ملفات وتقارير

خيارات الحوثيين بعد السيطرة على صنعاء

العاصمة سقطت بأيدي المسلحين الحوثيين بسرعة مفاجئة - أ ف ب
العاصمة سقطت بأيدي المسلحين الحوثيين بسرعة مفاجئة - أ ف ب
ماذا بعد سيطرة جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) على صنعاء؟.. قد يكون هذا السؤال هو أكثر ما يشغل بال اليمنيين الآن، كما يشغل غيرهم عقب سيطرة مسلحي الجماعة على العاصمة اليمنية، دون أن يعلنوا أنفسهم كحاكمين لها، حيث لا تزال مؤسسات الدولة قائمة، كما لا يزال عبد ربه منصور هادي رئيسا للبلاد رغم تلك السيطرة.

فالقول إن العاصمة سقطت بأيدي المسلحين الحوثيين، كما القول بأن الدولة لم تسقط، كلاهما صحيح.. لكن لماذا حدث الأمر على هذا النحو؟.

الجواب، هو أن الظروف السياسية التي منعت قوى الثورة السياسية والعسكرية من إسقاط العاصمة والدولة في  ثورة 2011 والانتظار عاما كاملا لأجل التوصل لاتفاق مع نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، فيما عرف بالمبادرة الخليجية، هي ذاتها من تمنع الحوثيين الآن من إسقاط الدولة وإعلان أنفسهم كحاكمين مع أنهم أسقطوا العاصمة عسكريا، وهي من دفعتهم أيضا إلى توقيع اتفاق السلم والشراكة مع الحكومة والقوى السياسية الأخرى، وهو اتفاق يشبه إلى حد ما اتفاق المبادرة الخليجية التي تنحى بموجبها صالح.

فالاتفاق الموقع في 21 سبتمبر/أيلول 2014، وهو ذات اليوم الذي أخضع فيه الحوثيون العاصمة لسيطرتهم عسكريا، يتيح للحوثيين تقاسم السلطة مع القوى الأخرى مع احتفاظهم بالنفوذ الأكبر كمسيطرين فعليين على العاصمة.. لكن لماذا يفضل الحوثيون تطبيع سيطرتهم العسكرية سياسيا على هذا النحو؟ الجواب في النقاط التالية:

الأولى: أن الحوثيين وقد استطاعوا إسقاط العاصمة عسكريا، هم لا يستطيعون إخضاع كل اليمن، فإن أعلنوا عن أنفسهم كنظام بديل للنظام الحالي انطلاقا من سيطرتهم على العاصمة، لا يجعل ذلك منهم قادرين على إخضاع كل اليمن، فالجنوب قد يقرر الانفصال كما المحافظات الشمالية الشافعية (السنية)، وقد يؤدي ذلك إلى الفوضى والحروب الأهلية، وفضلا عن القوى السياسية والدينية المناهضة للحوثيين، لا تزال هناك قوات عسكرية لا يستهان بها لم تسقط بعد في تلك المناطق.

الثانية: أن إبقاء الحوثيين على مؤسسات الدولة قائمة كما النظام السياسي يتيح للقوى السياسية الأخرى، الانخراط في الفعل السياسي من خلال مؤسسات الدولة والنظام السياسي، وإعلان الحوثيين تفردهم بذلك وسيطرتهم على الدولة لا يجعل لتلك القوى من خيار آخر غير حمل السلاح ومقاومتهم.

الثالثة: أن إعلان الحوثيين سيطرتهم على الدولة في اليمن قد لا يلاقي القبول الإقليمي والدولي، لا سيما أن البلد في وضع اقتصادي صعب يحتاج فيه إلى الدعم الاقتصادي من تلك الدول في الخليج والعالم، وقد يؤدي وقف هذا الدعم إلى الانهيار الاقتصادي الأمر الذي لن يمكن الحوثيين من إحكام سيطرتهم على البلاد.

وكان القيادي الحوثي علي البخيتي كتب مقالا مؤخرا يحذر فيه جماعته مما قال إنه الوقوع في هذا الفخ إن هم فكروا في السيطرة على الدولة.

