يعتبر مهما لإعطاء رئيس الوزراء النفوذ الذي يمكنه من تحقيق التغيير.

ويختم الكاتب تقريره بالإشارة إلى قول العبادي "لن يتحقق التغيير حتى يحصل على دعم بقية الأطراف له، السنة والأكراد وبقية الجماعات الشيعية.. إيران وتركيا والسعودية ودول الخليج، وأخيرا فهو بحاجة لدعم الولايات المتحدة وبريطانيا وأوروبا، وهو ما حصل عليه حسب اعتقادي".
التعليقات (0)