رياضة عربية

مصري بلا يدين يقوده التحدي لممارسة تنس الطاولة بفمه

يخوض حمدتو منافسات المعاقين - الأناضول
يخوض حمدتو منافسات المعاقين - الأناضول
أن تلعب رياضة "تنس الطاولة" وأنت لديك إعاقة بالقدمين فهذا جائز، حيث يجلس كلا اللاعبين على كرسي متحرك ويمارسان اللعب، وأن تلعبها ولديك إعاقة في إحدى اليدين، فهذا جائز أيضا، ولكن من الصعب أن تلعبها وأنت بلا يدين.

الرياضي المصري إبراهيم الحسيني حمدتو صنع المستحيل، وأصبح أول رياضي في العالم يمارس تلك اللعبة وهو بلا يدين، وحصل على المركز الثاني في بطولة إفريقيا للمعاقين عام 2010، رغم أن مافسيه في كل المباريات رياضيين لا يعانون من إعاقة باليد.

قصة "حمدتو" مع الإعاقة بدأت منذ كان طفلا في المرحلة الابتدائية، حيث تعرض لحادث مأساوي فقد على إثره كلتا يديه، ولكنه لم يفقد الإرادة والتحدي، فكان قراره أن يمارس رياضة لا تلائم إعاقته وهي "تنس الطاولة".

تفكير "حمدتو" في تنس الطاولة تقف وراءه قصة وقعت أحداثها في أحد مراكز الشباب (عبارة عن أندية صغيرة في القرى والأحياء الشعبية) بمحافظة دمياط (شمال القاهرة)، يحكيها بكل فخر واعتزاز.

يقول: "لعدم قدرتي على ممارسة رياضة تنس الطاولة تخصصت في تحكيم منافسات تلك الرياضة بين أبناء جيلي بمركز شباب "كفر سعد"، وفي أحد المرات اتخذت قرار بأحقية أحد اللاعبين في نقطة من النقاط، فاعترض اللاعب الآخر، قائلا (كيف تحكم وأنت لا تمارس اللعبة)".

لم يغضب حمدتو ولم يثور بعد أن تلقى هذه الكلمات القاسية، لكنه حولها إلى طاقة صنعت أول رياضي في العالم يلعب تنس الطاولة مستخدما فمه، كبديلا عن اليدين.

ويعود "حمدتو" إلى هذه اللحظات الفارقة في مسيرته الرياضية، قائلا: "أخذت في اليوم الذي تلقيت فيه هذه الكلمات القاسية أحاول إمساك المضرب بفمي ووجدت نفسي قادرا على ذلك، وبمساعدة شخص آخر كان يرسل لي الكرة وأحاول صدها بالمضرب وهو في فمي، وجدت أن المسألة ممكنة وليست مستحيلة .

"ولكن هل سيتواجد هذا الشخص معي يوميا لمساعدتي على إتقان اللعبة؟" كادت الإجابة على هذا السؤال تقود "حمدتو" إلى الإيمان أن هناك استحالة في ما يفعله، ولكن الصدفة قادته إلى الحل، وكان هذا الحل هو استخدام قدمه اليمنى.

يقول: " كنت أجلس في مركز الشباب أفكر في الحل، وكان هناك شباب يمارسون اللعبة، وقام أحدهم بضرب الكره بعنف لتصل إلى موضع قدمي في المكان الذي كنت أقف فيه بالمصادفة بدون ارتداء حذاء، فامسكت بالكره بإصابع قدمي وارسلتها لهم، واكتشفت بالتالي أن بإمكاني استخدام نفس الطريقة في ضربة الارسال".

ويواصل سرد قصته: " في نفس هذا اليوم وبعد أن فرغ مركز الشباب من كل مرتاديه، أخذت نصف الطاولة ، ووجهتها للحائط وأخذت ارفع الكره بأصابعي وأقذفها تجاه الحائط باستخدام المضرب الذي وضعته في فمي، لترتد الكره لي، وأكرر نفس الحركة".

ظل حمدتو يقوم بهذا التدريب لفترة طويلة واجهته خلالها صعوبات بالغة، كان أكثرها قسوة آلام في الرقبة، لأنها تتحرك يمينا ويسارا حركات متتالية لاستقبال الكره، لكنه أصر على الاستمرار، وكانت النتيجة في النهاية أن الرقبة تعودت على هذه الحركات ولم يعد الأمر مؤلما بالنسبة له.

وانتقل أول لاعب في العالم لتنس الطاولة بفمه، من مرحلة التدريب مع الحائط، إلى مرحلة التدريب مع اللاعبين، ليصل الأمر بعد ثلاثة أعوام من المقولة الساخرة التي أيقظت المارد بداخله، إلى مواجهة اللاعب صاحب هذه المقولة، ويقهره في مباراة شهدها أعضاء مركز الشباب.

ومن تاريخ هذه المباراة في نهاية الثمانينات، بدأ حمدتو مسيرة احترافية مع تنس الطاولة، وحصل على عدد من البطولات منها الميدالية الذهبية في بطولة أفريقيا للمعاقين 1991 والمركز الرابع في بطولة العالم للمعاقين 2006 وحصل على الميدالية الفضية في بطولة أفريقيا 2010 .

ويقول الصالحي: "حاولنا مع الاتحاد الدولي للعبة إيجاد تصنيف للمعاقين يناسب حمدتو، ولكن لم نفلح، لأنه اللاعب الوحيد في العالم الذي يلعب بفمه".

ويخوض حمدتو منافسات المعاقين ضمن ما يعرف بـ " الفئة السادسة " للمعاقين، وأفراد تلك الفئة لديهم إعاقة بالقدم، لكنه يستخدمون اليد، ولذلك فإن ما يحققه من نتائج هو "إنجاز"، كما يقول كل من يشاهده وهو يلعب.

ويخضع حمدتو لاشراف دائم من أطباء متخصصين في الرقبة والاسنان، تم الاتفاق معهم من خلال شركة متخصصة في التسويق الرياضي تشرف على نشاط اللاعب.

ويضيف الصالحي: " أسنانه التي يمسك بها المضرب، ورقبته التي يحركها يمينا ويسارا لاستقبال الكره هي كل رأس ماله، ولابد أن تحظى برعاية خاصة".
التعليقات (0)