الأمر الآخر أن تلك السيطرة قد تجعل دول معينة، تفكر في دعم جماعات مذهبية لمقاومة السيطرة الحوثية التي تجد في سيطرتها على اليمن سيطرة لإيران أيضا في حديقتها الخلفية.

الرابعة: أن الدولة هي من تقوم بمحاربة تنظيم القاعدة الآن، وإسقاط الدولة يجعل الحوثيين في مواجهة مباشرة مع القاعدة التي قد تجد لها حواضن شعبية كبيرة إن سقطت الدولة في المحافظات التي تختلف مذهبيا مع الحوثيين.

ومع عدم إعلان الحوثيين أنفسهم كحاكمين لليمن، يبقى السؤال المهم: ما هو مستقبل تلك السيطرة المسلحة للحوثيين على العاصمة؟

ليس هناك جواب حاسم على هذا السؤال، ولكن من بين عدة خيارات،هي : إعلان الحوثي عن نفسه حاكما، أوانسحابه لصالح الدولة وسيادتها، أو استمرار الحالة الراهنة حيث بقاء سيطرته المسلحة مع بقاء مؤسسات الدولة قائمة، يكون الخيار الأخير هو الأكثر احتمالا والمفضل لدى الحوثي.

وهنا سؤال آخر قد يتبادر إلى الذهن وهو: على أي شكل يمكن أن تستمر هذه السيطرة، هل تبقى على ما هي عليه الآن، حيث سيطرة المسلحين الحوثيين ظاهرة للعيان في أهم شوارع العاصمة وإلى جانب أهم المؤسسات الحيوية في الدولة، أم يتم تطبيعها في شكل ومظهر آخر؟

الأرجح، أن استمرار المظهر الأول (الراهن) لفترات أطول لن يكون مقبولا مع الوقت وسيتسبب للحوثيين بالكثير من الحرج مع القوى المحلية والدولية، وهو ما سيدفعهم إلى القبول بتطبيعه في مظهر آخر، ويتوقع أن يتم ذلك على شكلين، الأول هو دمج المسلحين الحوثيين في القوات النظامية للدولة، ولا يخفي الحوثيون رغبتهم في هذا الأمر منذ مشاركتهم في مؤتمر الحوار الوطني.

والثاني هو سحب المسلحين الحوثيين في نطاق معين من العاصمة يتوقع أن يكون حي (الجراف) في الضاحية الشمالية للعاصمة حيث نفوذ الجماعة الأكبر على غرار الضاحية الجنوبية في بيروت بالنسبة لحزب الله الذي يبدو كملهم للحركة الحوثية في اليمن.

ذلك ما يتوقع لتطبيع مظهر السيطرة المسلحة للحوثيين على العاصمة في المستقبل، لكن ما هي التوقعات لمستقبل نفوذهم السياسي المكتسب مع هذه السيطرة؟.

الجواب هو أنه سيستمر ما داموا قادرين على فرض سيطرتهم المسلحة على العاصمة في أي وقت، وإن تراجعت مظاهرهم المسلحة إلى الخفاء في القوات النظامية أو في مربع الضاحية الشمالية على غرار ضاحية حزب الله في جنوب بيروت، سيكون نفوذ الحوثيين السياسي شبيها بنفوذ حزب الله في لبنان.

ففي اتفاق السلم والشراكة الموقع مؤخرا مع الحكومة والقوى السياسية الأخرى ضمن الحوثيون لأنفسهم الحق في الاعتراض على تسمية رئيس الوزراء والوزراء إن كان أحدهم لا يروقهم، وهو أمر يشبه إلى حد ما مفهوم الثلث المعطل في لبنان، كما ضمنوا أيضا حق الترشيح ليس لرئيس الحكومة والوزراء فقط، وإنما يشمل ذلك كل أجهزة الدولة التنفيذية كمحافظي المحافظات ومدراء المديريات ومدراء أهم المؤسسات المدنية والعسكرية على حد سواء، ويفسرون ذلك بمفهومهم للشراكة وقد ضمنوها نصوصا في الاتفاق الأخير.

لكن، هل تؤدي تلك الحالة إلى الاستقرار السياسي في اليمن، أم هي تدفع بالبلد إلى الفوضى والحروب الأهلية؟. في الحقيقة، لا أحد يستطيع أن يقدم جوابا حاسما بهذا الشأن، فأي الاحتمالين يمكن أن يحدث.
التعليقات (4)
احمد الجابر
الإثنين، 06-10-2014 06:06 م
لايهم اين سيتجه الحوثي في اليمن فقد ابتلعها وانتهى والقوى اليمنيه وبالذات الاصلاح وان جنب نفسه خيار المواجهه في المره الاولى فلن يستطيع في الثانيه والمستقبل اليمني بين خيارين كلاهما مر الاول ان يخضع للحوثيين وان يقبل بنهايه الجمهوريه اليمنيه والثاني ان يدخل في التقسيم بحرب او بدونها وهو ماتميل له جماعه الحوثي بان تتخلص من المحيط السني المتجانس في اليمن اوتحييده ولو لحين حتى تتفرغ للمملكه السعوديه والتي تتحمل كبر مسئوليه سقوط صنعاء بيد الحوثيين ياسادتي لم تسقط صنعاء في21/9/2015بل سقطت الرياض اما صنعاء فلم تخرج من ايدي الزيديه وقبائل الشمال حتى تسقط ولمن يعتقد ان الامر سيطول قبل بدء الاشتباك بين الحوثي والسعوديه فهو واهم واننا لا ااعطيهاكثر من عام من الان في احسن الاحوال
ابو رياض
الإثنين، 06-10-2014 04:06 م
اللهم جنب اليمن الفتن
abdilullah
الإثنين، 06-10-2014 03:09 م
الصحفي انيس منصور الله معكم صاحباً ورفيقاً .. لم أكن ممتناً لموقف في حياتي كإمتناني لموقف قيادة ا?ص?ح في إيقاف الحرب .. حق على كل إص?حي بل ويمني أن يقبل رأس اليدومي وكهوله .. لكل الغاضبين واصحاب العض?ت والفتوة في ا?ص?ح وايضاً المراهقين من الشامتين والمتشفين من الحوثيين واصدقائهم؛ أقول لهم؛ لو? هذا القرار لكانت امك أو اختك أو ابنتك ا?ن في مخيمات ا?يواء وال?جئين تبحث عن لقمة أو ملبس أو لحاف للبرد .. ولرأينا ك?ب الخليج - المتسببه لما نحن فيه - تحضر لليمن بالمساعدات ومعها عقود الزواج والمتعة، ولو? هذا القرار لكانت دماء المعارك مسكوبه أنهار ? تنضب في أغلب المدن الشمالية .. ولو? هذا القرار أيضاً لكان الرئيس الفاشل في عدن يعلن نقل العاصمة ومن ثم ا?نفصال ا?جباري.. أصدقائي جميعاً.. هذه أرضكم وهؤ?ء جميعاً أهلكم " إما أن نعش كإخوة أو نهلك جميعاً كحمقى .." عليكم جميعاً أن تعطوا للحوثيين فرصة .. وأن تتحملوهم حتى يحددوا هم مصيرهم .. فإما أن يتعلموا وأن يعيشوا من دون حروب أو يستمروا في إشعال حروبهم التي ستحرقهم بأيديهم .. فا?نتقام ? يلد إ? ثأراً .. والثأر ? يجلب إ? إنتقام .. سألتني والدتي البارحة هل نغادر صنعاء يا إبني .. قلت لها ? تغادري مازال في صنعاء شباب ا?ص?ح والله معهم .. غداً يتحركون ويعيدوا نثر البذور وسيسقوها لتنبت يمناً جديد .. ? قلق .
سليمان الشبواني
الإثنين، 06-10-2014 01:00 م
لا يوجد مقارنه بين 26 مليون يمني وجماعه مسلحة لا تتعدى 11 الف جاهلة لا تعرف سوى القات والرشاش وان دعمتهم ايران الوضع اللقتصادي منهار ولم تستطع الدولة معالجته فضلا عن حركة متمردة ومنبوذه من كل اطياف المجتمع